رغم أن الجزء الأكبر من الأنشطة في الولايات المتحدة غارق في حالة من الكآبة، بوصول معدلات البطالة إلى نسبة قدرها 9.6 % إلأ أن مؤسسات وول ستريت، التي يُحمِّلُها كثيرون مسؤولية الأزمة المالية، بدأت تعود لسابق عهدها كغرف محركة للثراء والازدهار والرخاء.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: تزامناً مع مسلسل الأحداث الاستثنائية التي وقعت على مدار السنوات القليلة الماضية في ما يخص الوضع الاقتصادي داخل أميركا، وتأثيرات ذلك على الوضع الاقتصادي العالمي، قال أندرو كلارك، الذي عَمِل لمدة أربعة أعوام مراسلاً في الشؤون الاقتصادية لصحيفة الغارديان البريطانية من الولايات المتحدة، إن نشاط الشركات بدأ ينمو من جديد، بعد فترة ركود طويلة.

ورغم اعتراف كلارك، بعد تلك السنوات الأربع الصاخبة، بأن الجزء الأكبر من الأنشطة في الولايات المتحدة غارق في حالة من الكآبة، بوصول معدلات البطالة إلى نسبة قدرها 9.6%، وهي النسبة التي تعتبر أسوأ من النسبة الموجودة في بريطانيا، وهي 7.8 %، مع وصول متوسط سعر المنزل هناك إلى 182.600 ألف دولار، مقارنةً بـ 230 ألف دولار في 2006، وارتفاع الدين الوطني الأميركي من 8.5مليارات إلى 13.4مليار دولار في غضون أربعة أعوام، إلا أنه مضى ليؤكد أن جزءًا كبيراً من الولايات المتحدة يصارع الآن من أجل الخروج من أكبر أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم.

مع هذا، أشار كلارك إلى أن مؤسسات وول ستريت، التي يُحمِّلُها كثيرون مسؤولية التسبب في حدوث الأزمة المالية، بدأت تعود إلى سابق عهدها كغرف محركة للثراء والازدهار والرخاء. كما أوضح كلارك أن فشل بير ستيرنز وليمان براذرز، وكذلك خطة الإنقاذ الحكومية للنظام المالي التي قُدِّرت بـ 700 مليار دولار، قد بدأ يذهب كلها تدريجياً إلى طي النسيان.

ثم لفت إلى بدء تحسن الأوضاع في البنوك، والحانات، والمطاعم، مع ارتفاع أسعار العقارات في مانهاتن بنسبة 9 % خلال عام، مدعومةً بمكافآت وول ستريت، التي يبلغ قدرها في المتوسط 123.850 ألف دولار.

وأشار كلارك إلى أن الصناعة المصرفية الأميركية، التي يعمل فيها 1.86 مليون شخص، حققت أرباحاً قدرها 21.6 مليارات دولار في الربع الثاني من العام الجاري ndash; وهي أفضل فترة لها منذ انتهاء الطفرة الاقتصادية أواخر عام 2007. أي إن الصناعة بدأت تعود إلى ما كانت عليه تقريباً.

ونقل كلارك هنا عن ريتشارد رامسدين، كبير المحللين المعنيين بالشؤون المصرفية في غولدمان ساكس، قوله quot;يمكنك بناء نظام مصرفي لا يفشل فيه أي بنك على الإطلاق، ولا يوجد فيه أي ضغوط. لكن سيكون هناك مقابل لذلك. ولن يكون هناك نمو اقتصادي من الناحية العلمية، لأنه لن يكون هناك خلق ائتمانيquot;.

ولفت رامسدين في السياق نفسه إلى أن quot;وول ستريت لم تتغير نتيجة للأزمة الائتمانية في واقع الأمر. فلم يكن هناك تغير محوري. وبالنسبة إلى النظام المصرفي، فإنه يتعرض لضغوط أقل، وبالتالي فهو محفوف بقدر أقل من المخاطر عما كان من قبلquot;، معتقدًا أنه quot;سيظل على هذا الوضع لبعض الوقت، لكن الأعمال الأساسية لم تتغيرquot;.

وأوضح كلارك بعد ذلك أن أحداثاً لم يكن أحد يتخيلها قد وقعت في تلك الفترة بصورة سريعة للغاية، وكانت تغطيتها (وفقاً لمصطلحات الاقتصاد الصحافية) أشبه بتغطية معركة حربية. ثم ذهب كلارك في سياق حديثه عن تداعيات الأزمة الاقتصادية خلال العامين الأخيرين داخل الولايات المتحدة، لينقل عن نيكولاس كولاس، مدير البحوث في شركة BNY Convergex المعنية بالتكنولوجيا المالية، قوله quot;لقد كشفت أزمة الائتمان حالة الهشاشة الكبرى التي يعانيها الاقتصاد العالمي. وهناك أوراق نقدية وعملات معدنية أميركية بقيمة تقدر بحوالى 850 مليار دولار، يوجد النصف منها تقريباً في الخارج. وهو ما يعني أن هناك ما يزيد بقليل عن 400 مليار دولار من الأموال الفعلية الموجودة في أكبر كيان اقتصادي في العالم، الذي يقدر الناتج المحلي الإجمالي السنوي به بـ 14مليار دولارquot;.

وبعد لفته الانتباه إلى التقلبات التي شهدتها مدن أميركية عدة نتيجة لتفاوت الأوضاع المالية والاقتصادية، تابع كلارك حديثه بالقول quot;ما لم تكن الحكومة قد قامت بإنقاذ النظام المالي، فإن معظم، إن لم يكن كل المؤسسات الكبرى في وول ستريت، كانت ستفشل. لكن لم يكن هناك قدر كبير من الندمquot;. وفي ظل هذه الأجواء التي تهيمن عليها حالة من عدم الوضوح، أكد كلارك أن هناك اعتقاداً حقيقياً بأن الناس الذين عبثوا بمواردهم المالية الشخصية لا يقبلون تحمل قدر كاف من المسؤولية.

وأورد عن آدم سوزمان، مدير البحوث في مجموعة quot;تابquot; للاستشارات المالية، قوله quot;لا ترى الناس يتحملون مسؤولية مقدار الائتمان الذين قاموا باستهلاكه. والتركيز كله منصب على ممارسات التسويق التي خدعت المستهلكين المطمئنين لأخذ قروض لا يمكنهم تحملهاquot;. وقال سوزمان أيضاً إن العالم المالي تعلم الآن أن يكون أكثر حذراً. فيما لفت كلارك من جانبه إلى توافر أدلة على أن هناك موقفاً أكثر حذراً بشأن الأسواق المالية. في الوقت نفسه، أكد أن المصرفيين كانوا حريصين على الدفاع عن حقوقهم المتعلقة برواتبهم، على اعتبار أن الأزمة لم تكن خطأهم، حسب وجهة نظرهم.