واشنطن: يعتبر تراجع سعر الدولار مفيدًا للولايات المتحدة على الأصعدة كافة، إذ يسمح بدعم النمو، ويحفز في الوقت نفسه تضخمًا مطلوبًا في ظل اقتصاد يخشى انهيارًا في الأسعار.

وحين تكون عملة بلد ما ضعيفة، فهذا يعتبر بصورة عامة مكسبًا للمصدرين الوطنيين، إذ يمنح منتجاتهم في الخارج أفضلية على منتجات الدول الأخرى على صعيد مقارنة الأسعار.

وفي وقت يسجل ضعف في الطلب الداخلي الأميركي، يتوقع أن يستمر لفترة من الوقت، فإن التراجع المسجل أخيرًا في سعر الدولار يمكن أن يحرك انتعاشًا اقتصاديًا ما زال ضعيفًا من خلال تشجيع الصادرات. غير أن تنافسية سعر صرف العملة الوطنية لديها انعكاس سلبي، إذ تتسبب عادة بتضخم في البلد الذي يشهد تراجعًا في سعر عملته، حيث تزيد من كلفة المواد المستوردة.

لكن في ظل الظروف الاقتصادية الخاصة بالولايات المتحدة، فإن حتى ذلك يتحول إلى مكسب، إذ يعتبر مسؤولو الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) أن التضخم الحالي ضعيف إلى حد يدعو إلى القلق، وهم يسعون بكل الوسائل إلى تجنب انكماش معمم في الأسعار والرواتب، ما سيشكل في حال حصل كارثة يكون الخروج منها في غاية الصعوبة.

وكتب محللو شركة الاستثمارات أوريل اي تي سي بولاك الخميس في دراسة بعنوان quot;دولار ضعيف بدون عواقب؟quot; أن التضخم الناتج من انخفاض سعر الدولار quot;يخفف الضغوط الانكماشية على المنتجين المحليين. ومن الواضح أن هدف الاحتياطي الفدرالي تحريك التوقعات التضخميةquot;.

والتراجع الحالي في سعر صرف الدولار مرتبط إلى حد بعيد بالسياسة النقدية التي يعتمدها الاحتياطي الفدرالي، إذ يعلن بشكل واضح تصميمه على إبقاء معدلات فوائده القريبة الأجل بأدنى مستوياتها لفترة طويلة، ويتحدث حتى عن اتخاذ تدابير إضافية لخفض المعدلات البعيدة الأجل أكثر مما هي عليه.

وإذا أضيف إلى كل ما سبق ضعف الانتعاش الاقتصادي، فإن الولايات المتحدة تفقد من جاذبها بنظر المستثمرين الذين سيتوجهون إلى بلدان أخرى بحثًا عن مردود أكبر، ما يساهم أيضًا في تراجع الدولار. والإجراءات التي يدرسها الاحتياطي الفدرالي تقضي بزيادة السيولة وتيسير القروض وفق ما يعرف بـquot;التدابير غير التقليديةquot;.

وازداد احتمال لجوء الاحتياطي الفدرالي إلى هذه الوسيلة الجمعة حين اعتبر رئيسه بن برنانكي أن مستوى النمو الاقتصادي والتضخم منخفض إلى حد خطر. وبلغ سعر صرف الدولار منذ مطلع الشهر أدنى مستوياته منذ كانون الثاني/يناير بالنسبة إلى سلة من العملات الأجنبية الكبرى، وقد ساهمت تصريحات برنانكي في تراجعه.

ويرى محللو مورغان ستانلي أن quot;النتيجة غير المقصودة أو الضمنية، ولو أنها مفيدة، لضخ المزيد من السيولة ستكون الإبقاء على الضغوط التي بدأت تظهر في اتجاه تراجع سعر الدولار لفترة طويلة من الزمنquot;. وهذا ما أقر به احد مسؤولي البنك المركزي إريك روزنغرن الخميس.

وقال ردًا على صحافي في شبكة سي ان بي سي سأله إن لم يكن يخشى أن يؤدي تدخل جديد لمؤسسته في الأسواق إلى إضعاف الدولار لفترة طويلة، إن quot;إحدى معطيات المشكلة الواجب علينا حلها هو أن نسبة التضخم ضعيفة أكثر مما ينبغيquot;. وهذا يعني أن كل الوسائل ممكنة لتحريك التضخم.

وفي وقت تتصاعد مخاوف من حرب عملات تشنّها القوى الاقتصادية الكبرى، من خلال تخفيض سعر عملاتها لدعم صادراتها، رأى ينس نوردفيغ الخبير الاقصادي في شركة السمسرة اليابانية نومورا أنه من غير المتوقع أن تواجه سياسة الاحتياطي الفدرالي اعتراضات في العالم.

وتساءل quot;من الذي يمكن أن يبدي مأخذًا على الولايات المتحدة؟quot;، مضيفًا أن quot;كل من يحرص على صحة الاقتصاد العالمي يود أن تتجنب أميركا انكماشًا ماليًاquot;.