يعد الحذر العنوان الأبرز في قانون المالية في المغرب لسنة 2011، الذي حضّر وسط ظروف اقتصادية صعبة بسبب تداعيات أزمة اليورو، ما جعل الحكومة، في نظر المحللين، تركز على quot;التقشف، الأمر الذي نفاه وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، مشيرًا إلى أن quot;هذا المشروع فيه صرامة في تدبير نمط عيش الإدارة المغربيةquot;.

____________________________________

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تزايدت حدة اللغط حول المشروع المالي لسنة 2011، إذ فيما ترى النقابات أنها quot;غائبة عنهquot;، يعاتب محللون على الحكومة لجوئها إلى الاقتراض من الخارج، وتعتبر بأن هذا quot;مجرد حل ترقيعيquot; لن يخدم مصلحة البلاد مستقبلاً.

غضب نقابي
قال عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، إن quot;الموظفين غائبين في ميزانية 2011quot;، مضيفًا quot;لسنا واردين في أجندة هذا المشروعquot;. وأوضح العزوزي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;غيبونا نحن، وغيبوا الحوار الاجتماعي، وعلى كل حال ما كان متفق عليه أن دورة أبريل/نيسان ستناقش في أفق الميزانية المقبلة، فإذا بلا دورة أبريل ولا دورة سبتمبر/أيلول لم تجر خلالها الحكومة الحوارquot;.

وتستعد الفيدرالية، إلى جانب الاتحاد العام للعمال في المغرب، والاتحاد الوطني للعمل في المغرب، والاتحاد النقابي للموظفين (الاتحاد المغربي للعمل)، إلى خوض إضراب عام إنذاري، يوم 3 من الشهر المقبل.

من جهته، قال علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، quot;نحن نعتبر أن مشروع ميزانية 2011 ما هو إلا بمثابة ميزانية لتدبير الأزمة، باعتبار أنه تم اللجوء مرة أخرى للمناهج نفسها في إعداد الميزانية السنوية، التي تعتمد أساسًا على المقاربة الماكرو اقتصادية، والتي تؤدي في آخر المطاف إلى الإجهاز على العديد من المكتسبات في المجال الاجتماعي، خاصة في ما يتعلق بمناصب العمل، إذ إن هناك تراجع في فرص العمل من 23 ألف في السنة الماضية، إلى 16 ألف فرصة عمل في السنة الجاريةquot;.

أما الجانب الثاني، يوضح علي لطفي في تصريح لـ quot;إيلافquot;، فيتجلى في quot;استمرار الضغط الضريبي على الأجور، وكذلك ارتفاع الضريبة على القيمة المضافة التي تمس بالدرجة الأولى القدرة الشرائية للمواطنين. وكنا نأمل مع هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار أن تلجأ الحكومة من خلال هذه الميزانية إلى التقليص من الضريبة على القيمة المضافة، والاستمرار في دعم المواد الأساسية، إلا أن ذلك لم يحدثquot;.

أما الملاحظة الثالثة، يضيف الكاتب العام للمنظمة، quot;نظرًا للتأثيرات العالمية الدولية على الاقتصاد الوطني، وتراجع العدد من المؤشرات في المجال الاقتصادي والاجتماعي، لجأت الحكومة إلى الحلول الظرفية والترقيعية من خلال الاقتراض مرة أخرى من الخارج، ورهن مستقبل بلادنا بيد المؤسسات الدولية المقرضة. إذ نسجل اليوم ارتفاعًا كبيرًا لا بالنسبة للمديونية الداخلية ولا الخارجيةquot;.

تقشف.. أم لا
أكد عبد السلام أديب، محلل اقتصادي، أن quot;مشروع الميزانية المقبلة يركز على التقشفquot;، مشيرًا إلى أن quot;هذا يعد اعترافا بأن الأزمة ضربت المغرب بشكل كبيرquot;.

وأوضح عبد السلام، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;لجوء الحكومة إلى الاقتراض رفع نسبة المديونية إلى الضعف. فقبل سنوات كانت نسبة المديونية 20 %، ثم تقلصت إلى 10 %، وحاليًا عادت مجددًا لترتفع إلى الضعف، بسبب تفكيك الرسوم الجمركية، وتخفيض الضرائب، وهذا يضع المملكة في موقف ضعف أمام الدائنينquot;.

هذا الاتهام بـ quot;التشقفquot; كان وزير المالية والاقتصاد نفاه، مؤكدًا أن quot;مشروع قانون المالية لسنة 2011 ليس تقشفيًا، كما تدعي بعض الجهات، لكن فيه صرامة في تدبير نمط عيش الإدارة المغربيةquot;.

وذكر المسؤول الحكومي، خلال لقاء صحافي، الخميس الماضي، في الرباط، أن quot;الحكومة واجهت الانتقادات نفسها عندما قدمت توقعات قانون المالية للسنة الجاريةquot;، مبرزًا أن quot;المعطيات أكدت صحة توقعات الحكومة، إذ تحقق نمو بنسبة 5 %، ما يؤكد أن الحكومة تضع توقعاتها على أسس حكيمة وحذرةquot;.

وأوضح أن الحكومة بنت هذه التوقعات على اعتبار أن الأزمة المالية لم تمس موارد النمو المتجددة، إذ تطورت الخدمات والخدمات المالية، كما نما القطاع الثالث بنسبة 55 %، فضلاً عن استرجاع نمو بعض القطاعات، وتسجيل تحويلات هيكلية.

وأشار مزوار إلى أنه quot;يمكن الجزم أن اختيارات الحكومة كانت جيدة وسليمة، كما حافظنا على الثقة على المستوى الداخلي والدولي، إذ توجهنا نحو الطلب، بدعم وتيرة النمو، واستجبنا لمتطلبات المغرب المتناميةquot;، مؤكدًا أن الاقتصاد الوطني كشف عن مناعته بفضل المنهجية، التي اتبعتها الحكومة منذ ظهور بوادر الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، رغم أن مستوى النمو العالمي المطبوع بتقلبات أسعار النفط، وعدم استقرار أسواق أسعار الصرف، سيظل هشًا ومتباينًا، حسب الجهات.

وقال مزوار إنه، منذ 4 سنوات، تقر ميزانية الدولة دون اللجوء إلى مداخيل الخوصصة أو المداخيل الاستثنائية، ما شجع الحكومة على تنمية الاستثمارات الواعدة وتطوير مجهودات الدولة، معلنًا أن الحكومة اتخذت تدابير لجلب الرساميل العالمية، وأن هذه التدابير ستؤدي إلى أن تفتح المقاولات حوالي 7 % المائة من رساميلها لاستقطاب الاستمارات الأجنبية، ما سيمكنها من إبرام شراكات تسمح لها بدخول الأسواق العالمية.

وأوضح أن مشروع قانون المالية يؤكد على ضرورة التحكم في عجز الميزانية والحفاظ على المجهود الاستثماري، بغلاف مالي يناهز 167 مليار درهم، من خلال إحداث صندوق خاص لدعم الاستثمارات، يخصص حصريًا لاستقطاب التمويلات الخاصة، سيما الأجنبية، وسيمول بنسبة 50 % من العائدات المالية الاستثنائية، المتحصل عليها من فتح أو تفويت حصص من رساميل المؤسسات العمومية.