أشار تقرير لبيت الاستثمار العالمي quot;غلوبلquot; إلى أنه في ظل التعافي الذي شهدته الأسواق العالمية، قام صندوق النقد الدولي بتعديل رؤيته المستقبلية للاقتصاد العالمي، لتنتهج اتجاهاً تصاعدياً، بعد إصداره التقرير النصف السنوي الأخير للرؤية المستقبلية للاقتصاد العالمي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2009 ووفقاً للتقرير.
الكويت - إيلاف: جاءت نظرة صندوق النقد الدولي للاقتصاد العالمي متفائلة في العام 2010، بحسب تقرير غلوبل، بعد النمو القوي الذي وصل إلى 3.9 %، والزيادة في حجم التجارة التي بلغت 5.8 %، وذلك عقب الانخفاض الحاد في الناتج في العام 2009. وتعكس التوقعات الجديدة التعديل نحو الارتفاع بمقدار 4/3 نقطة مئوية. وفى العام 2011، يتوقع للنمو أن يصل إلى 2frac12; %.
نمو اقتصاديات الدول النامية
ووفقاً للتقرير، ستتوسع اقتصاديات الدول النامية بمعدل سنوي يبلغ 6 %، في الوقت الذي يتوقع فيه للاقتصاديات الغنية والمتقدمة أن تنمو بمعدل 2.1 % في العام 2010. وتوقع التقرير أن تنمو منطقة الشرق الأوسط بمعدل 4.5 %.
سياسات الدعم تنعش الأسواق
وقد تراجع كل من الإنتاج العالمي والتجارة خلال النصف الثاني من العام 2009. بينما ارتفعت معدلات الثقة بدرجة كبيرة على الصعيدين المالي والعقاري، حيث ساعدت سياسات الدعم الاستثنائية في انتعاش الأسواق. من جهة الاقتصاديات المتقدمة، فقد ساهمت بداية تحول دورة المخزون وزيادة قوة الاستهلاك الأميركي غير المتوقعة في التطورات الإيجابية. وقد كان الطلب المحلي للسلع النهائية قوياً في كل من الاقتصاديات الرئيسة الناشئة والنامية. وعلى الرغم من ذلك، كان للتحول في دورة المخزون وطبيعة التجارة العالمية دور مهم.
وتعتمد اقتصاديات الشرق الأوسط بدرجة كبيرة على النفط، ولذلك كان الانخفاض في أسعار النفط أكبر التحديات التي كان لها تأثير سلبي ملموس على الاقتصاديات. وقد كان تأثير الأزمة على مصدري النفط أكثر وضوحاً في قطاع النفط، والذي يتوقع فيه تقلص الناتج بنسبة 5.2 % في العام 2009 ndash; أكثر حدة من الانخفاض في الاقتصاد العالمي. ومع التراجع الملحوظ في أسعار النفط ، بعدما بلغت ذروتها عند سعر147 دولارا أميركيا للبرميل في صيف العام 2008، وصولاً إلى حوالى 3- دولارات أميركية للبرميل في بداية العام 2009 ndash; وسلسلة الانخفاضات في إنتاج النفط، كانت دول مجلس التعاون الخليجي هي الأكثر تضرراً.
وقد شهدت المنطقة نضوبا مفاجئا لتدفقات الرأسمال، وقد وضع النضوب المفاجئ للأموال الأجنبية والانخفاض في أسعار الأصول المفاجئة ضغوطاً عنيفة على الميزانيات العمومية للبنوك التي اقترضت خارجياً، وتعرضت بشكل كبير لأسواق العقارات والأسهم. كما كان لضعف جودة الأصول أثره السلبي على نمو ائتمان القطاع الخاص، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإقتراض. في الوقت نفسه، استنفذت مخصصات خسائر القروض رأس المال، ووضعت قيوداً على قدرة البنوك على منح قروض جديدة، ما أدى إلى تراجع الائتمان.
وقد تم مواجهة هذه التداعيات بشكل كبير من خلال الإنفاق الحكومي المتصدي للأزمة. ففي ظل تكوين احتياطي كبير قبل الأزمة، استطاعت حكومات الدول تنفيذ السياسات المواجهة للحالة الاقتصادية القوية، والتي ساعدت على تقليص التأثير السلبي على القطاعات غير النفطية في اقتصادياتها: فقد شهد الناتج المحلي الإجمالي المتأتي من غير النفط، إلا أنه يتوقع أن يواصل النمو بنسبة 3.2 % في العام 2009، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
ارتفاع أسعار النفط
بعدما شهدت أسعار النفط تقلباً ما بين 30 ndash; 40 دولارا أميركيا للبرميل في بداية العام 2009، فارتفعت أسعار النفط إلى حوالى 70 دولارا أميركيا للبرميل في شهر أغسطس (آب) والتي يتوقع، بناء على الأسواق المستقبلية، أن تستمر في اتجاهها الصعودي لتتعدى مستوى 75 دولارا أميركيا للبرميل في العام 2010. وقد انخفضت هوامش مقايضات العجز الائتماني السيادي بشكل متواصل منذ أن بلغت أعلى مستوياتها خلال الربع الأول من العام 2009.
ومع ارتفاع أسعار النفط وعودة ظهور الطلب العالمي المتوقع - ستتزايد إيرادات النفط، ما سيسمح لمصدري النفط أن يعيدوا بناء مراكز احتياطياتهم الدولية بأكثر من 100 مليار دولار أميركي في العام 2010. وهذا بدوره يوفر الأساس للمحافظة على الإنفاق. وفي ظل توقع زيادة حصة مجلس التعاون الخليجي من الواردات العالمية من 2.7 % في العام 2008 إلى 3.2 % في العام 2010، ستظل مساهمة المنطقة في الطلب العالمي مرتفعة.
احتمال تراجع اقتصاديات المنطقة في 2010
وقد كانت حكومات المنطقة سريعة في اتخاذ خطوات لمواجهة الأزمة. فقد تضمنت هذه الخطوات خطوات نقدية ومالية. ومن المرجح أن تتراجع الاقتصاديات في العام 2010. ووفقاً لتقديرات غلوبل، من المرجح أن تنمو منطقة مجلس التعاون الخليجي بكاملها بنسبة 5.3 % في العام 2010. هذا ومن المنتظر أن تحتل قطر المقدمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18.5 % يليها عمان والبحرين بنسبة 3.8 و 3.7 %. كذلك يتوقع لكل من الإمارات والكويت تحقيق نمو بمعدل 2.4 و 3.3 % في العام 2010 على التوالي.
لقد أدى التحسن في المناخ العالمي، وارتفاع أسعار النفط، والتعافي في سوق الائتمان إلى زيادة حالة التعافي في مجلس التعاون الخليجي. وقد تحسنت الثقة في أسواق الائتمان في مجلس التعاون الخليجي بصورة ملحوظة على مدار الأشهر الأخيرة، وتم الخروج من السيناريوهات المتدهورة والمظلمة. كذلك بدأت أسواق العقارات السكنية في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر تأثراً، تشهد استقراراً في أسعارها. كما بدأت الأسواق المالية في التحول. ومع تحول الموسمية إلى مستوى إيجابي وبدء هدوء المخاوف في المنطقة، من المرجح أن يصبح المناخ الإيجابي العالمي هو المناخ المسيطر في المنطقة ككل.
وعلى الرغم من تحسن الأوضاع المالية، إلا أنها لاتزال بعيدة عن طبيعتها. وعلى الرغم من الزخم الإيجابي أخيراً، إلا أن معدل التعافي قد يكون بطيئاً، نظراً إلى وجود الكثير من الخطوات التي يجب اتخاذها لإعادة الأنظمة المالية إلى قوتها. وسيظل الإنفاق العام على البنية التحتية والتنمية الاجتماعية هو ما يميز السياسات الاقتصادية. وبالتطلع مستقبلاً، ستحتاج الحكومات للبدء في تصميم استراتيجيات لإلغاء دعم السيولة الاستثنائي الذي يتم إتاحته لمواجهة تأثير الأزمة. وفي الأجل المتوسط، فإن تطور السوق المالية ndash; متضمناً التنوع بخلاف النظام القائم على البنوك ndash; سيظل له الأولوية، كما سيكون هناك جهود لتحسين مناخ الأعمال لدعم التنوع الاقتصاد وتوليد فرص عمل.
التعليقات