الجزائر:نفذت مجموعة quot;تونة تونسquot; تهديدها، الذي أشارت إليه quot;إيلافquot; في أعداد سابقة، حيث قامت الشركة إياها بإلقاء مخزون جزائري من التونة الحمراء يبلغ 560 طن في عرض البحر، بعد تمسك وزارة الصيد البحري الجزائرية برفضها تسليم وثائق الاحصاء، وفي أعقاب تأخر الجانب الجزائري أيضاً عن دفع تعويض مقداره بحدود مليوني يورو، علما أنّ الكيلوغرام الواحد من التونة الحمراء وصل سعره في سوق طوكيو هذا الأسبوع إلى مستوى 182 يورو.

وأتى هذا الطارئ بعد أيام بعد من إصدار مجلس الدولة في الجزائر حكماً أقرّ فيه بعدم اختصاصه في إنهاء الخلاف الناشب بين مجموعة quot;بودماغ تونيةquot; والوزارة الجزائرية للصيد البحري، ما أفرز تلاشي حمولة الستمائة طن أشهراً طويلة، بعد اصطيادها من طرف المجموعة المذكورة، وهو ما يكبّد الجزائر خسارة باهظة تفوق المائة مليون يورو، وما ينجرّ عن ذلك من انعكاسات سلبية على اقتصاد جزائري تقوم 98 % من موارده على عائدات النفط.

ولاحظ يحيى زان مدير شركة quot;بودماغ تونيةquot; في تصريحات لـquot;إيلافquot; أنّ ما حصل كارثة بكل المقاييس، مشيراً إلى أنّ الفاتورة ليست بالقليلة (102.48 مليون يورو)، وأتت لتسبّب استنزافاً جديداً في منظومة الصيد المحلية، كان بإمكان الجزائر تلافيها لو تعاملت الدوائر المختصة بفاعلية وحزم مع المسألة، ويتساءل زان باستغراب quot;إذا كان مجلس الدولة، وهو أعلى هيئة قضائية في الجزائر، أعلن عدم الاختصاص، فمن هو المتخصص يا ترى؟quot;.

ولا تنوي مجموعة quot;بودماغ تونيةquot; التي استثمرت نحو خمسة ملايين يورو للخوض في عملية صيد سمك التونة بالمياه الدولية، السكوت، حيث كشف مسؤولها يحيى زان عن حراك من أجل تصعيد الموقف عبر رفع قضية على مستوى محاكم دولية من أجل استرجاع حقوقها الضائعة، ولم يتسنى الاتصال بوزير الصيد في الجزائر لمعرفة ملابسات الموضوع ودواعي امتناع مصالحه عن تسليم وثائق الإحصاء.

ورغم أنّ الجزائر طرف في الاتفاقية الدولية لحماية التونة، إلاّ أنّ قطاع صيد سمك التونة الحمراء هناك يصطدم بجملة من العراقيل والمشاكل جرّاء بيروقراطية الإدارة المحلية للصيد البحري التي أقدمت على منع متعاملين جزائريين من الصيد بالمياه الدولية لصيد سمك التونة، وما ترتّب عن ذلك من حرمان الجزائر من استغلال الحصة التي تمنحها سنويا المنظمة الدولية لحماية الأسماك في البحر الأبيض المتوسط والمحيطات من سمك التونة الأحمر إلى الجزائر، والمقدرة بـ1100 طن، علماً أنّ هذه الكمية موزّعة بين 322 طن لليابانيين، وفي حدود ثمانمائة طن للصياديين الجزائريين.

ويشكو متعاملون جزائريون من عراقيل بالجملة، حيث تواجه 18 شركة محلية لصيد التونة مشكلات عويصة تتراوح بين إلزامهم باصطحاب مراقبين ومفتشين لمتابعة عملية الصيد مع حراس الشواطئ، وكذا ما يلف رخصة الصيد في المياه الدولية، فضلاً عن مشكلة مراجعة ورقابة شبكات الصيد، كما يتهّم متعاملون محليون الوزارة الوصية بالكيل بمكيالين، ويشككون في تسهيل جهات مسؤولة لصيادين أتراك والسماح لهم بصيد التونة الحمراء عادياً بالجزائر خلافاً للمجموعات المحلية، وهو ما دفع جهات أمنية وقضائية لفتح تحقيقات لا تزال مستمرة.

وتفيد بيانات أنّ الجزائر تتكبّد سنوياً خسائر تربو عن 240 مليون يورو جرّاء الفوضى الحاصلة، حيث يُباع الكيلوغرام الواحد من سمك التونة في اليابان بقرابة ثلاثمائة يورو، في حين تكتفي الجزائر ببيع الكيلوغرام الواحد لقاء 2 يورو فقط، ولم يكن حضور ممثل عن الجزائر في الاجتماع الأخير للجمعية الدولية لسمك التونة بمدينة ريو دي جانيرو، ليغيّر من واقع الأشياء.
ويطرح خبراء استفهامات كثيرة بشأن ما يحدث في قطاع صيد سمك التونة، حيث يتساءلون عن سر عدم تسهيل استغلال الثروة السمكية في بلد يجهد مسؤولوه أنفسهم في الحديث عن ضرورة تكثيف الاستثمارات خارج قطاع المحروقات المهيمن على الاقتصاد المحلي.

وفيما تنتج فرنسا بين ألفي إلى ثلاثة آلاف طن كل عام، يبدي صيادون لسمك التونة في الجزائر ثقة بإمكانية نجاحهم في إنتاج 1500 إلى 2000 طن سنوياً، إذا ما جرى تذليل المصاعب الحالية، وتمّ تمكينهم من العمل في ظروف لائقة.