طلال سلامة من برن (سويسرا): لا تعتبر العملة الأوروبية الموحدة اتحاداً أوروبياً ضريبياً. نظرياً، على كل دولة تنضم إلى منطقة اليورو أن تواجه ديونها وحدها، من دون أن تطلب أي مساعدة للدول الأخرى، الموجودة في منطقة اليورو. عملياً، عندما تتراكم الديون، باليورو، فإنها تتوزع على كل المصارف العاملة في منطقة اليورو.

يذكر أن حوالي 60 % من ديون اليونان توجد اليوم خارج اليونان. كما إن سداد الديون، المتوجبة على أي دولة في منطقة اليورو، لا تعد فقط مشكلة الأخيرة، إنما كذلك مشكلة لتلك الدول، الموجودة بدورها في منطقة اليورو، التي تقدم للدولة المديونة مساعدات مالية. إن هذا التباين، بين الوجهات النظرية والعملية، كان واضحاً منذ البداية للدول المؤسسة لليورو.

لذلك، ولدت معاهدة الاستقرار النقدي الأوروبية والشروط اللازمة لدخول منطقة اليورو وغيرها من المتطلبات. نظرياً، لم يتوقع أحد أن تقع أي دولة من دول اليورو في رمال الديون المتحركة. وعملياً، ها نحن نشهد أول إصابة بفيروس الديون الذي أصاب اليونان، وربما دول أوروبية أخرى، في الشهور المقبلة.

لتفادي العدوى، ينوه المحلل الاقتصادي الإيطالي غويدو تابيلليني لصحيفة quot;إيلافquot; بأنه ينبغي على اليونان إعادة هيكلة ديونها. وإلا فإن الخسائر الناتجة من الديون اليونانية ستنعكس على مدى صلابة بعض المصارف الأوروبية. على غرار ما حصل لدى إفلاس مصرف quot;ليمان بروذرزquot;، فإن الأسواق المالية ستهوي مجدداً في مستنقع الذعر.

علاوة على ذلك، ومهما فعلت حكومة أثينا، فإنها بحاجة ماسة، من جراء جبال الديون المتراكمة عليها، أن تتلقى المساعدة من الدول الأوروبية أو من صندوق النقد الدولي. هذا ولا تواجه أثينا أزمة مالية فحسب، إنما توسعت، لتشمل أزمة ثقة المواطنين بها.

وفي حال تلقت اليونان المساعدات المالية الضرورية بمؤازرة إصلاحات ضريبية عاجلة، يقرّ بها البرلمان اليوناني، فإن الأزمة ستنتهي من دون أن تمثل خطراً على دافعي الضرائب في دول اليورو، التي سارعت إلى مساعدة اليونان. من جانب آخر، تستمر المفوضية الأوروبية في الوقوع بالأخطاء. بغضّ النظر عن الخطأ الأكثر quot;حماقةquot;، وهو استقبال اليونان في منطقة اليورو، حتى لو لم تكن حكومتها مستعدة لهذه الخطوة، فإن المفوضية الأوروبية لم تتابع عن كثب وضع الموازنات العامة اليونانية التي عمدت حكومة أثينا على تزويرها لسنوات طويلة.