بعدما أصبحت المصارف الإسلامية حقيقة واقعة، وبعدما امتد نشاطها إلى معظم أنحاء العالم، لا يستطيع أي مهتم أن يغفل دورها الفعال في الحياة الاقتصادية، وخاصة دورها التنموي في استقطاب المدخرات وتوجيهها لاستثمارات تصب مباشرة في مشاريع تنموية، فضلاً عن دورها في المجال الاجتماعي والخدمات المصرفية الأخرى.

عصام المجالي من منطقة البحر الميت: في خضم الأزمة المالية، ظهرت أصوات تنادي بتبني نموذج الصيرفة الإسلامية، الذي يقوم بالأساس على صيغ المشاركة والتوظيف المباشر للأموال. إلا أن خبراء في البنوك الإسلامية أكدوا اليوم أن الواجب يقتضي التنبيه إلى أن الأحكام الشرعية كل لا يتجزأ، وأن الأخذ ببعضها وترك البعض الآخر، لا يحقق الغايات المرجوة كاملة.

وافتتح محافظ البنك المركزي الأردني الدكتور أمية طوقان اليوم مندوباً عن رئيس الوزراء فعاليات ملتقى الاستثمار والتمويل الإسلامي الأول للشرق الأوسط، الذي يعقد في منطقة البحر الميت الأردنية تحت عنوان quot;صياغة مستقبل التمويل الإسلاميquot; ويستمر لمدة يومين. ويلقي المنتدى الضوء على التوجهات الراهنة والأمور المهمة في مجال التمويل والاستثمار الإسلامي، خصوصاً في الشرق الأوسط، حيث إن الخبراء والمسؤولين في المؤسسات الوطنية والمحلية سيقومون بطرح آرائهم ووجهات نظرهم، وسيناقشون أهم القضايا المتعلقة بالتمويل الإسلامي.

وأكد طوقان أهمية وضع معايير دولية موحدة للتمويل والصيرفة الإسلامية، تتوافق مع أحكام الشريعة، وتتفق أيضاً مع المعايير الدولية الأخرى، مثل مبادئ اتفاقية بازل الثانية، مشيراً في هذا الصدد إلى ما قام به مجلس الخدمات المالية الإسلامية من إنجازات مهمة في هذا الصدد، والتي وصفها بالقيّمة للغاية.

ولفت إلى أهمية قيام المؤسسات الدولية الأخرى في تحديد ومواءمة المعايير المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، كما يجب الاعتراف بها، وتشمل هذه المؤسسات هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ووكالة التصنيف الدولية الإسلامية ومركز إدارة السيولة المالية للمصارف الإسلامية والوكالة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة ومؤسسة تأمين الاستثمار وائتمان الصادرات والبنك الإسلامي للتنمية.

ورأى أنه quot;من المهم التركيز على بناء نظام مالي إسلامي شامل، يشمل الصناعة المصرفية الإسلامية وصناعة التكافل والمؤسسات غير المصرفية المالية والربط بين البنوك الإسلامية وأسواق المال والرأسمال، حتى تكون هذه الصناعة متنوعة ومنافسة على المدى الطويلquot;.

وأوضح نائب رئيس مجلس الإدارة المدير العام للبنك الإسلامي الأردني موسى عبد العزيز شحادة أن quot;المصارف الإسلامية، بحكم طبيعتها ومضمون فكرتها ومنهج عملها الأساسي، لها أبعاد عدة، فهي مؤسسات أعمال تسعى إلى تحقيق مصلحة مالكيها من المساهمين، ومصلحة العاملين فيها، وهي أيضاً مؤسسات استثمار مشترك تسعى إلى تحقيق مصلحة المستثمرين من خلالهاquot;.

وانتقد إخضاع هذه المصارف إلى القوانين والتشريعات والقواعد والضوابط والتعليمات والأعراف وأساليب الرقابة التي تخضع لها البنوك التقليدية، من دون مراعاة في بعض الأحيان لخصوصية تطبيقاتها والتزاماتها الشرعية.

وقال إن إبداء التفهم لتطبيقات المصارف الإسلامية يوجب توفير تسهيلات مقابلة ومكافئة للتسهيلات التي تتاح للبنوك التقليدية، بما في ذلك توفير وسيلة شرعية للحصول على سيولة نقدية عند الحاجة إليها، وحتى لا تبقى المصارف الإسلامية تعتمد على نفسها في توفير هذه السيولة في كل الأحوال وفي كل الأوقات، من خلال إبقاء جزء من مواردها المالية معطلاً، مع ما لذلك من آثار مضرة على الاقتصاد الوطني، وعلى ربحية هذه المصارف وربحية مودعيها.

وأضاف أنه quot;من الممكن أن يتعاظم الدور التنموي للمصارف الإسلامية، إذا ما كان هناك تفهم أكبر لخصوصية منهجها، وإدراكاً أوسع للطبيعة التنموية لهذا المنهج، ومساعدتها على فتح آفاق أرحب لتطبيقاتها. ويمكن أن يكون ذلك من خلال استمرار quot;مراعاة التشريعات المحلية لخصوصية تطبيقاتها الشرعية، التي تكفل التعامل مع الأدوات المالية الإسلامية بالكيفية التي يتم بها التعامل مع الأدوات المالية الأخرى، ولا سيما من ناحية توفير سوق ثانوية لهاquot;.

ويعقد المؤتمر بالتعاون مع وزارة المالية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي الأردني والبنك الإسلامي للتنمية وبدعم كل من السوق المالية الإسلامية الدولية ورابطة العالم الإسلامي، والهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والجمعية المصرفية في البحرين.

وتشارك في المنتدى نخبة من المستثمرين ورجال الأعمال من البنوك الإسلامية والاستثمارية كافة، وشركات التأمين الإسلامية و المنظمات غير الحكومية والحكومات والوزارات واستشاريون إداريون وماليون من الأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وسوريا ولبنان والبحرين، وقطر والكويت والسعودية وفلسطين وتونس والجزائر واليمن وجيبوتــي، ومصر والسودان وإيران وماليزيا وقبرص وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.

ويأتي انعقاد هذا المنتدى وسط اهتمام متزايد من جانب الأردن بأدوات التمويل الإسلامي، بما في ذلك إصدار الصكوك لتمويل الديون للجهات الحكومية والعامة، حيث يلاحظ الخبراء وجود توجه دولي متزايد نحو استخدام هذه الأدوات، التي تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية، حتى في الدول الغربية، وبخاصة في أعقاب الأزمة المالية العالمية.