طلال سلامة من برن (سويسرا): لا يشمل الانهيار (كراك باللغة الانجليزية) المصارف فقط، إنما قطاعات أخرى، تجارية ومربحة، ومن ضمنها البنية التحتية لفرق كرة القدم الأوروبية. فالمردود بات غير قادر اليوم (لا بل حتى قبل سنوات عدة) على تغطية التكاليف والاستثمارات لشراء اللاعبين. صحيح أن نوادي كرة القدم تنتقل دورياً من مالك إلى آخر، بيد أن المال، الموجود داخل الحلبة، لم يعد قوياً مقارنة بسنوات كرة القدم الذهبية.

هذا وخضعت سوق بيع وشراء اللاعبين لإعادة هيكلة، جعلتها أكثر ميولاً للتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، لا سيما مع بارامترات مالية قاسية، لها صلاحيات واسعة، كما الرمي بفرق كرة القدم المخالفة خارج البطولات، المحلية والدولية.

في الأعوام الأخيرة، واصلت فرق كرة القدم الأوروبية الأبرز نموها من حيث الدخل، وذلك بفضل الدعم الذي تلقته من مؤسسات تجارية فاخرة، دفعت لهذه الفرق مبالغ طائلة من الأموال لقاء الإعلان عن منتجاتها أمام الجماهير في ملاعب كرة القدم. كما جنت هذه الفرق جبالا أخرى من المال لقاء مشاركتها في بطولات دولية، ناهيك عن بيع حقوق بث المباريات إلى وسائل الإعلام المتلفزة.

إنما، في موازاة ارتفاع المردود لمصلحتها، استمرت الديون في التراكم نتيجة إدارة quot;غامضةquot; للمال بفضل السياسات المتهورة لإداراتها، التي آمنت أن النظام المالي لن يتأخّر لحظة في مساعدة كل فريق كرة قدم قادر على الإنتاج. وللأسف الشديد، فإن نوادي كرة القدم استعملت أرباحها لتغطية تكلفة نسب الفائدة بشأن ديون سابقة تواصل نموها لليوم.

في الوقت الحاضر، تقترب فقاعة أعمال كرة القدم الأوروبية من حافة الانفجار. والعديد من مالكي هذه الفرق متعبين من quot;بعثرةquot; أموالهم الشخصية أو العائلية على لا شيء. في ما يتعلق بفريق quot;مانشستر يونايتدquot;، الأغنى عالمياً لناحية القيمة الاقتصادية الإجمالية، المملوك لمالكولم غلاسر، فإنه تنفس الصعداء فقط إثر نجاحه، في الأسابيع الأخيرة، في إعادة هيكلة ديونه، عن طريق مناورة ناجحة ومحترمة، هي الأولى من نوعها في أوساط فرق كرة القدم.

وبفضل إصدار سند، قيمته نصف مليون جنيه إسترليني، ويدوم سبع سنوات، قام مصرفا جي بي مورغان ودويتش بنك بهندسته، سيدفع مانشستر يونايتد، بطل كأس بريطانيا، فوائد أقل على ديونه في السنوات المقبلة. مع ذلك، فإن هذه المناورة المالية قد تكون غير كافية، مجبرة بالتالي مالك هذا الفريق على التخلّص من كنزه الرياضي إلى من يدفع له أكثر.

في الموسم الأخير، نجح نادي quot;ريد ديفيلزquot; (Red Devils) في تحقيق نتيجة مالية إيجابية، بفضل بيع كريستيانو رونالدو إلى فريق quot;ريال مدريدquot; مقابل 90 مليون يورو، وإلا فإن خسائر إضافية، مقدرة بـ35 مليون يورو، كانت قد تراكمت على ديون ماضية ومتواصلة، وصل سقفها حالياً إلى 800 مليون يورو، أي أكثر من ضعف الدخل السنوي (365 مليون يورو تقريباً).

وفي الواقع، ثمة نوادي كرة قدم أخرى، بريطانية، استعملت مناورات مالية أسهل، كما آلية تحويل الديون إلى أسهم. هكذا، تمكن فريق quot;تشيلسيquot; من تحويل ديونه أمام مالكه، وهو الغني الروسي رومان أبراموفيتش، المقدرة بحوالى بليون يورو، إلى أسهم. يذكر أن فريق تشيلسي يخسر، كل عام، عشرات الملايين من اليورو. ومن دون كبح الإنفاق، في الأعوام المقبلة، فإن درجة انكشاف هذا الفريق المالية ستكون عالية جداً. على غرار ما فعله مانشستر يونايتد، قامت العائلة الحاكمة في إمارة أبوظبي، التي اشترت فريق quot;مانشستر سيتيquot;، بتحويل ديون الأخير إلى أسهم تمتلكها.

علاوة على ذلك، شهدت ألمانيا في العام الماضي فضيحة شركة quot;شالكquot; (Schalke04) التي كانت مالياً متماسكة بصورة ظاهرية فقط. رغم أن شركة quot;غازبرومquot; الروسية النفطية العملاقة رعت شركة quot;شالكquot; بمبلغ 25 مليون يورو، للأعوام الأربعة المقبلة، فإن ديون الأخيرة وصلت إلى 280 مليون يورو، أي حوالي 45 % من إجمالي ديون اتحاد كرة القدم الألماني (610 ملايين يورو) العالية، إنما الأخف ثقلاً من ديون اتحاد كرة القدم البريطاني (3.5 بليون يورو) والإيطالي (فئة أ، 2 بليون يورو).

عادة، عندما يكون التوازن بين الديون والناتج المحلي الإجمالي، لدى أي دولة في العالم، أكثر من 200 %، فإن الجالية المالية الدولية تحجب عنها الثقة بسبب حالة الإفلاس.