في وقت بدأت تتكشف فيه ملامح انفراجة للأزمة العاصفة التي مرت بها اليونان خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت تطفو على السطح تساؤلات حول نطاق الإمكانات التي تحظى بها أسبانيا في ما يتعلق بالطريقة التي يمكن أن تواجه من خلالها تلك العقبات التي تهدد كيانها الاقتصادي، في ظل النقاش الدائر حول السلامة المالية للبلاد.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: يمثل اقتصاد أسبانيا رابع أكبر كيان اقتصادي في منطقة اليورو، ويُقدّر بخمسة أضعاف حجم الاقتصاد اليوناني، وتقريباً ضعف الحجم الإجمالي لاقتصاديات دول اليونان وأيرلندا والبرتغال، التي تعاني مالياً. وفي هذا الإطار، تخصص صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تقريراً تحليلياً مطولاً، تلقي فيه الضوء على فرص استعادة أسبانيا عافيتها، خاصة، وترى أن هناك أمرين من الممكن أن يتمخضا عن تلك الخطة، التي أعلنت عنها أخيراًً نائبة رئيس الوزراء الأسباني، ماريا تيريزا فرنانديز دي لا فيغا، وقالت إن بلادها ستواجه بها ما تعانيه حالياً من مشكلات اقتصادية.

أول هذين الأمرين، هو العودة إلى النمو الاقتصادي، الذي سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية. وثانيهما، خطة إنقاذ من جانب الاتحاد الأوروبي، يُطلق عليها quot;خطة دعمquot;. في حين يرتكز رئيس الوزراء الأسباني، خوسيه لويس ثاباتيرو، في سياق تعامله مع الأزمة على حقيقتين. أولهما، بحسب الصحيفة، أن إسبانيا ليست مغمورة بالديون، كما هو الحال في اليونان، أو إيطاليا، أو البرتغال، أو فرنسا، أو حتى ألمانيا. فنسبة ديونها إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل بشكل مريح عن تلك النسبة في دول أخرى، وذلك نتيجة للسياسات المالية الحصيفة التي طبقتها الحكومات السابقة.

أما الحقيقة الثانية، فهي أن أسبانيا لم يسبق لها أن أفرطت في إعداد دفاترها التجارية على طريقة اليونان، ما مكّنها من الدخول في مفاوضات مع وكالات التصنيف وسوق السندات، بمصداقية لم تتوافر في اليونان، وتوقعات بأنها لن تضطر لدفع ما يزيد على 3 نقاط مئوية أكثر من ألمانيا، كما فعلت اليونان الأسبوع الماضي، للاستفادة من أسواق السندات. وبدأت مزايا أسبانيا تبهت، وتتحول إلى أمور عديمة الأهمية، بالمقارنة مع مساوئ العجز الهائل في الميزانية، وعدم وجود خطة ذات مصداقية لخفض ذلك العجز، واستمرار الانخفاضات إن كانت معتدلة في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى الاختلالات الهيكلية في اقتصادها. وهي الأشياء التي ستشكل جزءاً كبيراً في السوق المثقلة بالديون خلال العام المقبل أو نحو ذلك.

إلى هنا، تشير الصحيفة إلى أن الازدهار الواضح، الذي تعيشه البلاد يقوم على الائتمان الرخيص، الذي أدى إلى حدوث طفرة في قطاع البناء. وتقول إن أحداً لا يتوقع لصناعة البناء أن تتعافى عما قريب. ولا توجد آمال كبرى لإمكانية حدوث موجة أخرى من الازدهار السياحي. في الوقت الذي لا يتاح لدى الحكومة أموالاً كافية تمكنها من توفير رأس المال التأسيسي لصناعات القرن الحادي والعشرين.

وهو ما سيضع عبء التعافي على المدى البعيد على القطاع الخاص. ومع هذا، فإن أسبانيا تحظى بميزتين: أولهما، قدرة رجال الأعمال هناك على القيام بنشاطات تجارية على أساس عالمي، على اعتبار أن أسبانيا هي أكبر المستثمرين الأجانب في أميركا اللاتينية. وثانيهما، هو أن النظام المصرفي الأسباني معزول نسبياً عن الأزمة المالية العالمية.