فن التمويل في البنوك الإسلامية quot;، هذا هو اسم الكتاب الذي ألفه الدكتور يحيى عبد الرحمن مؤسس ومدير شركة لاربا وبنك ويتير الأميركي في ولاية كاليفورنيا والذي طرح على موقع أمازون مؤخرا قد أثبت فيه بالتجربة والبرهان كيف أن الصيرفة اللاربوية نجحت في تخطي الأزمة المالية وبأقل خسائر من خلال التعاملات البنكية والتمويل اللاربوي متمثلة في شركة التمويل الإسلامية لاربا وبنك ويتير الأميركي اللاربوي في أميركا، ومقارنة بالبنوك التقليدية الربوية في العالم أجمع ومستشهدا بتجارب أخرى نجحت في العالم.
واشنطن: يعد كتاب فن التمويل في البنوك الإسلامية تجربة جديدة وفريدة من نوعها يستحق القراءة كونه لا يتخذ جانبا نمطيا في طرح الفكرة فقد استطاع الكاتب وبمهارة جيدة دمج ما جاء في الكتب السماوية بما أثبتته التجربة. وطرح فكرة الربا في التعاملات البنكية فهو يحلل الفائدة البنكية التي تحددها البنوك الربوية المركزية كما ويحاول أن يلغي العملات العالمية ثم يأتي بنظام جديد في التعاملات البنكية.
ويعرض الكاتب أفكاره في استرسال واضح بادئا بتعريف الربا وتحريمه في الديانات السماوية أجمع quot;من الديانه اليهودية فالمسيحية وصولا إلى الإسلامية ثم إلى يومنا هذا. مستعرضا أنواعه ومبينا أن الربا لا يشمل المال فقط، بل يشمل جميع المواد الأساسية وهي الذهب، الفضة والحنطة إلى أن يصل إلى تجربة شركة التمويل الإسلامي quot;لارباquot; quot; وبنك ويتير الإسلامي الأميركيquot;.
ويبين الكاتب في كتابه كيف أن التجربة قامت على قاعدتين الأولى هي قاعدة ربط سعر الأصل بالسوق والتي تقوم على ربط السلعة الأساسية بالمجتمع مثلما تفضل به الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث السلع التي تحرم الربا وتحض على التعامل بالذهب والفضة والملح والتمر والقمح والشعير. استنادا إلى هذه القاعدة تمت دراسة أسعار البيوت والسلع المختلفة وتقيمها بسعر الذهب والفضة. وكيفية التنبؤ بالصفقات الإقتصادية. وهذا ما ساعد شركة لابا وبنك ويتنر الأميركي في حماية استثماراتهم وعدم تعرضها للمخاطرة وحمايتها من الإنهيار والدليل على ذلك هو نتائج أداء المحافظ الإستثمارية في العقارات كان أفضل بكثير من نتائج أداء البنوك الربوية في هذا المجال.quot;
أما القاعدة الثانية فهي قاعدة قياس قيمة الأصل بما تفرضه احتياجات السوقquot; التسعير السوقيquot; فمثلا إذا أردنا نقوم بشراء منزل فالمصرف الربوي يقوم بتأجير النقود ليشتري المنزل بسعر الإيجار وهو سعر الفائدة. أما بنك ويتير وشركة لاربا ولأول مرة بتاريخ البنوك الإسلامية تقوم بدراسة السوق لتحديد قيمة إيجار منزل مماثل في الحي نفسه وقياس عائد على الإستثمار إذا ما استثمر المشتري. فإذا كان العائد مع الإستثمار أكثر مما يتوقعه المستثمر يقوم البنك بالإستثمار مع مشتري البيت. أما إذا كان العائد أقل بكثير مما يتوقعه المستثمر فلا يتم الإستثمار ولا يتم التمويل.quot;
كما يوضح أن البنوك التقليدية الربوية لا تقوم بالبحث قبل الإستثمار ولا تهتم لهذه التحليلات لأنها تعمل في تأجير النقود بسعر الإيجار وسعر الفائدة وبالمقارنة مع البنوك اللاربوية التي تتخذ قراراتها بناء على إيجار بعقار وليس إيجار النقود. وكيف أن تجربة البنك الإسلامي في أميركا نجحت باعتمادها على مقاصد الشريعة والمسؤولية الإجتماعية المصرفية والمسؤولية الأخلاقية تجاه الناس والمجتمع دون التمييز على أساس ملي أو ديني أو عرقي.
وهنالك جزء في الكتاب يتحدث عن النقود وكيفيتها وما هي النقود؟ ونوعية النقود الورقية والذهبية وكيف يمكن أن نحمي أنفسنا من الإنزلاق في عمليات المقامرة في الأسواق وذلك بإتفاق العالم على quot; التسعير السوقي quot; وquot; مؤشر السلعquot; حتى تلغي الحاجة إلى الفوائد البنكية.
ويطرح الكتاب شرحا للقوانين المصرفية والنظام المصرفي الأميركي أكبر نظم المصارف تقدما وتعقيدا في العالم. مع بعض تطبيقات للتمويل الإسلامي لعمليات تمويل أو توسيع وكيفية الإستفادة من الأوقاف الإسلامية ضاربا المثل بالمشروعين لإعمار وقفين في سنغافورة للجالية الإسلامية و كيف نجح البنك الإسلامي اللاربوي في عملية تمويل هذين المشروعين واللذين تكلفا 250 مليون دولار سنغافوري, والثاني 300 مليون دولار سنغافوري. كما وأن هذه الإستثمارات ساهمت في تطوير وتوسيع هذه الأوقاف مدرة في الوقت ذاته على الجالية المسلمة في سنغافورة مبالغ طيبة ساعدت في عملية تطويرها وتدريس أبنائها وبناتها ورفع مستوى معيشتهم الإجتماعية.
ويدعي الكاتب في كتابه أن الرقابة على البنوك الإسلامية في العالم العربي متفاوتة وذلك من الناحية الشرعية، لذلك هو ينتقد عمل لجنة الخبراء في البنوك الإسلامية فيراهم غير ملمين في شؤون البنوك الحديثة على الرغم من الكلفة الباهظة التي تتكبدها تلك البنوك عليهم. في الوقت ذاته طارحا تجربة بنك ويتير والذي يعد من نخبة البنوك الإسلامية الجيدة. ومقره الولايات المتحدة الإسلامية ،فالبنك تتم مراقبته مراقبة شديدة للغاية من قبل البنك الفيدرالي الأميركي. والقانون يمنع تدخل الملاك في شؤون الإدارة. وتغيير الإدارة لا يتم إلا بموافقة البنك الفيدرالي الذي يراقب الوضع المالي مراقبة شديدة.
ويخلص الكتاب إلى أن البنك يقوم لا يجب أن تقتصر على المسلمين فقط فلا بد أن تخدم غير المسلمين أيضا كون تحريم الربا لم يكن مقصورا على الإسلام فقط بل إنه جاء محرما في الديانة اليهودية والمسيحية مستشهدا بتحريمه في العهد القديم والعهد الجديد. لذلك يرفض الكاتب رفضا قاطعا أن تكون كلمة البنوك اللاربوية محصورة فقط على البنوك الإسلامية بل ويتساءل ماذا يحدث لو قام بنك سيتي بتسمية فرعه في الباكستان أو مصر أو السعودية أو أي بلد عربي بالبنك المسيحي الأميركي كما يتواجد البنك الإسلامي الأميركي على أن تكون جميعها بنوكا لاربوية وتقوم على الأسس والتعاملات اللاربوية لتكون نافذة للجميع من دون تمييز ديني أو طائفي تماما كما تقوم البنوك التقليدية الربوية بخدمة الجميع من دون تمييز.
وفي حديثه مع إيلاف قال الدكتور يحيى عبد الرحمن: quot;الكتاب خلاصة عصارة مجهود جبار دام لسنوات. وضعت جميعها في هذا الكتاب المكون من أربعمائة وأثنين وثلاثين صفحة وكتب باللغة الإنكليزية. قامت بنشره شركة واذا ديت للنشر، وتمت كتابته بعد نجاح التجربة في أميركا والعالم، لكي يتم الإستفادة منه وذلك بطلب عدد كبير من المهنيين في أميركا الذين ارتأوا أنها من أنجح التجارب حتى الآن وأقلها خسارة، وأول من شجعني لكتابته هو الناشر جان ويليquot;.
التعليقات