إعتبرت أوساط اقتصادية ألمانية أن الشراكة التي تمت بين اتحاد شركات دايملر الالماني لصناعة السيارات وشركة رينو الفرنسية مع شركة نيسان موتور اليابانية، من اهم الشراكات التي انجزت منذ سنوات طويلة بين عمالقة الصناعةالغربية، والسبب في ذلك أنها سوف تسمح بتحسين القدرات التنافسية للشركات الثلاث وتخفف عليها تكاليف التقنيات.

يمكّن للشركات الثلاث دايملر الالماني لصناعة السياراة وشركة رينو الفرنسية مع شركة نيسان موتور اليابانية التي عقدت منذ أيام، من تبادل الحصص بين الشركات الثلاثة والمشاركة في تطوير تقنيات السيارات كما ستحصل دايملر بناء عليها على حصة تقدر بـ 3.1 في المئة من رينو ونيسان، فيما تحصل كل من هاتين الشركتين على 1.55 في المئة من الشركة الالمانية، لكن سوف تتراجع حصة رينو في الشركة اليابانية من 44.3 في المئة الى 43.2 في المئة.

ومن أهم المشاريع المستقبلية لهذه الشراكة الفرنسية الالمانية اليابانية تركيز الانتاج في المستقبل على صناعة السيارات الكهربائية وتطوير المحركات العاملة على الديزل والبنزين وانتاج السيارات الصغيرة الحجم.

لكن لا يخفي على احد ان وراء هذه الخطوة العملاقة الازمة الاقتصادية العالمية، ما دفع بالكثير من المحللين الاقتصاديين والصناعيين الى القول بانها خطوة كان لا بد منها من اجل الهروب الى الامام من تداعيات الازمة، لكن سوف تكون على حساب العاملين في المصانع الثلاثة على الرغم من عدم ورود اي شيء في هذا الصدد في مضمون الاتفاق الذي وقع.

وحسب قول الاقتصادي الالماني هايكو مولر ان هذا الزواج ليس سوى حماية للشركات الثلاث من اجل العودة لكسب السوق. اذ تريد دايملر ورينو ونيسان الان الاعتماد على السيارات الصغيرة في انتاجها من اجل مواجهة التحديات العالمية الجديدة، والهدف من هذا الزواج ايضًا ألا تضيع الفرص منها لاحتلال مركز في سوق السيارات المستقبلية.

ويعتقد المحلل الاقتصادي ان الاتفاق الحالي افضل من الاتفاق الذي حدث بين دايملر وميتوبيشي وهوندا في السابق، فعلى الرغم من كل المعطيات الايجابية يومها فشل الزواج بسرعة، وذكر بالشراكة التي فشلت العام الماضي بين دايملر وكرايسلر الاميركية ما يعني ان الاولى ليس لديها خبرة واسعة بقضية الشراكات لكنها ارادت الاستفادة بالدرجة الاولى من السوق الاميركية.

وبرأي هذا الخبير تريد دايملر بشكل خاص عبر هذه الشراكة التخفيف من التكاليف، لأن التطوير والانتاج في ارتفاع متواصل، تضاف الى ذلك القرارات التي فرضها الاتحاد الاوروبي من اجل تخفيض الانبعاثات الحرارية بهدف حماية البيئة ما يعني ايضًا سيّارات رفيقة بالبيئة.

ولأنّ قطاع صناعة السيارات بدأت عليه علامات الانتعاش بعد الازمة الاقتصادية، لا تريد دايملر تفويت اي فرصة لكن وضعها المالي يدفعها الى خوض المرحلة الجديدة مع شركاء اخرين على الرغم من ان نيسان ورينو ليستا اقوى منها كثيرًا. وتريد الان كأول خطوة زيادة انتاجها من سيارة سمارت بحلة جديدة المانية فرنسية يابانية لأنها سوف تكون الدجاجة التي تبيض ذهبًا.

في المقابل يقول خبير الاقتصاد هانس اوبيرت بالنسبة إلى دايملر فإن لهذه الشراكة ايجابيات، فمبيعات السيارات الصغيرة مثل سمارت تكاد تغطي التكاليف التي تسببها. ولا يمكنها ان تتحمل لوحدها تكاليف تطويرها، لذا فإنها بحاجة ماسة الى شريك كي تتقاسم معه التكاليف الثابتة عبر المزيد من المبيعات. ولأنّ رواج السيارات الصغيرة كبير فإن الوقت قد اصبح ضيقًا بالنسبة إلى دايملر كي تخوض غماره ولكي لا يسير القطار وهي ما زالت على الرصيف.

ولقد منيت دايملر العام الماضي بخسائر قدرت بثلاثة مليارات يورو، ولم يكن لديها شريك تعتمد عليه سوى رينو الفرنسية، التي كسبت في السابق كثيرًا من الشريك الياباني نيسان.

ويقول خبراء في قطاع صناعة السيارات ان هذه الشراكة، من حيث حجم الانتاج والترويج مفيدة ونافعة، اكثر من الشراكة بين رينو ودايملر لوحدها. فالسوق اليابانية ما زالت جيدة،خصوصًا اذا ما كانت هناك سيارات بمواصفات يرغب فيها اليابانيون ايضًا. لكن لن يكون من السهل التوافق بين اهتمامات الشركات الثلاث، فشراكات كثيرة سابقة اظهرت مدى حجم الصعوبات، فكل شركة تعطي الاولوية للحفاظ على سمعتها في السوق.

والزواج بين دايملر ورينو ونيسان ليس الاول في قطاع السيارات، اذا سبق ذلك اتفاق للعمل المشترك العام الماضي بين فولغسفاغن وسوزوكي تم على اساسه ايضًا تبادل الحصص في كلا الشركتين، لكن محادثات بيجو ستروان وميتسوبيشي موتورز الاخيرة من اجل تشابك رأسمال قد فشلت، فالشركة الفرنسية خشيت من امكانية الحاق الضرر بمواقعها في السوق عبر الشراكة.