تابعت إيلاف ظاهرة غزو اللحوم المستوردة والتي تحمل ماركات دينية للأسواق العراقية وسط ارتفاع أسعار اللحوم المحلية، ملقية الضوء على أسبابها وتداعياتها.

بغداد: في وقت ترتفع اسعار اللحوم المحلية العراقية المذبوحة لدى القصابين والتي أثرتفيمستوى دخل الفرد العراقي الذي يعيش مصاعب اقتصادية، تنتشر في عموم البلاد ظاهرة اللحوم المستوردة التي تحمل ماركات دينية كالوكيل والكفيل والمراعي ومسميات اخرى تندرج تحت العلامات الدينية والعقائدية للمواطن العراقي حيث اخذت هذه الانواع من اللحوم تغزو الاسواق العراقية.

والكفيل والوكيل مصطلحات تشير الى العباس بن ابي طالب شقيق الامام الحسين والوكيل تعني وكيل السيدة زينب ابنة الامام علي اما كلمة المراد فهي لفظة شائعة تستخدم دائما من اجل تلبية الدعاء لنيل الحاجة. والطريف في الامر ان هذه اللحوم مستوردة من دول غير إسلامية مثل استراليا والصين والهند وغيرها.

ايلاف سلطت الضوء على هذه الظاهرة وعلى اسبابها وتداعياتها من خلال لقاءات اجرتها مع المواطنين والتجار والاختصاصيين والاكاديميين. حيث قال المواطن موسى البصري (موظف 54 سنة) ان موضوع استيراد اللحوم وتداولها في الاسواق العراقية يقع في إطار اغلب المنتوجات الاستهلاكية التي دخلت الى البلد بصورة عشوائية والتي أثرت تأثيرا مباشرا في اقتصاده حيث التقصير يقع على دائرة التقييس والسيطرة النوعية وهي الحد الفاصل الذي يبت بجودة تلك اللحوم من عدمها.

وقالت سحر الموسوي ( 35 سنة) quot;الحقيقة قمت بشراء تلك اللحوم والتي كتب عنها مذبوح على الطريقة الاسلامية ذات الماركات الدينية فوجدتها غير اقتصادية لانها تأخذ وقتاً في الطبخ وتستهلك الوقود وليس لها علاقة بالماركة المكتوبة عليها اضافة الى ذلك اني كدت افقد ابنائي عندما تناولوها.

ام عبد الله (45 سنة) ربة بيت ترى غير ذلك حيث بررت شراء تلك اللحوم نتيجة لرخصها مقارنة بالمحلي وارتفاع مستوى متطلبات المعيشة في العراق من الخدمات ومن الكهرباء وخطوط نقل الاطفال والابناء للمدارس والجامعات انعكس سلبا على مستوى المائدة العراقية فاتجهنا لهذا النوع من اللحوم التي تحمل ماركات دينية متنوعة حيث باتت تتصدر المواد و بدأنا نشعر باطمئنان نسبي.

اما بخصوص انفتاح الحدود وانعدام الضرائب فقد أكد التاجر علي الحسيني صاحب مكتب الحوراء لتجارة اللحوم أن هذا الامر ساهم في تغيير الكثير من مسارات التجارة للشركات بحيث اصبحت اغلبها تستورد لحوما لكثرة ارباحها حيث تزداد الارباح أضعافا.

التاجر علي اللامي يرى ان أغلب التجار يؤكدون على الربحية من خلال الاتفاق المسبق بين التاجر العراقي والشركات المعنية في ذلك البلد وهو الذي يعطيهم المواصفات أثناء التفاوض مع الشركات على الاسعار.

وحول العلامات التجارية الدينية أضاف أنها الاكثر رواجا في البلد والسبب يرجع الى سيطرة بعض رجال الدين على الاقتصاد والماركات ماهي الا ترويج تجاري بعيد عن الشرعية حيث اصبح كل ما يروج له يوضع في إطار الدين.

أما تاجر المفرد حيدر مهدي فأشار الى ان سر إقبال الناس على هكذا لحوم يرجع لرخصها حيث يبلغ كيلو اللحم المستورد 6000 أما اللحم العراقي المحلي ف14 الف دينار ويكون الاقبال اكثر في المناطق الشعبية.

وفي ما يتعلق باللحوم التي تحمل ماركات دينية كالكفيل والوكيل والمراعي وغيرها اوضح حيدر أن هناك هيئة الاستثمار في الروضة العباسية ارسلت مندوبا يشرف على عملية الذبح في الدول المصدرة ومعهم ما يقارب 40 قصابا هم من يقومون بعملية الذبح وهناك هيئة دينية تتحمل وزر الربح غير الشرعي. ويتابع ان المناطق الجنوبية هي الاكثر إقبالا على شراء هذه الماركات التي تحمل علامة دينية.

الدكتور الباحث غني النجار من كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد أوضح أن زيادة عملية الاستيراد وبهذه الاسعار المنخفضة نسبيا مقارنة مع اللحوم المحلية سوف تؤدي الى زيادة الطلب على المنتوج المستورد أكثر من المحلي والسبب توفرها بكميات كبيرة وبأسعار مخفضة واذا وقفنا استيرادها سوف نمنع المواطن من استهلاك اللحوم نهائيا مع العلم أن هذه اللحوم هي مشكوك في صلاحيتها الغذائية والصحية.

وحول الادعاءات عن شرعية ذبحها وماركاتها الدينية اوضح ان هذه محاولة لتبرير استيرادها مضيفا ان عملية التسويق عن طريق الاعلان الذي يحمل الطابع الديني هي قضية استخدمت بذكاء من أجل اقناع الناس والدخول اليهم من هذا الباب.

اما صائب حسين الممثل الرسمي لوزارة الزراعة وهو مدير التخطيط في مديرية زراعة بغداد فقد اوضح ان العراق بلد مستورد وليس مصدّرا وهذا ما ينطبق على الثروة الحيوانية لان الانتاج المحلي لا يسد حاجة السوق لذلك دخل المستورد منافسا قويا مؤكدا أن هناك الكثير من المعالجات لهذا الوضع منها تشكيل لجان في وزارة الزراعة لتحديد سقف الاعتماد على المستورد، كذلك هناك مشروع القرى العصرية الذي يشمل الطبيب البيطري والمهندس الزراعي وخريجي كليات معاهد الزراعة حيث تم منحهم 40 دونما للاستثمار وتوفير السكن والامول لإدامة تلك المشاريع الزراعية والتي منها الاهتمام بالثروة الحيوانية، كذلك هناك سلفة تحت اسم المبادرة الزراعية للحكومة العراقية والتي استفادت منها الكثير من المحافظات. واشار الى ان وزارة الزراعة جادة في جعل العراق بلدا مصدّرا وليس مستوردا للحوم.