رام الله: تعكس رام الله صورة مدينة مزدهرة تشهد حركة أعمال محمومة وفورة عقارية كست تلالها بالمباني، غير أن هذه المدينة التي تؤوي مقر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تبقى استثناء في مشهد اقتصادي عام هش.

ففي هذه المدينة البالغ عدد سكانها أربعين ألف نسمة، تشيد المباني السكنية والتجارية بوتيرة متسارعة، فيما تفتح مقاه ومطاعم جديدة أبوابها على الدوام. إنها واجهة مثالية لجهود رئيس الوزراء سلام فياض الطامح لإقامة دولة فلسطينية quot;مستقلة وقابلة للحياةquot; بحلول 2011. غير أن quot;رام الله تبقى استثناءquot; على حد قول ناصر عبد الكريم الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة بيرزيت. فإن كان النمو في الضفة الغربية وصل إلى 8.5% عام 2009 بحسب أرقام صندوق النقد الدولي، إلا أن الاقتصاد الفلسطيني يبقى مرهوناً بالمساعدة الدولية وبالقيود التي تفرضها إسرائيل على تنقل الأشخاص والبضائع.

وأوضح عبد الكريم quot;أن توقفت المساعدة الدولية لمطلق سبب أو تم تخفيضها، عندها ستهبط النفقات الحكومية، وسيعود الاقتصاد بكل بساطة إلى الصفرquot;. وتمثل حصة المساعدة في إجمالي الناتج الداخلي الفلسطيني 22%، رغم أنها تراجعت. وقدمت الدول المانحة 1.35 مليار دولار للسلطة الفلسطينية عام 2009، لتمكينها من تمويل ميزانيتها، مع مبلغ إضافي قدره 400 مليون دولار خصص لبرامج إنمائية.

وذكر عبد الكريم من جهة أخرى أنه quot;ليس هناك تحسن ملحوظ في الاستثمارات الخاصة، وخصوصاً في القطاعات التي يمكن أن تشكل بنية تحتية لدولة مستقلة، مثل الزراعة والصناعةquot;.

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن القيود الإسرائيلية quot;ما زالت تعوق النشاط الاقتصادي الداخلي والتجارة الخارجيةquot; في الضفة الغربية. وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه يعتزم القيام quot;في مستقبل قريبquot; بمجموعة من quot;بوادر حسن النيةquot; حيال الضفة الغربية، ومنها إزالة عدد من الحواجز.

لكن مهدي المصري رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الفلسطينية اعتبر أن quot;هذه مجرد مظاهرquot;، مؤكداً أن بناء اقتصاد متين لن يتم إلا في حال بسط السيطرة الفلسطينية على مجمل الضفة الغربية. وبموجب اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة عام 1993، فإن السلطة الفلسطينية تسيطر أمنياً وإدارياً على 18% من الضفة الغربية صنفت ضمن المنطقة أ، وتتعاون مع إسرائيل في المنطقة ب (20%)، فيما تسيطر إسرائيل على المنطقة ج.

وقال المصري إن quot;في وسع أدنى جندي في الجيش الإسرائيلي عرقلة حركة نقل بضائع بقيمة ملايين الدولاراتquot;. أما عبد الكريم فأوضح أن quot;إسرائيل احتفظت بالمفاتيح، ويمكنها تغيير كل شيء في أي لحظة بمجرد إقامة حاجزquot; على سبيل المثال.

ومن العراقيل الأخرى التي تعوق النمو الاقتصادي الفلسطيني الحصار المحكم الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ 2007.وذكر المصري أن quot;35 الى 40% من الاقتصاد الفلسطيني معرقل بسبب الحصار على غزةquot;، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 40% بالمقارنة مع حوالي 20% في الضفة الغربية.

وثمة أخيراً تباينات كبيرة بين رام الله ومدن الضفة الغربية الأخرى، مثل نابلس والخليل، حيث يبقى الازدهار الاقتصادي حلماً بعيد المنال في البلدات الواقعة في المنطقة ج. وفي بير نبالة بين رام الله والقدس، لخص محمود نعيم الموظف في محل للخزفيات الوضع بـquot;الركودquot;، مشيراً إلى أن الجدار الأمني الذي أقامته إسرائيل بدل كلياً حياة المدينة التي كانت تشهد من قبل حركة كبيرة. وقال quot;قبل الجدار، كنا نتعامل كثيراً مع القدس. أما اليوم، فلم يعد هناك أي حركة أو بالكادquot;.