منذ بداية الأزمة العالمية الاقتصادية والمالية في سبتمبر 2008، انخفض مؤشر البورصة السعودية من حاجز الـ 10.000 نقطة إلى 4800 خلال شهرين فقط، ومنذ ذلك الوقت والمؤشر يحاول جاهداً تعويض خسائره، إلا أن أزمة اليونان وقفت أمام هذا التقدم وحالت دون إنجازه.

الرياض: لم يكن حاجز الـ 6900 نقطة، الذي وصل إليه مؤشر البورصة السعودية بالرقم السهل، على العكس، كان من الصعب الوصول إليه، والأصعب من ذلك هو المحافظة عليه، وهذا ما حدث، فلم يتمكن المؤشر خلال الشهر الماضي من المحافظة على تمركزه فوق نقاط المقاومة التي استطاع الوصول إليها واختراقها إلى أن تجاوز حاجز الـ 6800 نقطة أخيراً، ليعوّض ما نسبته 42 % من خسائر 2008 الفادحة جراء أزمة الائتمان العالمية.

وخلال هذا التقدم الجيد، والأنباء الإيجابية والتفاؤلية في الأوساط السعودية عن عودة الانتعاش للسوق مرة أخرى، ولو بشكل تدريجي، ظهرت فجأة أزمة الديون اليونانية، وانهيار اليورو أمام العملات الأخرى، والأنباء غير الجيدة عن تباطؤ الاقتصاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة.

وكان العديد من الخبراء الاقتصاديين والعلماء في مجال الاقتصاد الكلي والنقود يخشون من المفاجآت، فلم يكن للأزمة تفسير إلا أن مااستتر سابقاً من أرقام وبيانات، بدأت الآن تظهر على السطح على مرأى الجميع، وأظهرت ضعف السياسة المالية والنقدية التي تتبعها تلك الدول التي تضررت.

وخلال هذه الأزمة، التي بدأت في مطلع شهر مايو/أيار الحالي، بدأت الآثار تظهر واضحة على مؤشر السوق السعودي، فازدادت عمليات البيع والهروب من قبل المستثمرين خشية الوقوع في مآس أخرى، بعد كارثة سبتمبر/أيلول 2008، ما أدى إلى انخفاض المؤشر من حاجز 6900 نقطة، إلى أن وصل يوم أمس تحت مستوى 6000، تحديداً عند 5700 نقطة، الأمر الذي أدى إلى تراجع السوق يوم أمس (الثلاثاء) بنسبة كبيرة تجاوزت 6.7 %، كأكبر تراجع لها بشكل يومي خلال عام، والأكثر تضرراً من بين الأسواق المحيطة، وكذلك العالمية.

من جهته، أشار الخبير الاقتصادي والمحلل الفني لسوق الأسهم السعودية ثامر السعيد في حديث مع quot;إيلافquot; إلى أن المملكة ليست في معزل عن العالم الخارجي، ومن الطبيعي أن تتأثّر بالأحداث الاقتصادية والسياسية حول العالم، وما حدث أمس ليس إلا رد فعل للتوتر السياسي في دول شرق آسيا، وهو الذي أدى بدوره إلى انخفاض الأسواق الشرق آسيوية بنسبة كبيرة الثلاثاء. موضحاً أن السوق السعودية تعتمد على التعاملات الفردية، وهو السبب الذي يؤدي إلى التأثّر بالمسببات والآثار الخارجية التي تحدث في العالم.

ويؤكد السعيد في حديثه لإيلاف أن السوق بعد نهاية الربع الأول فقدت المحفزات التي تدعوها إلى الارتفاع أكثر من حاجز 6900 نقطة، وبالتالي كانت الظروف المحيطة هي المحفزة للانخفاض أكثر منها للارتفاع. ويختتم الخبير الاقتصادي حديثه بأن الوضع الاقتصادي في السعودية مطمئن، والمؤشرات كلها إيجابية وتفاؤلية، لافتاً إلى أن المحدد المقبل للسوق هي النتائج النصفية، فيما إذا كانت إيجابية تترجم الواقع الاقتصادي للمملكة، فتؤثّر بذلك إيجاباً على المؤشر.

أما المحلل الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودية عمر آل محمود فذكر لـ quot;إيلافquot; أن انخفاض المؤشر بهذه الصورة أمس لم يكن مبرراً على الإطلاق، وكأن الاقتصاد السعودي يمرّ بأزمة خطرة، فاليونان على الرغم من أهميتها، إلا أن حجم التبادل التجاري بينها وبين المملكة يعتبر أقل بكثير من دول أوروبية أخرى، فلا يوجد ما يبرر هذا الانخفاض، من وجهة نظره، إلا الهروب من أجل المحافظة على المستويات التي وصل واقتنع بها المستثمر، والمحافظة على ما يمكن المحافظة عليه.

ويرى المحمود أن المستثمر الذي يقرر البيع في مثل هذا الوقت، تكمن استفادته الوحيدة في إضافة عدد أكبر من الأسهم، على الرغم من خسارته الكبيرة من الناحية المادية، فينبغي أن يتبع المستثمر الآلية الصحيحة في الدخول والخروج من السوق، وتحديد الهوية الصحيحة له، فيما إذا كان مستثمراً طويل الأجل أو قصير الأجل أو مضاربا يوميا. أما الهروب الجماعي من السوق فليس له أي فوائد تذكر.

الجدير ذكره أن السوق السعودية استطاعت اليوم الأربعاء الارتداد بشكل جيد، وتعويض بعض من خسائرها ليوم أمس، بارتفاعها بنسبة 1.7 %، مضيفة 100 نقطة لرصيدها، لتصبح قيمة المؤشر في نهاية تداولات هذا الأسبوع 5862 نقطة.