علاوة يوليو( تموز) الاجتماعيّة استحوذت على اهتمام الموظفين المصريّين، فهم ينتظرونها بفارغ الصبر لتعينهم على شظف الحياة، وأصبحت بمثابة إنذار خطر لدى عامة الشعب بحدوث زيادة في الأسعار، ومن ثم تهديد لزيادة التضخم في رأي الخبراء والمحللين... كل هذا اللغط وأكثر دار حول العلاوة الاجتماعيّة.

القاهرة:أقرّ مجلس الشعب المصري العلاوة الاجتماعيّة لشهر يوليو (تموز) بقيمة 10% وأحدثت انقسامًا بين الحكومة المصرية، فهناك آراء اتجهت لاستغلال المبلغ المخصص لها 3.5 مليارات جنيه في مشاريع بنية تحتية أو مشاريع تنموية أو ضخها في الأسواق لضمان استقرار الأسعار، في المقابل أصر أصحاب القرار على منحها نقدًا لكونها المعوّل الذي يعتمد عليه المصريين ضد الغلاء.

في البداية، قال محمد أبو شوك ndash; موظف- نحن كموظفين نفضل أن نتقاضى قيمة علاوة يوليو نقدًا لأن الناس أصبحت لا تثق في أن الحكومة تقوم بمشاريع تنموية، وحالة انعدام الثقة هذه ليست وليدة يوم وليلة، فمنذ عامين سمعنا بوعود كبيرة لم تتحقق وذهبت أدراج الريح، وأضاف أن الناس تحتاج إلى الزيادة وكل يرى متطلباته بمعرفته الشخصية وضرب أبو شوك مثلا بأميركا والدول الأوربية قائلاً: عندما تقر هذه الدول ضرائب يدفعها الناس وهم مطمأنون لأنها ستعود عليهم بالنفع .

الدكتور سعيد عبد المنعم أستاذ المحاسبة والضرائب، وكيل كلية التجارة بجامعة عين شمس أكد أن الحكومة في موقف حرج بسبب تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني، وتراجع مصادر التمويل الأساسية للموازنة العامة للدولة، وحذر quot;عبد المنعمquot; منالاتجاه لتخفيض مخصصات الدعم، فهذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من حالة الاحتقان التي تعاني منها جموع الشعب المصري، خصوصًا أن آثار علاوة الـ 30 % التي تم إقرارها في العام قبل الماضي ما زالت تلقي بظلال كثيفة على جميع فئات الشعب المصري.

كما رفض فكرة توجيه مخصصات العلاوة إلى المشاريع التنموية، بدعوى تنشيط الاقتصاد الوطني في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية، مشيرًا إلى أن هذه العلاوة تمثل الفارق بين التضخم النقدي ومعدلات النمو، ومن ثم فإنها تساعد الموظفين على مواجهة ارتفاع الأسعار والأعباء المعيشية الصعبة. وأوضح أنه بالنظر إلى معدلات التضخم الحقيقة ومعدلات النمو التي حددتها الحكومة بنحو 5% سنجد أن الفارق بينهما يزيد عن 20%، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بالبحث عن مصادر لزيادة العلاوة الاجتماعية بأكثر من هذه النسبة للتخفيف عن كاهل المواطنين.

وقال اللواء مصطفى عبد القادر وزير التنمية المحلية السابق إن الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الأغلبية العظمى من الشعب المصري تتطلب أن تكون العلاوة نقدية، خصوصًا أن عوائد المشاريع التي من الممكن أن توجه إليها أموال العلاوة لن تأتي إلا بعد فترة، فضلاً عن أنها لن تعود بشكل مباشر على جموع المواطنين. وأضاف: هذا لا يعني أن تتوقف الحكومة عن ضخ الأموال في المشاريع التنموية سواء كانت خدمية أو زراعية، ولكن يجب أن يكون ذلك بعيدًا من أموال العلاوة ومخصّصات الدعم التي يتأثر بها الفقراء والمعدمون بشكل مباشر.

وأكد quot;عبد القادرquot; أن الحكومة مطالبة بالبحث عن مصادر غير تقليدية لتمويل العلاوة الاجتماعية، دون أن يكون ذلك سببًا في زيادة عجز الموازنة العامة للدولة، فتلك مهمة وزارتي المالية والتنمية الاقتصادية في الأساس، مشيرًا إلى أن الحل الأمثل لتوفير موارد العلاوة الاجتماعية يكمن في تقليل المصاريف والنفقات الحكومية، إلى جانب التوقف عن إقامة أي مشاريع جديدة ليست لها أولوية أو أهمية في الوقت الراهن.

من جانبه، اتفق الدكتور سمير مرقص مدير إدارة تنمية الموارد والدمغة السابق بوزارة المالية، أستاذ المالية العامة بالجامعة الأميركية مع أن الحكومة تواجه أزمة حقيقية بسبب عدم توافر الموارد اللازمة لتمويل العلاوة الجديدة، ولكنه من المستبعد فرض ضرائب جديدة على المواطنين- مثلما حدث في العام قبل الماضي- خصوصًا في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المجتمع المصري، مشيرًا إلى أن الحكومة قد تلجأ لبعض الحلول غير التقليدية للخروج من الأزمة الراهنة، ومنها الاستعانة بنصائح البنك الدولي في توسيع الرقعة الزراعية بالصحراء الغربية، حيث توجد ستة ملايين فدان خصبة يمكن استغلاها في الزراعة العضوية وزيادة الصادرات المحققة من ورائها إلى الدول الغربية، مع إمكانية زيادة الاستكشافات التعدينية في الصحراء الشرقية، والتي بإمكانها وضع مصر في مصاف الدول الغنية.