كل فترة تطالعنا أخبار بأن الغاز وحتى النفط موجودان في لبنان، والسؤال المطروح في حال وجود غاز في هذا البلاد كيف نستفيد منه اقتصاديًا وكيف يمكن التأكد من وجوده في لبنان؟

بيروت: يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة لإيلاف إنه يجب التأكد من مدى جدية وجود غاز في لبنان، لأن الامر مطروح منذ زمن، والموضوع المطروح يكمن بمدى نسبة تكلفة استخراج الغاز، بمعنى اذا تكلف لبنان باستخراج غاز اكثر من استيراده من الخارج، فالامر لا ينفع لبنان، والسؤال اليوم كم يملك لبنان كميات وما مدى كلفة الاستخراج، لنفرض وجود كميات متوافرة فالامر يعود بالنفع الى لبنان اقتصاديًا من خلال تخفيض فاتورة الاستيراد من الدول العربية وغيرها.

ومع وجود كميات كبيرة في المياه الاقليمية اللبنانية فالامر يعود ايضًا بالنفع الى لبنان، والدراسات الاوّلية تقول ان كلفة الاستخراج قد تكون اعلى من الاستيراد، واذا ما اصبح برميل الغاز بكلفة 200 دولار عندها يكون استخراجه اقل كلفة في لبنان، واذا كانت الكميات كبيرة يمكن التصدير وهذا امر اساسي وحتمي في لبنان من خلال تحسين الميزان التجاري للبلد وعجزه اليوم هائل، ويمكن تحسين ميزان الحساب الجاري، وكذلك تحسين ميزان المدفوعات في لبنان، وتأثيره يكون ايجابيًا جدًا من خلال تشغيل فئة من العاملين في السحب والتصفية والتنظيف، ويمكن تخفيف خسارة الكهرباء وهي خسارة سنوية كبيرة.

اما هل الخوف من القيام بذلك يعود الى كلفة الدراسة؟ يجيب:quot;الاكيد ليس كلفة الدراسة لاننا نقوم بدراسات عدة، ويمكن ان نقوم بها بشكل جدي وعلمي، وارى انها متداخلة نحو الجدل الموجود في البلد، وقد تم تسييسها، وكلفة الدراسة يمكن دفعها مهما كانت، والشركات الكبيرة للغاز تقوم بالتنقيب السطحي البدائي، ويمكنها ان تُمول الدراسة من خلال اعطائها اولوية في الاستخراج.

وردًا على سؤال هل يؤدي وجود آبار غاز في لبنان الى ايجاد استثمارات جديدة فيه يجيب:quot; طبعًا، اي شركة نفطية كبيرة تستطيع ان تعرف بسهولة اذا كان هناك آبار غاز او نفط، وبعد التأكد تقوم بالدراسة وتستثمر على الشاطئ اللبناني ويتم تشغيل الالوف من العاملين والمهندسين الذين يتخرجون من الجامعات ويتم تشجيع الاستثمارات التابعة للغاز والنفط مثل البلاستيك وغيرها. ويجب القيام بدراسة جدية اليوم وانهاء موضوع الجدل.

يقول الدكتور أسامة عيد ( اختصاصي جيولوجيا) لإيلاف انه بعد اكتشاف النفط، في النصف الثاني من أواخر القرن التاسع عشر، كمصدر للطاقة خضع النفط للبحث والتحليل والدراسة في جميع الوجوه والجوانب العلمية تفصيلاً وتدقيقًا، وبعد تركيز الشركات على اكتشاف مكامن النفط في شبه الجزيرة العربية نظرًا لتمتعها بالشروط الجيولوجية اللازمة لوجوده أثبتت العمليات التنقيبية غزارته في هذه المنطقة ومن ضمنها لبنان حيث برز وجود الغاز والنفط في مناطق مختلفة على اليابسة وفي البحر.

وبدل أن تلقى هذه الدراسات والعمليات التنقيبية الاهتمام اللائق من قبل الدولة والوزارات اللبنانية المعنية، تهافتت الشركات الأجنبية على اقامة مشاريع تنقيبية في مختلف المناطق التي أظهرت علامات ايجابية في هذا المجال، وكل ذلك يتم دون أي ملاحقة أو متابعة من الوزارات المعنية ما يدعو إلى تساؤل جوهري حول وجود إرادة قوية لإبقاء موضوع الغاز والنفط اللبنانيين طي الكتمان.

ويعتبر عيد، أن النفط، في تركيبته الكيميائية، هو نتاج تحلل عناصر عضوية هيدروكربونية، واستمر هذا الرأي سائدًا على الرغم من ظهور عناصر شاذة في سياق عملية الاستكشاف النفطي، وتعزز الشك في هذه العناصر الغريبة بعد اكتشاف بعض الجيوب النفطية في صخور نارية لا يبدو أثر تحلل المادة العضوية ظاهرًا فيها، إلا أن هذا الشك في أصل النفط وسيطرة النظريات التي تتحدث عن النفط كنتاج عمليات باطنية، لم تبلغ درجة كافية من الحسم لتلغي طغيان العنصر العضوي في تشكل النفط وسيطرة هذه النظرية شبه المطلق.

ونتيجة لهذه المعلومات أصبح بالامكان تصوُّر مراحل نشوء النفط من بقايا النباتات والحيوانات الدقيقة المجهرية اللافقرية منها والفقرية وبكميات هائلة بعد موتها وطمرها وتعرضها لظروف محددة من الضغط والحرارة والبعد عن عوامل التأكسد بحيث تصبح بعد فترة معينة، بقايا عضوية متحللة، تأخذ في مراحل تحولها الأولية شكل الفحم، ثم تتحول إلى جزيئات أولية من العناصر الهيدروكربونية وعند ذاك، وضمن بعض الظروف الطبيعية، يصبح بالإمكان تحولها إلى هذه المادة الشديدة التعقيد والتركيب، أي النفط.

ويضيف:quot; تثبت الدراسات أن الشروط أو العوامل الجيوليوجية التي تحكم وجود النفط في منطقة معينة أصبحت محددة وهي:

1- غطاء رسوبي كثيف.

2- تنوع الغطاء الرسوبي من صخور صلبة مشققة أو ذات مسامية عالية وصخور طينية ذات وجود عضوي عال.

3- هدوء جيولوجي لا يسمح بتغيير التوازن الهيدروليكي مما لا يحرك ولا يدع السوائل المحبوسة في الطبقات الرسوبية تهاجر أو تتسلل عبر الكسور والفوالق التي تنشأ عن الديناميكية العنيفة.

رأي علمي
اما هل بإمكان لبنان ان يستفيد من تجربة جيرانه من استخراج الغاز؟ يقول حبيقة يمكن الاستفادة من الجيران ومن الدول الاخرى، من تجربة المكسيك وروسيا والمؤسسات الدولية كالبنك الدولي، وما يتم الحديث فيه في لبنان هو من خلال سياسيين محدودين، لم اسمع بتصاريح جدية من قبل المؤسسات الدولية كالشركات البترولية.

اما كيف يثبت لبنان ان آبار الغاز ملكه؟ يجيب: quot;في العرف الدولي هناك ما يقارب العشرين كيلومترًا لها في عمق البحر، اذا هذا الغاز موجود ضمنها فهي للبنان، وفي بعض الاحيان توجد آبار تمتد فوق العشرين كيلومتر وتصبح ملك البلد وملك المجتمع الدولي، ولنفترض ان ذلك صحيح فيجب القيام بلجنة دولية لتقاسم الايرادات.

وهل الجهات المختصة أهملت وجود الغاز في لبنان على مر السنوات؟ يجيب: quot;نعم اهملت لانه لم يكن هناك اقتناع من وجود الغاز، ومن كان مقتنع بذلك لم يتشجع لان البترول كان رخيصًا، ويتم الحديث كل فترة عن غاز في لبنان كلما ارتفع سعر برميل النفط خارجًا، وهناك موجات ولا جدية في التنقيب، يجب على الدولة ان تفهمنا ولمرة واحدة واخيرة كم نملك من الكميات وما كلفة استخراجها، وقتها لن يبقى الجدل قائمًا حول الموضوع.