مدريد : بعد ان كادت الازمة المالية العالمية تحدث هزة سياسية واقتصادية واجتماعية في اسبانيا بداية العام الحالي استطاع هذا البلد التعافي ببطء من تلك الازمة بفضل سياسات تقشفية صارمة اتخذها بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي.ومع بدء الازمة المالية العالمية في اغسطس 2008 وانفجار فقاعة القروض الاسكانية في الدول الغربية عام 2007 والهزات المالية التي تلتها خلال العامين التاليين فان اسبانيا عانت ركودا اقتصاديا قاسيا نجم عنه اغلاق المئات من الشركات أو افلاسها وارتفاع نسبة البطالة لتبلغ هذا العام نحو 20 بالمئة من الأيدي العاملة.وسارع الاتحاد الاوروبي الى تقديم مساعدات الى اسبانيا بلغت في يوليو من هذا العام 209.130 مليون يورو للمساعدة على الخروج من الازمة وعدم انتقال عدواها الى عدد من دول الاتحاد لاسيما الجارة البرتغال.من جهتها اتخذت الحكومة الاسبانية في مايو الماضي مجموعة من التدابير والاجراءات للحد من الركود تستهدف توفير خمسة آلاف مليون يورو خلال العام الجاري وعشرة الاف مليون يورو في عام 2011.ومن اهم التدابير التي اتخذتها الحكومة تخفيض رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 5 بالمئة خلال عام 2010 وتجميد أي زيادة خلال عام 2011 وخفض مرتبات أعضاء الحكومة بنسبة 15 بالمئة لتكون هذه الشريحة مثالا لبقية أفراد المجتمع.


وعمدت الحكومة الى تخفيض الاستثمارات العامة بمقدار 045ر6 مليون يورو في هذا العام والعام المقبل وتخفيض المساعدات المخصصة للتنمية بمقدار 600 مليون يورو خلال هذين العامين اضافة الى تجميد معاشات التقاعد لعام 2011.ووفقا لتقرير المعهد الوطني الاسباني للاحصاء فانه نتيجة لهذه الاجراءات سجل الاقتصاد الاسباني نموا بنسبة 0ر2 بالمئة في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بنمو قدره 0ر1 بالمئة في الربع الأول.واوضح تقرير نشره البنك المركزي الاسباني ان عددا كبيرا من الشركات أغلقت واعلنت افلاسها منذ بداية هذا العام فيما ادى الركود الاقتصادي الى اغلاق واحدة من كل 10 شركات كانت موجودة في عام 2007 منها 13 بالمئة ترتبط ارتباطا مباشرا بقطاع الاسكان.واضاف التقرير ان quot;البطالة من أهم ما خلفته الأزمة الاقتصادية في اسبانيا اذ ارتفع معدل البطالة من 4ر6 بالمئة عام 2006 الى 3ر11 بالمئة عام 2008 ثم الى نحو 20 بالمئة هذا العام ليصل عدد العاطلين عن العمل الى نحو اربعة ملايين شخص متجاوزا معظم المعدلات المماثلة في اوروبا.وذكرت تقارير اقتصادية ان quot;التضخم غير المدروس في قطاع العقار كان بؤرة الأزمة الاقتصادية الاسبانيةquot; مشيرة الى اعلان وزارة الاسكان بأن هذا القطاع تميز بمعدل نمو كبير بين عامي 2000 و2007 وصل الى 7ر44 بالمئة وساهم في انعاش الأعمال التجارية والنشاطات السياحية والاتصالات وغيرها.وذكر البنك المركزي الاسباني ووزارة الاسكان في تقارير اقتصادية ان quot;اسعار المنازل في إسبانيا شهدت ارتفاعا كبيرا بلغت نسبته 100 بالمئة في الفترة بين 1997 و 2006 فيما شهدت تلك الاسعار انخفاضا كبيرا عقب الأزمة المالية تراوحت نسبته حتى هذا العام بين 20 و25 في المئةquot;.ومن تداعيات الازمة ايضا انخفاض الناتج المحلي الاجمالي ووجود أزمة سيولة وعدم ثقة بين البنوك اضافة الى عمليات اندماج بين البنوك ولجوء الدولة الى الدين العام وطلب المساعدة من البنك الأوروبي المركزي الذي دعم عجز الحكومة الاسبانية بمنحها سيولة ضخمة ساعدت في التخفيف من وطأة الأزمة.ويرى معظم المحللين الاقتصاديين أن خروج اسبانيا من الأزمة يتطلب مواصلة السير في نهج التقشف الاقتصادي الصارم الذي اتبعته وتطبيق التوصيات التي وضعها الاتحاد الاوروبي والعمل على اقناع الشعب الاسباني بان هذا النهج هو الوحيد للحد من تداعيات الأزمة وآثارها.