كل المؤشرات تؤكد أن عيد الفطر في مصر هذا العام عيد استثنائي، فقابل موجة الغلاء التي طالت السلع، حالة عزوف عن الشراء ألقت بظلالها على الأسواق فباتت تعاني حالة ركود نسبي مقارنة بالموسم نفسه في الأعوام السابقة، بعدما أصبح همّ الأسر المصرية أن يمر موسم العيد بأقل تكاليف اقتصادية.

القاهرة: من خلال جولة لـ quot;إيلافquot; في الأسواق المصرية قبل العيد بيومين، لوحظ ضعف الإقبال على المنتجات التي من المفترض أن تلقى رواجاً في هذا الموسم، كالملابس ولعب الأطفال والحلوى. فمنطقة وسط البلد في القاهرة، التي تعجّ بالزحام في هذه الفترة من السنة، وخاصة محال الملابس، أصبحت quot;فتريناتهاquot; هذا العام ملاذاً للمتفرجين أكثر من المبتاعين.

ورغم أن التخفيضات الصيفية متزامنة مع فترة العيد، إلا أن هذا الأمر لم يشجع المستهلكين على الشراء، لأن بعض التجار لم يشتركوا في التخفيضات من جهة، ولأن التخفيضات نفسها لم تحدث فروقاً كبيرة في الأسعار من جهة أخرى.

وفي منطقة وسط البلد في قلب العاصمة المصرية، التقت quot;إيلافquot; عددا من المستهلكين المصريين وسألتهم عن استعداداتهم لدخول العيد. في البداية قال ممدوح فريد - محام - quot;أنا متزوج، ولدي طفل واحد. وقد جئت إلى هنا لأشتري له ملابس العيد. وهذه هي السلعة الوحيدة التي أستعد بها للعيد هذا العام، فلا أفكر في شراء الكعك أو لعب أو حتى ملابس جديدة لي ولزوجتي. فالدخل الشهري أصبح بالكاد يكفي الطعام والشراب، ولا مجال للبذخ في المواسم والأعيادquot;. وأشار إلى أن quot;الأوكازيونquot; لم يغره للشراء، فبعد الخصومات لا تزال الملابس غالية.

بينما اكتفت فاطمة - موظفة ndash; بشراء بعض الملابس المكملة للملابس القديمة لأطفالها الثلاثة، quot;فالظروف لا تسمح بشراء ثلاثة أطقم جديدة لهم، لكون الغلاء قد طال السلع كافة، والدخل لا يزيد بما يتناسب مع فروق الأسعار. أما عن باقي لوازم العيد، فأوضحت فاطمة أنها قامت بشراء 5 كيلو دقيق، وصنعت منها كعك العيد في المنزل حتى توفر ثمن الشراء.

في حين أكد إبراهيم عبد الحميد ndash; بائع ملابس - أن تجارة الملابس تعاني هذا العام ركوداً نسبياً، ومقارنة بالأعوام السابقة، فإن حركة البيع قلت نسبتها في الموسم الحالي بحوالى 30%. لافتاً إلى أن quot;المواطن المصري لم يعد يهتم بشراء الملابس كما في السابق، نظراً إلى الغلاء الشديد في أسعار السلع الأساسية.

وعلى الرغم من أن الغلاء لم يطل الملابس بشكل كبير، وكذلك موافقة التخفيضات الصيفية لموسم العيد، إلا أن ذلك لم يكن دافعا قوياً لحركة البيع، فيبدو أن الملبس أصبح من الأشياء الثانوية لدى المصريين، خاصة محدودي الدخل، الذين يكابدون من أجل توفير لقمة العيش. ويذكر أن بعض المحال واجهت حالة الركود بعروض تسويقية، مثل quot;إشتر قطعتين.. واحصل على الثالثة مجاناًquot;.

وأمام محال الهدايا ولعب الأطفال، كان الحال مشابهاً لسوق الملابس، فيشير خالد ndash; بائع - إلى أن أسعار الهدايا ولعب الأطفال ارتفعت ما بين 15 و25 % في هذا الموسم، وهذا ما أثّرفي نسبة البيع بشكل ملحوظ. في حين أكد حماد الرمحي ndash; صحافي ndash; أنه جاء ليشتري لابنه ألعاباً quot;لأن الأطفال يفرحون بهذه الألعاب في العيدquot;. وعلى الرغم من حالة الغلاء، إلا أن البعض يحاول إرضاء أطفاله، حتى ولو اضطر إلى شراء ألعاب بسيطة رخيصة الثمن.

وتعليقاً على حالة السوق، فيرى الدكتور العزب منصور ndash; الخبير الاقتصادي والأستاذ في الجامعة الأميركية - أن الحالة الاقتصادية العامة في مصر جعلت المواطن في quot;حيص بيصquot;، وحمّل الحكومة مسؤولية ما يحدث، فالمتطلبات المتعددة في المواسم والأعياد تخضع لمبدأ العرض والطلب، وهذا يحتاج التزامات مادية كبيرة، ولكن دخل المواطن لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار الذي يلاحق كل شيء. وطالب العزب الحكومة بمراعاة أحوال الشعب، في ظل التضخم الذي يحتاج توازناً مفقوداً، ويمكن ذلك بطرق كثيرة، منها تنظيم عملية الاستيراد، ووضع دراسة لتكلفة المنتجات، ولا تترك للتجار حرية التحكم في الأسواق.