تقسيم السودان سيؤدي إلى صعوبات ومشكلات اقتصادية جمّة

فيما يستعد سكّان جنوب السودان للتصويت في استفتاء الانفصال عن شمال البلاد، يتوقع مراقبون اهتزاز اقتصاد الخرطوم. ويبدو أكيدًا أن عائدات الشمال النفطيّة ستكون أقل مما هي عليه الآن، أيًا كانت الصيغة التي سيتم التوصل إليها.


الخرطوم: يتوقع المحللون أن يتعرّض اقتصاد شمال السودان لاهتزازات في حال انفصال الجنوب إثر الاستفتاء حول تقرير المصير المقرر إجراؤه الأحد المقبل. ورغم أن الشمال والجنوب ما زالا يتفاوضان على تقاسم الثروة النفطية عند انفصال الجنوب، إلا أنه يبدو مؤكدًا أن عائدات الشمال ستكون أقل مما هي عليه الآن، أيًا كانت الصيغة التي سيتم التوصل إليها.

وأقرّ الرئيس السوداني عمر البشير شخصيًا في نهاية كانون الأول/ديسمبر بالانخفاض المرجح لعائدات النفط، وكرر عزم الحكومة على تنويع مصادر الدخل. وقال البشير quot;إن سياستنا من أجل أن يكون لدينا اقتصاد مستقر ومرن ستستمرquot; مع الأخذ في الاعتبار التغيرات الدولية والوقاية من آثار انخفاض عائدات النفط.

وينتج السودان حاليًا 500 ألف برميل من النفط يوميًا، ولكن غالبية حقول البترول تقع في جنوب السودان أو في المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب. ويشكل النفط 90% من صادرات السودان، وبالتالي المورد الرئيس للعملات الأجنبية.
وأعلن السودان بالفعل عزمه على التوسع في الزراعة لتعويض الخسائر من النفط.

هذا وتوجد في شمال السودان مساحات شاسعة صالحة للزراعة، تروى من مياه النيل، تحسده عليها دول عربية وآسيوية تتنافس بقوة الآن للحصول على حقوق استغلال طويل الأجل لهذه الأراضي. وتهدف هذه الدول إلى إنتاج سلع غذائية في السودان من أجل إعادة تصديرها لتغطية استهلاكها المحلي.

وتسمح هذه الاستراتيجية بمضاعفة الصادرات الزراعية لشمال السودان، وبالتالي الحصول على عملات أجنبية، ولكنها لا تتيح بالضرورة تحقيق الأمن الغذائي للبلاد.

ويقول محلل سياسي أجنبي مقيم في الخرطوم إن quot;هناك فارقًا بين أن تجعل من الزراعة عاملاً مستقرًا للنمو الاقتصادي، وبين تحقيق عائد سريع من خلال تأجير الأراضي لدول، مثل السعودية وأندونيسيا وكوريا الجنوبيةquot;. ويتفق المحللون على أنه ينبغي كذلك تحديث قطاع الزراعة، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة. ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم محمد الجاك أن quot;تطوير الصادرات التقليدية للسودان، مثل السلع الزراعية سيأخذ وقتًاquot;.

ويضيف quot;لا توجد موارد تمويل أجنبية، بسبب تراكم الديون على الحكومة، إضافة إلى عزلتها الدوليةquot;. وتبلغ الديون الخارجية للسودان 36 مليار دولار، كما إن الولايات المتحدة تفرض عقوبات اقتصادية على الخرطوم، لكن واشنطن وعدت بتخفيفها خصوصًا في القطاع الزراعي، وهو ما يؤكد أهميته لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في الشمال.

ويرى العديد من الاقتصاديين أنه لن يكون أمام حكومة الشمال سوى زيادة الضرائب على السلع الاستهلاكية لتعويض ما ستخسره من عائدات نفطية، إذا لم يتمكن القطاع الزراعي من تعويض كل الخسارة. ويشير الخبير الاقتصادي السوداني عصام محمد إلى أنه quot;مع انخفاض العائدات النفطية فإن الحكومة ستحاول زيادة الضرائبquot;، متوقعًا أن يكون الوضع quot;صعبًا للغاية في غضون ستة أشهرquot;.

ويضيف quot;إننا مضطرون لشراء 80% من القمح الذي نستهلكه من الخارج، وندفع ثمنه بالعملة الأجنبيةquot;. وحذّرت الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر من أن الارتفاع العالمي في أسعار السلع الغذائية يمكن أن يكون له آثار قاسية على السودان.

ويؤكد وزير الزراعة عبد الحليم إسماعيل المتعافي أنه مع تطوير القطاع الزراعي، سيتمكن شمال السودان من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في غضون خمس سنوات.