ناقش ملتقى الشارقة للأول للأعمال الأوضاع الإقتصادية لدول مجلس التعاون وآفاق تطوير الإستثمارات وتوسيع مجالاتها.


الشارقة: تحت رعاية الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة افتتح الشيخ عبد الله بن سالم سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة ملتقى الشارقة الأول للأعمال الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة الشارقة يومي 27-28 فبراير المنصرم. الملتقى الذي انعقد تحت شعار quot;التكاملية بين السوق الخليجية وقطاع الأعمالquot; ناقش الأوضاع الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي وآفاق تطوير الاستثمارات وتوسيع مجالاتها، وآليات تفعيل دور السوق الخليجية المشتركة. وقد تضمن الملتقى خمس جلسات حوارية معمقة أثراها نخبة اقتصادية وقيادية خليجية وإماراتية وإسلامية.

الجلسة الافتتاحية

كان أبرز المتحدثين في الجلسة الافتتاحية البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وعبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. وقد خلص أوغلو إلى وجود خلل بين إمكانيات دول المنظمة وانخفاض مستوى الإنتاجية فيها، رغم أنها تملك نحو 70 % من احتياطيات النفط المثبتة و40 % من الصادرات الزراعية عالميا، وهي ضمن أكبر 20 منتجاً للسلع الزراعية الأساسية في العالم.

وأشار أوغلو إلى حجم الأنشطة التجارية بين دول المنظمة التي تشكّل 10 % من حجم التجارة العالمية، وهو حجم لا يزال متواضعا، حسب تقديره. كما أشاد أوغلو بالدور الذي تؤديه إمارة الشارقة في تعزيز التجارة بين دول المنظمة.

من ناحيته، وصف عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، المرحلة التي وصلت إليها السوق الخليجية المشتركة بأنها مرحلة التكامل والاندماج الاقتصادي، مؤكدا أن:quot; الطبيعة التنافسية الموهوبة أصلا لدول المجلس، يسرت للسوق الخليجية المشتركة سبل العمل المشترك، والحافزية والخصوصية والتنوع، ما سيدفع السوق الخليجية المشتركة إلى نقل اقتصاديات دول المجلس من الحجم الصغير إلى الحجم الكبير الأمر الذي يخلق بيئة استثمارية مشجعة لرؤوس الأموال و الاستثمارات الوطنية.

وحول أهم نتائج الملتقى حسب العطية، تثبيت دور إمارة الشارقة ودولة الإمارات عموما، في التكاملية بين السوق الخليجية وقطاع الأعمال مؤكدا، أن ملتقى الشارقة الأول للأعمال حقق هدف التعريف بالسوق الخليجية المشتركة، وبالفرص الممكنة بين القطاع الحكومي والخاص، وما توفره من مزايا وتسهيلات.

السوق الخليجية المشتركة وآليات تفعيلها

تناولت الجلسة الحوارية الأولى من ملتقى الشارقة الأول للأعمال موضوع quot;السوق الخليجية المشتركة وآليات تفعيلها والنهوض بهاquot;. وتحدث فيها جاسم المناعي، المدير العام رئيس مجلس الإدارة في صندوق النقد العربي، وعبد الله آل صالح، وكيل وزارة التجارة الخارجية الإماراتية، ومشعل كانو، نائب رئيس مجلس الإدارة لمجموعة كانو.. وأدار الحوار الإعلامي محمد عبد الرحمن.

وخلص المتحاورن إلى: أن السوق الخليجية المشتركة تمرّ بتحديات كبيرة وعوائق تعاني منها كلّ دولة على حدة، إضافة إلى عوامل الضغط والقوى المؤثرة التي تمتلك مصالحها الخاصة. مؤكدين أنّ السوق الخليجية المشتركة ليست خياراً وإنّما هي ضرورة في ظلّ العولمة والمنافسة الاقتصادية الكبرى في العالم.

وأكد المتحاورن على بعض العوائق الفنية التي لم يتمّ الاتفاق عليها بعد، ولاسيّما فيما يتعلق بموضوع التخليص الجمركي. وفيما يتعلق بالاتحاد النقدي، أكّد المتحدثون أنّ الخليج العربي منطقة مناسبة جداً لتحقيقه، كونها تتمتع بسعر صرف واحد وسياسة نقدية واحدة، ومنهج اقتصادي حرّ، إضافة إلى متنفس أكبر للقطاع الخاص.

وأشار المتحدثون إلى التنافسية القائمة بين القطاعين العام والخاص، مؤكّدين أنّ لكل منهما دوره في العملية الاقتصادية، وأن الحكومات لا تقدم ما فيه الكفاية للقطاع الخاص. وانتقد المتحاورن ضعف الاستثمار في الثروة البشرية والتعليم، و القطاع الخاص كونه:quot;يركّز بالدرجة الأولى على العائد الماديquot;.

الإستثمار الخليجي في الخليج

الجلسة الثانية من اليوم الأول للملتقى بعنوان quot;الإستثمار الخليجي في الخليجquot;. شارك فيها: محمد بن ابراهيم التويجري, الأمين العام المساعد للشؤون الإقتصادية, في جامعة الدول العربية، ويوسف سيد حسن الزلزلة، عضو مجلس الأمة الكويتي، رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، وزير التجارة الأسبق، وعبد الرحيم النقي، الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، و نجيب الشامسي، مدير إدارة الدراسات والبحوث بالأمانة العامة في مجلس التعاون الخليجي، وأداراتها الإعلامية ميساء القلا.

وقد أجمع المتحدثون على وجود قصور واضح في إنتاج المعلومات والبيانات وتداولها واستخدامها في التخطيط وصنع القرار الاقتصادي. وأكدوا عجز الاستثمار بمراكز البحوث والدراسات وعدم اهتمام بدراسات الجدوى والإحصاءات وبحوث العمليات. وانتقد المتحدثون تجاهل دور البحث العلمي والباحثين في المؤسسات الاقتصادية الذي يؤكد ذلك عدم وجود باحثين متخصصين بمختلف أنواع البحوث، وإن كان هناك بحوث فأغلبها تتجه لبحوث التسويق والتي لا تدار منهجيا وعلميا بصورة صحيحة أيضا.

وخلص المتحاورون إلى طبيعة العلاقة الاقتصادية المنشودة بين دول مجلس التعاون هي التنافسية وليس التكاملية، كون الطبيعة التنافسية هي القابلة للتطوير. وانتقد المتحاورون أن صادرات دول المجلس صادرات نفطية فقط، وليست صناعات نفطية، وهذا يؤدي إلى خسارة فادحة تلحق باقتصادات الخليج عندما تصدر النفط الخام بأسعار زهيدة مقارنة مع استيراد صناعات نفطية ذات تكلفة عالية على دول المجلس.

واتفق المتحاورون على أن أسباب تراجع اقتصادات الخليج: الاتكال على النفط، كون عوائد النفط تغطي عورات سوء التخطيط وسوء الإدارة. كما لا توجد خطط تنموية بجداول زمنية، وعدم وجود آليات مراقبة لعمل التنفيذيين. كما أن عملية تطبيق القرار تواجه صعوبات في بعض الدول الخليجية.

وانتقد المتحدثون عدم وجود بيئة تشريعية خليجية متكاملة مواكبة لقرارات السوق الخليجية المشتركة وغيرها من المؤسسات الخليجية، كما أن القوانين الموجودة لا تجد درجة الاهتمام والحماس في كل هذه الدول.

وأشار المتحاورون إلى فجوة متزايدة بين مخرجات التعليم ومتطلبات الواقع الاقتصادي والاستثماري بسبب عدم كفاية برامج التدريب والاكتفاء بمهارات التعليم فقط في معظم مجالات الدراسة حتى تلك التخصصات المهنية والحرفية. وأكد المتحاورون، من الطبيعي عدم وجود وظائف لآلاف الشباب الخريجين لأن التنمية تجاهلت هذه القوى الاجتماعية المؤثرة.

البيئة الاستثمارية في الشارقة

شهد اليوم الثاني من الملتقى ثلاث جلسات حوارية. بدأت بجلسة بعنوان:quot; البيئة الاستثمارية في الشارقةquot;. وتحدث فيها: راشد الليم مدير عام الجمارك والموانئ والمنطقة الحرة بالحمرية، والسيد مروان السركال المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وأدار الجلسة الإعلامي الأستاذ عمر المخفي.

وأكد المتحاورون على حدوث طفرة كبيرة وتطور ملحوظ في البنى التحتية في إمارة الشارقة، كون البنى التحتية من أهم معايير إقامة الاقتصادات الكبرى وتطورها. وقدم المتحدثون بيانات إحصائية تفيد بأن 50% من حجم الصناعات في دولة الإمارات هي موجودة في إمارة الشارقة، وهي بذلك أكبر اقتصاد صناعي في دولة الإمارات العربية.

وأشار المتحدثون إلى أن الإمارات تمتلك أكثر من 44 معاهدة ازدواج ضريبي، و32 معاهدة استثمار متبادل، ويعيش على أراضيها جاليات تنتمي إلى 250 جنسية، وقد اعتبرت ثالث أكبر مركز مالي في العالم خلال السنوات العشر الماضية. وقد نتج عن ذلك الاهتمام بالبرامج التعليمية أكثر من ذي قبل.

المشاريع الصغيرة والمتوسطة

استضافت الجلسة الرابعة تحت عنوان quot;المشاريع الصغيرة والمتوسطةquot; حسين محمد المحمودي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة، والمستشار الاقتصادي والمخطط المالي صلاح سالم الحليان، وعبد الباسط الجناحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، والدكتور خالد المقلد مدير المشاريع في مؤسسة الرواد. وأدار الحوار الإعلامي الأستاذ محمد كركوتي رئيس تحرير مجلة الاقتصاد اليوم.

أشار المتحاورن إلى أن هناك مزيد من الفرص والآفاق أمام شراكة استراتيجية بين القطاع الحكومي والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي. غير أنهم اعتبروا أن المنافسة بين الغرف التجارية في الإمارات تشكّل عائقاً أمام المستثمر الذي تحاول كلّ منها استقطابه للاستثمار لديها.

وأكد المتحدثون أن كثيرا من المشروعات لا يسبقها دراسة جدوى ما يؤدي إلى فشل العديد منها، كما لا يوجد لدى العديد من المستثمرين فكرة أهمية الادخار. وشددوا على عدم إمكانية وجود للشركات الكبرى بدون شركات متوسطة وصغيرة.

واشتكى المتحاورون عدم وجود توازن كاف بين المستثمر الكبير والمستثمر الصغير لتأسيس نوع من العدالة في النمو والمردود الاقتصادي، إذ أنّ المشروعات الصغيرة هي شبكة للضمان الاجتماعي. وأكدوا المعاناة من تهرّب البنوك من تمويل المشروعات الصغيرة بسبب عدم وجود ضمانات.

سيدات الأعمال في الخليج

جاءت الجلسة الختامية من الملتقى بعنوان :quot;سيدات الأعمال في الخليجquot;، واستضافت الجلسة فاطمة الجابر، رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سيدات أعمال أبوظبي، نائب رئيس مجلس إدارة مجلس سيدات أعمال الإمارات، وفاطمة الشامسي، الأمين العام لجامعة الإمارات العربية المتحدة، وأدارها الإعلامي الأستاذ عبد الرحمن العرعور.

أكدت المتحاورات الثقل الاقتصادي المتنام لسيدات الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي، بما يملكن من ثروات تصل إلى 385 مليار دولار، وبما يمتلكن من حجم استثمارات ونوعيتها، غير أن أعمال أعمالهن لا تلاقي الدعم والمساندة الحكومية اللازمة.

واشتكت المتحاورات من العوائق الموضوعية التي تعاني منها سيدات الأعمال، ومنها: لا تزال سيدات الأعمال حبيسات النظرة الاجتماعية وعدم دعم وسائل الإعلام وتشجيعهن في الإنخراط بمشروعات ذات معنى اقتصادي واجتماعي. و نقص مصادر التمويل، وصعوبة الحصول عليها، ونقص خدمات الدعم والمساندة، وقلّة الخبرة والصعوبة في الوصول إلى الأسواق الإقليمية، وبُعد المرأة عن مراكز اتخاذ القرار، والقيود الاجتماعية التي تعقّد معاملاتها الاستثمارية وتزيد من تكاليف عملياتها المالية.

أما العوائق الذاتية فتتمثل حسب المتحاورات: يغلب على استثمارات المرأة التردد والتحفظ والتأني الذي قد يؤدي نتائج عكسية على قدرتها ومصالحها.

وفي ختام أعمال الملتقى أثنى حسين محمد المحمودي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة على جميع المشاركين بأعمال الملتقى والضيوف، مؤكدا حرص غرفة تجارة وصناعة الشارقة على الاستفادة من جميع الأفكار والنقاشات المستفيضة النتائج القيمة التي تمخض عنها الملتقى، لتكون ضمن مدخلات صانع القرار الاقتصادي في إمارة الشارقة عموما، ولدى المخطط الاقتصادي لدى الغرفة على نحو خاص.

وكتأكيد فوري على نجاح ملتقى الشارقة الأول للأعمال بتحقيق أهدافه كافة، فقد أعلن المحمودي عن انعقاد ملتقى الشارقة الثاني للأعمال فبراير 2012.