لا يحظى قرار الحكومة الجزائرية بمنح قروض مصغّرة لآلاف العاطلين بتأييد تام، حيث يراه خبراء تحدثوا لـquot;إيلافquot; اجترارًا لأخطاء سابقة جرى فيها إنفاق المليارات من دون فائدة كبيرة، بينما يراها مسؤولون حكوميون نقطة تحوّل للتشغيل والاستثمار الشبابي في بلد تقلّ أعمار ثلاث أرباع سكانه عن 25 سنة، ويصنّف كثير منهم في خانة quot;عاطلون بالإكراهquot;.


الجزائر: يكشف عبد الرحمن بن خالفة المفوض العام للجمعية الجزائرية للبنوك والهيئات المالية في الجزائر، أنّ قيمة القروض البنكية الموجهة لتمويل مشروعات الشباب العاطلين عن العمل بلغت 230 مليار دينار (أكثر من 3 مليارات دولار) وهي مخصصات ستعنى بتمويل 150 ألف مشروعًا عملياتيًا.

تخصّ هذه القروض - استنادًا إلى بن خالفة - برامج وكالة دعم وتشغيل الشباب، وصندوق التأمين على البطالة ووكالة تسيير القروض المصغرة، ويؤكد بن خالفة أنّ ما تقدّم من شأنه رفع النمو السنوي للمشاريع الشبانية والمقدّر خلال العام الأخير بـ25 %، وزيادة مناصب الشغل الاقتصادية لفائدة الشباب البطالين بنسبة 16% كل سنة، علمًا أنّ البنوك تموّل من 40 % إلى 65 % من برامج دعم تشغيل الشباب.

امتصاص البطالة

يرى علي زعموم المدير العام لصندوق التأمين على البطالة، أنّ سياسة الإقراض المتبّعة لمصلحة الشباب، ستسمح بوجود شباني أقوى في سائر الأنشطة الصناعية والحرفية الممتدة إلى النشاط الزراعي، في إشارة منه إلى قرض quot;التحديquot;، الذي يمنح تحفيزات ضخمة لكل شاب يريد استحداث مشروع زراعي.

ويصف زعموم الإقراض الشبابي بالإيجابي على طول الخط، مستدلاً بأنّ المرحلة السابقة شهدت خلق ثمانية عشر ألف مؤسسة مصغرة، و40 ألففرصة عملجديدة، بمعدل 2.5% في كل مؤسسة مصغّرة مستحدثة، وعليه فإنّ القروض المصغّرة بمنظور زعموم تهدف إلى مكافحة ظاهرة البطالة عبر جملة تسهيلات تبنتها السلطات ويجري من خلالها منح القروض في آجال زمنية لا تتعدى الأشهر الثلاثة.

وتشير الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر، إلى أنّ آليات التشغيل المستحدثة سترفع وتيرة التنمية الاجتماعية من خلال مضاعفة قيمة القروض بدون فوائد الموجه لاقتناء المواد الأولية، كما تسمح باستيعاب آلاف النساء الماكثات في البيوت اللواتي يمارسن أنشطة تقليدية وحرفية موجهة لتحسين مداخيل عوائلهنّ.

الأولوية لصعود مقاولين شباب

في المقابل، لا يشاطر زكي شتوح، وهوصاحب مؤسسة خاصة، منح المليارات للشباب العاطل، ويستدل بكون كثير من هؤلاء لا يجيد توظيف هذه الأموال ويسقطون في فخ التبذير، ما يجعل غالبيتهم يعلنون إفلاسهم بعد فترة قصيرة، وهو سيناريو عايشته الجزائر في الفترة ما بين 1997 و2005.

يتصور شتوح أنّه كان من الأجدر تعبيد الطريق لنشوء جيل جديد من الشباب المقاول، عبر توجيههم لخوض مشاريع مجدية وخلق مؤسسات منتجة، للنهوض بروح المقاولة في أوساط الشباب، حيث بات ذلك ضروريًا في ظل مقتضيات الفعل الاقتصادي ومتغيرات سوق العمل المتتالية.

بدوره، يقول نور الدين حيّان إنّ الدولة تكرر أخطاءها، حيث كان يتعيّن عليها استخلاص دروس الماضي، بترسيخ ثقافة المقاولاتية لدى الشباب حاملي الشهادات المهنية، وإبعادهم عن كل أنواع الاتكالية، وحثهم على الاندماج في عالم العمل، وخلق مؤسسات مصغرة وفرص عمل دائمة تنتصر لأنشطة مهنية مبتكرة تخلق الثروات كالطاقات البديلة، بدلاً منترك هؤلاء الشباب الحديثي السنّ يستهلكون المخصصات المرصودة لهم في أعمال روتينية مستهلكة.

كما يسجل نور الدين سعديوي أنّه عوضاً من النظام القائم حالياً، من الضروري خفض الإسهام العمومي بالنظر إلى تجارب شباب أثبتوا جدارتهم المهنية وقدراتهم على الإسهام بشكل مغاير في التنمية الاقتصادية، وهو مخطط قابل للتحقيق ndash; يضيف سعديوي ndash; إذا ما جرى تسهيل إدماج حملة الشهادات الجامعية والتقنيين السامين، وتوخّي مرونة أكبر تحول دون تحييد الكفاءات واحتباس قوى نشطة لم تشملها نسبة البطالة الرسمية المُختزلة في 10 %، بينما تقفز بها هيئات دولية غير حكومية إلى 30%.

ويطمئن نور الدين موسى وزير السكن والعمران، بالقول إنّ بلاده ستوفر فرصًا للشباب إنشاء مقاولات في قطاع العمران، هذا الأخير يظل في حاجة ماسة إلى مثل هذه المؤسسات الشبانية التي تدعمت خلال السنوات الستالمنقضية بـ32 ألف مقاولة، إلاّ أنّها تبقى غير كافية مقارنة بحجم الاستثمارات العمومية.

وتتطلع الجزائر إلى استحداث سبعمائة ألف فرصة عمل في مجال الانشاءات العامة بحلول العام 2014، وتعتزم استحداث 390 ألف وظيفة في الصناعات التقليدية، ناهيك عن مرافقة 11 ألف حرفي.ويذهب خبراء إلى حتمية توفير 450 ألف وظيفة جديدة سنويًا، لضمان الحفاظ على معدل البطالة في حدود أقل من 7% خلال الأعوام العشرة المقبلة، وهو ما يتطلب تحقيق نسبة نمو سنوية لا تقل عن 6 إلى 7% في الفترة بين 2010 و2020.