بدأت الجزائر خطة للاستثمار في صناعة السيارات من خلال إبرامها شراكات مع دولتي الإمارات وألمانيا، وسعيها إلى إضافة اتفاقين إضافيين. ويشير فاعلون تحدثوا لـquot;إيلافquot; إلى قابلية هذه الاستثمارات خلق ما لا يقلّ عن ثلاثة آلاف فرصة عمل مباشرة سنويًا، وإمكانية تحقيقها رقم أعمال كبيرًا في السنوات المقبلة. وينظر مراقبون إلى تصنيع سيارات في الجزائر على أنّه منعرج إيجابي لاقتصاد البلد ونمطه العام، بعدما عاب متخصصون افتقاده أي حراك إنتاجي وقيام السياسات الحكومية على تشجيع الاستهلاك فحسب.


الجزائر: تستعد الجزائر وألمانيا والإمارات اعتبارًا من العام الجاري لصناعة سيارات من طراز quot;مرسيدس- بانزquot;، ويتعلق الأمر بشراكة أضلاعها المجموعة الألمانية quot;ديملر- مرسيدس بانزquot;، وصندوق الاستثمار الإماراتي quot;آبارquot; والوزارة الجزائرية للصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار.

وبحسب quot;ديتر زيتشquot; رئيس مجلس مديري مجموعة دايملر- مرسيدس بانز، ومحمد بداوي الحسيني الرئيس العام لصندوق الاستثمار الإماراتي، فإنّ الصفقة التي تربو قيمتها عن سبع مليارات دولار، ستكفل تصنيع سيارات بحلول العام 2013، فضلاً عن تقديم دعم تكنولوجي لتمكين الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية من تصنيع سيارات من نوع مرسيدس-بانز في ضاحية الجزائر الشرقية، إضافة إلى عصرنة وتوسيع قاعدة إنتاج السيارات هناك.

ويوضح محمد بن مرادي الوزير الجزائري للصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، أنّ الأمر لن يتوقف عند حدود سيارات نفعية، بل سيمتد إلى عربات صناعية وشاحنات، وكذا عموم الجرارات والآلات الزراعية ، مضيفًا أنّ أولى نتاجات مصنع الشركة الجزائرية للسيارات الصناعية، ستكون في سنة 2013.

إلى ذلك، يتأكد اتجاه لتعاون جزائري فرنسي في مجال إنتاج السيارات. في هذا الشأن، يكشف محمد بن مرادي أنّ المخطط يقوم على إقحام أكثر من خمسين مؤسسة محلية مختصة بالمناولة ضمن مشاريع شراكة مع منتجين عالميين على غرار المجمع الفرنسي رونو، وهو مشروع يشهد تقدمًا ملحوظًا، على حد تعبير الوزير الذي يبدي ثقة بأنّ بلاده لديها إمكانات في مجالات الزجاج والإطارات وصناعة البلاستيك، ما يُكسب المشروع الخاص برونو مواصفات النجاح.

بدوره، يوضح ستيفان غالوستيان المدير العام لمجموعة quot;رونو-الجزائرquot; أنّ المفاوضات مع السلطات الجزائرية من أجل إنشاء مصنع هناك لصناعة السيارات، لا تزال متواصلة، متفائلاً بإمكانية تجسيد الهدف، ويحيل غالوستيان أنّه ينبغي تسيير عامل الوقت، وتكثيف المبادرات، حيث تطمح رونو الموجودة في الجزائر منذ ست سنوات، إلى تجسيد مصنعها الذي طال انتظاره.

وتفيد معلومات توافرت لـquot;إيلافquot; أنّ شركة quot;خدروquot; الإيرانية تريد فتح مصنع لها في الجزائر، وتقوم الخطوة على تركيب السيارات في مرحلة أولى، على أن تليها صناعة السيارات مع شركاء جزائريين، في وقت تطمح مجموعات بوجو، وتويوتا وفولسفاغن، إلى افتتاح مصانع لها في الجزائر، كما تسعى الحكومة إلى افتتاح وحدات لإنتاج قطع غيار السيارات، وأخرى خاصة بالعجلات المطاطية، علمًا أنّ مجموعة ''ميشلان'' الفرنسية تنهض عبر فرعها في الجزائر، بتلبية حجم كبير من حاجيات السوق المحلية.

في سياق متصل، صرح وزير المال الجزائري كريم جودي، أنّ بلاده تراهن على ترقية صناعة وطنية للسيارات، التي تعدّ الانشغال الرئيس بالنسبة إلى الحكومة والمتعاملين الاقتصاديين، لافتًا إلى أنّه يوجد حاليًا عدد معين من مشاريع مصانع السيارات طور المناقشة بين السلطات الجزائرية والمنتجين لتوفير سيارات مصنوعة على مستوى السوق الداخلية، بعدما ارتفعت قيمة واردات السيارات إلى حدود 3.5 مليار دولار، ما أثقل كاهل الخزانة العامة في الجزائر.

ويقول سفيان حسناوي إنّ الجزائر تمتلك كل إمكانات البلد المنتج للسيارات، لذا تلوح عمليات الشراكة بين متعاملين محليين وشركات صناعة السيارات العالمية أكثر من واعدة، وتؤشر على نشوء وحدات إنتاجية متميزة محليًا.

وينقل حسناوي المدير العام لمجمع فرنسي-ياباني مستقر في الجزائر، أنّ وكلاء السيارات يريدون المشاركة في الجهود التي تبذلها الدولة من أجل وضع صناعة السيارات في الجزائر، التي تعتبر برأيه quot;أكثر من قادرةquot; على إنشاء صناعة السيارات الخاصة بها، ودفع استراتيجية متكاملة لصناعة السيارات، عبر اعتماد مخطط صناعي، بإمكانه أن يكون ذا علامة واحدة أو متعدد العلامات.

ولا تنظر السلطات الجزائرية بعين الارتياح إلى اتخاذ بلادها ساحة للتسويق، لا للإنتاج، إلى جانب إغراقها بحدود 90 ألف سيارة قديمة كل عام، فيما تنشط 30 مؤسسة في الجزائر، تختص بالتسويق، لا بالإنتاج، في وقت يشكو جزائريون قلة الدعم المخصص لإنشاء مؤسسات تعنى بالاستثمار في قطاع السيارات، وما يرافقه من نقص في قطع الغيار.

وارتفع الوعاء العام للسيارات في الجزائر إلى 5.3 ملايين سيارة، بينها 80 % يتجاوز عمرها العشر سنوات، ويجزم خبراء أنّ الاقتصاد الجزائري لن يستفيد من الاستمرار في استيراد سيارات قديمة غير مضمونة، ولعلّ هذا ما يفسر كلام عديد المسؤولين الجزائريين، من أنّ الاستثمارات يجب أن تتم في الجزائر، ويجب ألا نقتصر على استهلاك المنتجات المصنعة فحسب في بلد يمتلك ثاني أهم حظيرة في القارة السمراء بعد جنوب أفريقيا.

ومنذ إلغاء قروض الاستهلاك في صيف العام قبل الماضي، انخفضت مبيعات السيارات الجديدة إلى مستوى 25 %، كما سُجّل تراجع كبير في واردات السيارات، حيث شهد الثلث الأخير من السنة المنقضية استيراد قرابة 64 ألف سيارة، مقابل 69 ألف سيارة في الفترة نفسها من العام المنقضي، أي بتراجع بـ6.78 %.