كشفت مجلة quot;فوربسquot; عن دراسة معمقة لما يعرف بـquot;المناطق الحرةquot; في العالم العربي، وسلطت فيها الضوء على مزايا هذه المناطق والدور الإقتصادي المهم الذي تلعبه.


دبي: كشفت مجلة (فوربس- الشرق الأوسط) في عددها السابع لشهر مايو/ آيار الجاري عن دراسة معمقة لما يعرف بـquot;المناطق الحرةquot; في العالم العربي، وسلطت فيها الضوء على مزايا هذه المناطق والدور الاقتصادي المهم الذي تلعبه؛ لتشجيع الاستثمارات في بلدانها والمنطقة العربية، ومدى تأثرها بالأحداث الجيوسياسية الراهنة، وذلك من خلال تقديم معايير لتقيم المناطق الحرة، ومقارنة نماذج عمل وآلية تطوير تلك المناطق الحرة، ومقارنتها من منطقة إلى أخرى، بما فيها من مسميات مختلفة لنموذج واحد تقريباً؛ يهدف في المقام الأول إلى تشجيع الاستثمار في ذلك البلد. وتنوعت تلك المسميات واندرجت تحت منطقة اقتصادية خاصة، ومنطقة اقتصادية حرة، ومنطقة أعمال صناعية، ومرفأ حر، وأحياناً مناطق تنموية كما في الأردن.

وتعليقاً على هذا، تقول خلود العميان، رئيس تحرير (فوربس- الشرق الأوسط): quot;إنه منذ بداية العام الجاري، قام فريق (فوربس- الشرق الأوسط) ببحث خاص يظهر فيه أهمية المناطق الحرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتم تصميم هذا البحث على نحو يلبي احتياجات المستثمرين المحتملين والحاليين من خلال معايير تقييم تهم من يرغب منهم في اختيار منطقة حرة يؤسس عملياته فيها، أو زيادة وتوسعة استثمارته الحاليةquot;.

وحسب الدراسة الشاملة وما تضمنها من تغطيات وافية لتجارب بعض أهم المناطق الحرة في الدول العربية، فإن من أهم هذه المعايير التي قامت (فوربس الشرق الأوسط) باستعراضها، والتي تهم المستثمرين الراغبين في اختيار منطقة حرة يؤسسون عملياتهم فيها، توفر خدمة النافذة الموحدة التي تعد معياراً مهمّا جداً لأي مستثمر، ودافعاً رئيسيٌّاً لتأسيس الأعمال في أي منطقة حرة، لأنها تحدّ من البيروقراطية والأعمال الورقية التي تستنزف الوقت في التنقل بين الجهات المختلفة.

وتضيف العميان: quot;ولقد واجه فريق (فوربس- الشرق الأوسط) تحديات عدة على صعيد جمع وتصنيف المعلومات في أكثر المناطق الحرة، وكان عدم تعاون بعض المناطق الحرة وافتقارها إلى الشفافية من أبرز الصعوبات التي واجهتنا وأكثرها أهمية. فقد جوبه الفريق بامتناع عدد من المناطق الحرة عن الإجابة عن بعض الأسئلة. كما واجهنا في بعض المناطق الحرة آليات بيروقراطية للحصول على المعلومات، حيث استلزمت الإجابة عن بعض الأسئلة المطلوبة إذناً من سلطات أعلى. كما لاحظنا أيضاً بعض الحالات التي لم يتمكن فيها عدد من موظفي المناطق الحرة من الإجابة عن أسئلة بسيطة تماماً ما ينم عن افتقارهم إلى التدريب المهني.

وتظهر أهمية المناطق الحرة في المنطقة العربية بمدى مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للبلد. فمثلاً، تسهم سلطة المنطقة الحرة في جبل علي (JAFZA) سنوياً بنحو %25 من الناتج المحلي الإجمالي لدبي وكذلك تسهم المنطقة الحرة في مطار دبي (DAFZ) بـ%2.27 من الناتج المحلي الإجمالي لدبي.

وترى رئيس تحرير (فوربس- الشرق الأوسط) quot;أنه في الوقت الذي استطعنا فيه الحصول على هذه النسب من الإسهامات في الناتج المحلي الإجمالي في دول بعينها، وجدنا من الصعب الحصول عليها في دول أخرى، لذلك إذا أردنا أن نعي الدور المهم والتجربة القيمة وما هو الأمر الذي يدفع مختلف البلدان إلى إنشاء مناطق حرة لجذب الاستثمارات الخارجية التي تساعد بدورها على تحفيز النمو الاقتصادي، لابد من توفير شفافية وقائمة بيانات واضحة تدعم البيئة الاستثمارية في البلدquot;.

وتشير العميان إلى quot;أنه من المهم أن نساعد المستثمرين الأجانب الذين يخططون للتوسع أو الانتقال إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اختيار المنطقة الحرة الأكثر ملائمة لإنشاء أعمالهمquot;.

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تضم أكثر من 30 منطقة حرة، منطقة الجذب الرئيسة للاستثمار في المناطق الحرة، ويعود نجاح المناطق الحرة فيها، إذا أخذنا في الاعتبار عدد الشركات العاملة، إلى عوامل عدة أبرزها: استقرار البلد السياسي والاقتصادي، الحوافز الكثيرة المقدمة، quot;التخصصquot; الذي تمتاز به أكثرية المناطق الحرة بفضل براعة ونضوج فكرة المناطق الحرة في الإمارات. ومن أبرز التجارب التي لابد من الوقوف عندها تجربة (تيكوم- TECOM). التي أنشأت أول المناطق الحرة quot;المتخصصةquot; من خلال إنشاء (مدينة دبي للإعلام) و(مدينة دبي للإنترنت) و(قرية المعرفة) وغيرها، التي قدمت مفهوم (المجمعات- Clusters)، حيث تجذب مناطق حرة مختلفة صناعات محددة.
البحث يستعرض تجارب منوعة ومزايا المناطق الحرة في المنطقة في سبيل توفير كل ما يحتاجه المستثمر العربي والأجنبي للاستفادة من الفرص التي توفرها هذه المناطق.

ملاحظات ونتائج :
التكاليف:
قامت الدراسة بعمل مقارنات بين المناطق الحرة من حيث رسوم التسجيل، والوثائق المطلوبة، رسوم الترخيص والفترة الزمنية للرخصة، وهي الرسوم التي تدفع مقابل الحصول على الترخيص، حيث إن أغلى تراخيص في مركز (دبي المالي العالمي- DIFC)، التي تبلغ 12 ألف دولار، في حين توفر المناطق الحرة في ميناء عدن في اليمن تكلفة التراخيص تبلغ 350 دولاراً، والتي تعدُّ الأرخص.

ومن المعايير أيضاً تكلفة المرافق (الماء والكهرباء)، والموقع والقرب من المدينة ومعايير تتعلق بنمط الحياة والقرب من المطارات والموانئ والمساحة: كانت المنطقة الحرة في (منطقة العقبة الاقتصادية الخاصةـ ASEZA) أكبر منطقة حرة من حيث المساحة في المنطقة، حيث ترامت على مساحة 375 كلم مربع، أي ما يزيد بمقدار 327 كلم مربع (منطقة جبل علي الحرة ـ JAFZA)، في الإمارات العربية المتحدة.

متطلبات رأس المال
فيما يخص متطلبات رأس المال، والقوانين التي تفرضها المناطق الحرة على المستثمرين، حيث تطلب أكثرية المناطق الحرة إيداع حدّ أدنى من رأس المال في حسابٍ مصرفيٍّ. وتوجد أعلى المتطلبات على صعيد رأس المال في المنطقة الحرة في جبل علي والمنطقة الحرة في مطار دبي، وتصل 271 ألف دولار، بينما لا يطلب كثيرٌ من المناطق الحرة حداً أدنى من رأس المال، كما هو الحال في ميناء عدن.

الإيجارات
وعند النظر في أسعار إيجارات المكاتب والمستودعات والأراضي، فقد وجدت الدراسة التي قامت فيها (فوربس- الشرق الأوسط) أن المناطق الحرة في مصر التي تشمل الإسكندرية ومدينة نصر وبورسعيد والسويس والإسماعيلية ودمياط ومدينة الإنتاج الإعلامي، والتي تشرف عليها جميعاً (الهيئة العامة للاستثمار) في مصر، وتمتاز بأدنى أسعار إيجارات المستودعات 3.5 دولار إلى 7 دولارات للمتر المربع، في حين تصل أسعار (المنطقة الحرة في مطار دبي ـ DAFZA)، ما يصل 270 دولاراً للمتر المربع سنوياً.

الضرائب
ومن أهم الجوانب أيضاً التي تهم المستثمر ضرائب الشركات، التي تفرض عليهم، فمثلاً في مصر فأن الضريبة تبلغ 40% مقارنة مع 5% في (منطقة العقبة الاقتصادية الخاصةـ ASEZA) والمغرب (%8.75 بعد العام الخامس)، ولا تفرض أكثر المناطق الحرة ضرائب. وقد امتازت المناطق الحرة في مصر و(منطقة العقبة الاقتصادية الخاصةـ ASEZA) بأدنى التكاليف، والمدة الزمنية اللازمة للحصول على ترخيص.

النافذة الموحدة
فيما تزعمُ غالبية المناطق الحرة في العالم العربي أنها توفر خدمة (النافذة الموحدة) لديها، تبين أنه على الأغلب لم تتوافر هذه الخدمة، التي تعدّ مهمةً وجوهريةً لدى المستثمر، ولكن بعض المناطق الحرة التي امتازت بالشفافية وأفصحت عن عدم توفرها لديها مثل (مدينة دبي الأكاديمية العالمية ـ DIAC)، التي لا توفر خدمة التأجير وإصدار التراخيص، وكذلك (مرفأ بيروت)، التي تنص قوانينه على أن المستثمر هو من يقوم بتسجيل وترخيص الشركة في محكمة العدل، وبعد ذلك يستأجرون المكاتب من المرفأ، ويوفرون لهم استيراداً وتصديراً خالياً من الضرائب فقط.

رضا العملاء
وأخيراً من خلال الاتصالات التي قامت بها (فوربس- الشرق الأوسط) لقياس رضا العملاء جاءت آراء الشركات العاملة في معظم المناطق الحرة إزاء خدمات هيئة المناطق الحرة التي تنتمي اليها متباينة ومتنوعة، حيث أبدت بعض الشركات إعجابها بالأنظمة الأمنية المتطورة، وأكدوا أهمية وجودهم في مناطق ذات مواقع استراتيجية بالأخص للشركات العاملة في مجال الاستيراد والتصدير. وأظهرت شركات أخرى إعجابها بالخدمات التي توفرها بعض المناطق المتخصصة في مجال معين، كالمناطق المتخصصة في الإعلام أو صناعة النسيج، حيث تقدم هذه المناطق كل الخدمات المتعلقة للشركات في هذا المجال.

وقد أوضحت شركات أخرى بعض النقاط السلبية حيال هذه المناطق الحرة حيث تعاني زيادة مستمرة في الأسعار والتكاليف. كما علق البعض على أن خدمة (النافذة الواحدة) التي تدعي أكثر المناطق الحرة بتقديمها على أكمل وجه، لا يتم تطبيقها بشكلٍ فعالٍ، حيث ما زال يتوجب عليهم متابعة معاملاتهم من إدارةٍ إلى أخرى لاستكمال إنجازها.

عدد الشركات:
ومن حيث معيار عدد الشركات العاملة في المنطقة الحرة الذي أخذ كمؤشر على مدى نجاح المنطقة الحرة كانت (منطقة جبل علي الحرةـ JAFZA)، و(منطقة التجارة الحرة في رأس الخيمةـ RAK FTZ)، و(المنطقة الحرة في مطار الشارقة الدولي ـ SAIF)، و(هيئة رأس الخيمة للاستثمار- RAKIA)، و(مركز دبي للسلع المتعددة- DMCC) من أكثر المناطق الحرة الجاذبة للشركات حيث بلغ عدد الشركات اكثر من 3000 شركة في كل منها.