تلقت مصر عدة مساعدات من دول عربية بعد رفضها الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وكانت غاية المجلس العسكري -الذي يحكم البلاد بعد الإطاحة بنظام مبارك- من هذا القرار عدم زيادة العبء على الحكومات القادمة، وتجنب تحميلها أقساط تلك القروض وفوائدها ، وكذلك الابتعاد عن شروط صندوق النقد التي تنال من سيادة مصر و قد تمس باستقرارها في هذه المرحلة الحرجة.


القاهرة: تعتبر الحكومة المصرية المساعدات العربية التي قدمتها لهادول الخليج بمثابة طوق النجاة لحل إشكالية عجز الموازنة وسد الفجوة التمويلية التي تعانيها مصر واقتصادها المتهالك. فبعد إعلان الإمارات تقديم حزمة مساعدات لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار،- وفقا لما أعلنته وكالة أنباء الإمارات الرسمية- وهي تتضمن منحة بـ 750 مليون دولار مخصصة لإسكان الشباب وإنشاء صندوق بمليار ونصف مليار دولار لدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة، إضافة إلى قروض بـ 750 مليون دولار.

وقبل المنح الإماراتية قدمت السعودية لمصر أيضا يد العون بدعم الاقتصاد والشعب المصري بخطة تنموية شاملة في صورة منح وقروض ميسرة، منها 500 مليون دولار منحة لدعم الاقتصاد المصري، و 500 مليون دولار في صورة سندات بالطرح العام، و500 مليون دولار قروضا ميسرة للصندوق السعودي للتنمية، و 200 مليون دولار تمويل للمشاريع المنتجة، و750 مليون دولار خط ائتمان لتمويل الصادرات المصرية للسعودية، بالإضافة إلى مليار دولار وديعة في البنك المركزي كما قدمت دولة قطر 500 مليون دولار هدية لدعم الاقتصاد المصري وتعتزم استكمال المنح والقروض الميسرة بما يقرب من 10 مليارات دولار ، كما أفادت مصادر مطلعة لـquot;إيلافquot; عن وجود نية لدى دول عربية أخرى لتقديم الدعم لمصر في طليعتها البحرين و سلطنة عمان وذلك خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويبدو أن استعاضة مصر ديون البنك الدولي وصندوق النقد بالمساعدات العربية ستوفر عليها الكثير من موارد سد عجز الموازنة ولكن هل تكون هي الدعم الوحيد القادرعلى ذلك؟ وماذا عن السنوات المقبلة، هل ستعتمد مصر على المصدر نفسه أم ستحتاج للاستدانة من المؤسسات الدولية مرة أخرى ؟في الواقع إن الحكومة المصرية تحركت على كافة الاتجاهات الداخلية والخارجية، وتحاول بشتى الطرق أن تجد الملاذ الآمن الذي يوفر لها مصادر التمويل و الجمع بين ذلك مع الأخذ في الإعتبار تحقيق الإلتزامات التي أقرتها أمام الشعب من تطبيق الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات وغيرها.

وإلى جانب التحرك الخارجي لتوفير المساعدات ndash;غير المشروطة- تقبل الحكومة على الحلول الداخلية السريعة،شددت وزارة المالية المصرية على الجهات الداخلية في الموازنة العامة للدولة، كالجهاز الإداري والهيئات العامة الاقتصادية والهيئة القومية للانتاج الحربي، وهيئات وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام بعدم إصدار أي قرارات من شأنها ترتيب أي أعباء مالية على الخزانة العامة بخلاف ما هو مخصص لها قبل الرجوع أولا إليها لتدبير مصرفها المالي.

وأكد الخبير الاقتصادي في جامعة الدول العربية الدكتور أسامة عبد الخالق على جدوى المساعدات العربية في النهوض بالاقتصاد المصري وقال في تصريحات لـquot;إيلافquot;:إن مصر تحتاج إلى فترة مرحلية بسيطة جدا لكي يتعافى إقتصادها تماماً ومشكلة نقص التمويل تجاوزناها بالدعم العربي ، فيكفي أن حزمة المساعدات التي قدمتها الإمارات لمصر وحدها تعادل ما كان ينوي صندوق النقض إقراضه لمصر (3 مليارات جنيه) .وأشاد عبد الخالق بالموقف العربي وتدافع دول الخليج لدعم الاقتصاد المصري بداية بالمملكة العربية السعودية ثم دولة قطر فالكويت وأخيرا الإمارات.

وصرح أن هناك دولا أخرى سوف تقدم يد العون لمصر على رأسها البحرين وسلطنة عمان كما أشار الخبير الاقتصادي إلى أن خيار الاقتراض هو أمر الخيارات أمام مصر في المرحلة الحالية و قال إن قرار الاقتراض في حد ذاته ينبغي أن تتوافر له ثلاثة شروط حتى يمكن قبوله،الأول إنه لابد أن يكون موجهاً لأنشطة إنتاجية ، والثاني أن يكون القرض قادرا على سداد أقساط الديون وفوائدها ، والشرط الأخير والأهم ألا يكون مشروطاً بما يخل بسيادة الدولة سياسيا واقتصاديا وهذا ما لم يتوافر مع قرض صندوق النقد ولذا فإن قرار المجلس العسكري برفضه كان صائبا وأخذ بعدا إجتماعيا مهما وهو عدم تحميل الأعباء على الأجيال القادمة.