المخاوفلا تزالتحاصر منطقة اليورو

في وقت لا تزال تعيش فيه الأسواق حالة من التقلب، مع اقتراب الساسة على نحو ضئيل من التوصل إلى حل لمتاعب منطقة اليورو، مقارنةً بما كانت عليها الأوضاع قبل عامين، لا تزال الأمور غير مؤكدة في أحسن الأحوال بالنسبة إلى مستقبل منطقة اليورو.


القاهرة: يتحدث خبراء اقتصاديون ومحللون ماليون عن أن سلسلة من الألغام الأرضية مازالت تنتظر منطقة اليورو المتعثرة. وفي هذا السياق، لفتت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية من جانبها إلى أن النمو يتباطأ، حتى في ألمانيا، حيث تتراجع الصادرات وتعيش الواردات حالة ركود.

وفي ظل المحاولات المبذولة الآن بغية دفع اليونان للتعايش مع أزمة ديونها المتواصلة، تسعى ايطاليا في الوقت ذاته أيضاً إلى ايجاد مخرج ينقذها من عثرتها المالية هي الأخرى، في وقت تواجه فيه روما ومدريد ضغوطا في الميزانية تصعب مواجهتها.

وما زاد من قتامة المشهد المستقبلي للوضع في القارة العجوز، خروج منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي يوم أمس الخميس لتكشف عن أحدث التقديرات الكئيبة المتعلقة باحتمالات حدوث موجة ركود جديدة ونشوب أزمة اقتصادية في القارة الأوروبية. وتابعت :quot; قد تشتعل مجدداً أزمة الديون السيادية في منطقة اليوروquot;. وحثت على ضرورة إعادة رسملة بعض البنوك الأوروبية وتحسين الإدارة المالية في منطقة اليورو.

وفي السياق ذاته، وجه وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، توبيخه لأثينا، وحذر من أن المساعدة الأوروبية لن تُمنَح إلا إذا وافقت اليونان بالفعل على فعل ما تريده. ونقلت الصحيفة كذلك عن جوليان كالو، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى باركليز كابيتال، قوله :quot; الموقف غاية في الخطورةquot;.

فرغم التراجع الحاد في النشاط الاقتصادي، وبخاصة في قطاع الصادرات، ما زال من الضروري دفع الحكومات التي تعاني نقصا كبيرا في ميزانياتها لتخفيضها إلى مستويات مستدامة. وهذا هو التحدي الأبرز، ولا تفضل البيئة الاقتصادية الآن الاندماج المالي في منطقة اليورو. ويمكن القول إن الوضع الحاصل الآن في اليونان مثله مثل القنبلة الموقوتةquot;.

ومع هذا، مضت الصحيفة تقول إن أوروبا تعمل وفق خطوات تدريجية، مدفوعةً بالأزمة والسياسات الداخلية لدولها. وأكدت أن مساعي التوصل إلى حل شامل لمشاكل منطقة اليورو ndash; مثل تشكيل حكومة اقتصادية أو وزارة خزانة أو مالية في عموم أوروبا أو اصدار سندات يورو جماعية ndash; لن تتم قبل عدة أشهر، إن لم تكن عدة سنوات.

ويتفق كثير من الخبراء أن الأزمة الأوروبية ستستمر إلى أن يستعين مسؤولو القارة باتحاد نقدي ومالي أكثر شدة، وطرد الاقتصادات الضعيفة أو تقسيمها لقسمين، بعملات مختلفة.

وعاود كالو يقول إن الحالة العامة السائدة أيضاً بين محافظي البنوك المركزية الأوروبية والمسؤولين الألمان هي quot; المركزية أو التوقفquot;.

هذا وتعمل أوروبا حتى الآن من أجل المصادقة على تغييرات أدخلت على نظامها الاقتصادي خلال اجتماع تم عقده في الحادي والعشرين من شهر تموز/ يوليو الماضي. وهي التغييرات التي يجب المصادقة عليها من كافة الدول الأعضاء في منطقة اليورو وبرلماناتها، وهي العملية التي قد تستمر حتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وبالتالي ستستمر الأجواء العامة في تأجيج مشاعر الخوف في الأسواق.

ويأمل الخبراء والاقتصاديون أنه في حالة تمرير تلك التغييرات، بقدر كبير من الحرفية والمهارة، أن تسمح ربما لأوروبا بأن تزيد من عزلة اليونان وديونها التي لا يمكن تحملها عن البلدان الأخرى، ومن ثم تقليل خطر انتقال العدوى وشراء الوقت لدول أخرى من أجل اصلاح وتعديل ميزانياتها والعمل على تحسين سيطرتها المركزية على السياسة المالية.

كما ينتظر أن تسمح التغييرات التي ستطرأ على هيئة الاستقرار المالي الأوروبي لها أيضاً بأن تتصرف مثلها مثل أي نوع من أنواع البنوك. وهو ما سيساعد بشكل كبير في التخفيف من وطأة الدور الذي يلعبه الآن المصرف المركزي الأوروبي، باعتباره مشتري الملاذ الأخير للسندات الايطالية والاسبانية.