يزيد يومًا بعد يوم طلب السعودية على الموارد الكهربائية، لهذا تسعى جادة وراء منظومة جديدة من الطاقة البديلة والمتجددة، من ضمنها المفاعلات النووية، من أجل تلبية احتياجاتها المتفاقمة من الكهرباء والمياه، خصوصًا أن الاستهلاك النفطي في إنتاج هذين القطاعين يتزايد بشكل مطّرد.


على هامش منتدى المياه والطاقة الذي انعقد في جدة أخيرًا، تناول خالد السليمان، نائب رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، مسألة التحديات التي تواجهها السعودية، التي يبلغ عدد سكانها 27 مليون نسمة، في مجال الطاقة الكهربائية، فقال في حديث صحافي: quot;إن التحدي الذي نواجهه اليوم وغدًا يكمن في تأمين حاجات المملكة في قطاعي الكهرباء والمياه، وتوفيرها بشكل مستدامquot;.

أضاف: quot;تتطلب الاستدامة أن يكون كلا القطاعين مجديين اقتصاديًا، من دون الحاجة إلى دعم مالي مستمر من الدولةquot;، متوقعًا أن بدء العمل في المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية في السعودية مع حلول العام 2020.

الخيار البديل

الاستهلاك السعودي النفطي محليًا كبير، يصل إلى 4 ملايين برميل يوميًا من أصل 10 ملايين تنتجها. ويذهب ثلثا الاستهلاك النفطي المحلي لخدمة محطات لانتاج الطاقة. من هنا، وتخفيفًا لهذا الاستهلاك، تسعى السعودية إلى quot;مجاراة التغيرات في فضاء الطاقة العالمي، وإحداث نقلة نوعية في نمو الاقتصاد المحلي تشابه، بل وتفوق، ما حدث عندما قررت تأسيس قطاع البتروكيماويات في سبعينات القرن الماضيquot;، بحسب السليمان.

فالسعودية تتجه حاليًا نحو تطوير مصادر للطاقة لا تعتمد على النفط، مثل الطاقة الشمسية والهوائية والنووية، كما ستطلق مشاريع لتكرير المياه. فهذا الخيار، بحسب السليمان، أي تأمين نحو نصف احتياجات المملكة من الكهرباء خلال العشرين عاما، يوفر نصف كميات الوقود الهيدروكاربوني الذي تحتاجه شبكة الكهرباء وتحلية المياه.

كما أطلقت السعودية مشروع مدينة الملك عبدالله للطاقة النووية والمتجددة، من أجل إجراء الأبحاث الجادة حول الطاقات البديلة. وتعتزم مدينة الملك عبدالله بناء 17 مفاعلًا نوويًا بحلول العام 2030 بتكلفة قد تتجاوز 100 مليار دولار، لمواكبة الطلب على الكهرباء وتعزيز طاقة التوليد المحلية باستخدام المفاعلات النووية.

متجددة ونووية

أوضح السليمان أن اسهام الطاقة المتجددة في هذا الخيار السعودي البديل quot;يصل إلى حوالى 30 بالمئة، في حين تساهم الطاقة الذرية بنسبة 20 بالمئة، وهذا يتطلب 41 الف ميغاوات من الطاقة الشمسية، و18 الف ميغاوات من الطاقة الذرية، و9 الاف ميغاوات من الرياح، و3 الاف ميغاوات من النفايات، والف ميغاوات من الطاقة الجيوحرارية، خلال العشرين عامًا المقبلةquot;، علمًا أن إنشاء المحطات النووية يستغرق من 9 إلى 11 سنة.

وبحسب السليمان، ستشكل السعة النووية المستهدفة أكثر من 58 بالمئة من إجمالي السعة المركبة في المنطقة، شاملة في ذلك مفاعلات الطاقة التي ستكون عاملة بحلول العام 2032، في تركيا والامارات والاردن وايران.

كما لفت إلى أن quot;محطات الطاقة الجديدة المستخدمة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه لا تتأثر بتقلبات الاسعار العالمية أو المحلية، لأن الغالبية العظمى من تكلفتها تُدفع عند إنشائها وتشغيلهاquot;. فالكهرباء تنتج في منشآت تعمل بشكل حصري تقريبًا بالنفط، الذي تحصل عليه باسعار تكاد تساوي أقل من خمسة في المئة من سعره بالاسواق العالمية، مع العلم أن استهلاك الطاقة يزداد بمعدل 12 بالمئة سنويًا.

توفير نفطي

من جهته، أوضح عبدالله الحصين، وزير المياه والكهرباء في السعودية quot;أن القدرة المركبة في المملكة بلغت أكثر من 54 الف ميغاواتquot;.

وكشف الحصين أن خطة التوسع البديلة quot;تشير إلى أن إجمالي أحمال الذروة سيبلغ 90 ألف ميغاوات بحلول العام 2022، والحاجة قائمة لتنفيذ مشاريع للطاقة الكهربائية خلال الاعوام العشرة القادمة، تتجاوز تكاليفها 133 مليار دولار، يتوقع أن يسهم القطاع الخاص بثلثها تقريبًاquot;، متوقعًا أن توفر السعودية ما بين 360 إلى 520 ألف برميل من النفط يوميًا من خلال تنفيذ خطتها نحو الطاقة الشمسية بحلول العام 2032. أضاف: quot;التوقعات للسنوات العشر القادمة للمتطلبات المالية للتوسع في قطاعي المياه والكهرباء تبلغ 214 مليار دولارquot;.

من جانب آخر، أشار محمد محيسن، المدير العام الإقليمي لشركة جنرال إلكتريك في الشرق الأوسط، إلى أن تطبيق كود البناء في المباني الجديدة في السعودية سيسهم في التقليل من استهلاك الوقود وتوفير كمية الكهرباء والماء المستهلكة.

وأوضح في كلمته في المنتدى أن التكييف يستهلك 50 بالمئة من الطاقة في المباني المنزلية، وأن السعودية للكهرباء تنوي رفع قدرتها الإنتاجية من الطاقة الكهربائية لدعم مبادرات المملكة بنحو 80 جيجاوات بحلول العام 2020، بالإضافة إلى تنويع مصادر الطاقة واعتماد الموارد المستدامة.

مياه بأقل من الكلفة

من ناحية المياه في السعودية، فهي تنتج من خلال تحلية مياه البحر، بكلفة طاقة عالية جدًا، بينما تباع للمستهلك بسعر يساوي 1 بالمئة فقط من كلفة الانتاج. أما المياه الجوفية فيتم استخراجها من الأراضي الصحراوية السعودية بمعدل يزيد أربعة أضعاف عن المعدل الطبيعي لإعادة امتلاء الخزانات الجوفية، وبالتالي فإن المملكة تعتمد بشكل متزايد على المياه التي يتم إنتاجها في معامل التحلية.

وفي هذا السياق، يعرب خبراء عن خشيتهم من استمرار معدلات استهلاك المياه على حالها، لأن ذلك سيزيد نسبة استخدام الانتاج النفطي لهذا الغرض داخل البلاد في المستقبل.