يستبعد المحللون أن يقود إقرار الدستور الجديد في مصر بعد استفتاء أحيط بجدل محتدم إلى النهوض باقتصاد البلاد، الذي يواجه مصاعب خطرة، منذ سقوط حسني مبارك قبل حوالى سنتين.


القاهرة: في مؤشر إلى القلق بشان تطورات الاحداث في مصر، اعلنت وكالة ستاندرد اند بورز الاثنين خفض التصنيف الائتماني لمصر من quot;بيquot; الى quot;بي-quot; مع آفاق سلبية ما يعني ارتفاع نسب فوائد قروضها من الخارج، وذلك بسبب الاضطرابات السياسية الاخيرة في هذا البلد.

يضاف العجز في الميزانية وتراجع الاحتياطي من العملة الصعبة الى انكماش الاستثمارات الاجنبية وخوف السياح والصعوبات السياسية للرئيس الاسلامي محمد مرسي.

وقال الخبير الاقتصادي انغوس بلير quot;انا اكثر قلقًا على مستقبل البلاد مما كنت قبل اسابيع قليلة (..) التصويت بنعم على الدستور لن ينهي مشاكل الاقتصادquot;. وتشير نتائج غير رسمية الى تقدم quot;نعمquot; بنسبة تقارب 64 بالمئة في الاستفتاء على الدستور، لكن المعارضة نددت بتجاوزات ومخالفات بتحريض من انصار الرئيس، وتنوي الاستمرار في ممارسة الضغوط في انتظار الانتخابات التشريعية المتوقعة بعد شهرين.

ولم تستبعد وكالة ستاندرد اند بورز تخفيض تصنيف مصر اكثر في المستقبل quot;في حال ادى تفاقم كبير للوضع السياسي الى تدهور حاد للمؤشرات الاقتصادية، مثل حجم الاحتياطي من العملة الاجنبية او عجز في المالية العامةquot;.

واعتبرت الوكالة ان quot;التوتر السياسي والاجتماعي في مصر تفاقم، وسيبقى على الارجح في مستويات عالية في الامد المتوسطquot;.وينذر تاجيل طلب قرض بقيمة 4,8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي بسبب الوضع السياسي، بتمديد ازمة الثقة بين المستثمرين الاجانب ومصر، وان يؤثر سلبا على الحسابات العامة.

وقال جيمس موران سفير الاتحاد الاوروبي في مصر في تصريح للصحافيين أخيرًا quot;ان المستثمرين مهتمون بمصرquot;، لكن quot;من المهم ايجاد الثقة. الوضع الحالي هش، وكلما جاء قرض صندوق النقد اسرع كلما كان ذلك افضلquot;.

وكان الرئيس مرسي علق قبيل المرحلة الاولى من الاستفتاء في 15 كانون الاول/ديسمبر في آخر لحظة رفع اسعار العديد من السلع، بينها سلع اساسية واستهلاكية واسعة، مثل الاسمنت والاسمدة والحديد والسجائر والمشروبات الغازية. وكان رفع هذه الاسعار ضروريًا للتوازن المالي للبلاد، لكنه كان سيؤثر بشدة على المناخ السياسي والاجتماعي.

يترجم تأجيل قرض صندوق النقد واجراءات التقشف التي ترافقه، الصعوبات الكبرى التي تلاقيها محاولة اعمال اصلاحات اقتصادية في مناخ سياسي شديد التوتر. وزاد من هذا الشعور بالتخبط والضبابية في الخيارات الاقتصادية للحكومة، الاعلان السبت عن استقالة محافظ البنك المركزي فاروق العقدة، ثم نفي هذه الاستقالة على الاثر. وقال انغوس بلير quot;اعتقد ان العقدة استقال، لكن الرئيس والحكومة لم يكونا مستعدين للأمر. وهو على الأرجح لم يعد يتحمّل الضغوط، ويرغب في نقل مسؤولياته إلى شخص آخرquot;.

من جهة اخرى فان السياحة التي تراجعت عائداتها بنسبة 30 بالمئة، لتبلغ 8,8 مليارات دولار في 2011، تعاني صعوبات شديدة خصوصًا بسبب صورة عدم الاستقرار التي تعطيها مصر للاجانب. وتراجع الاحتياطي من العملة الاجنبية الى 15 مليار دولار مقابل اكثر من ضعف هذا الحجم قبل عامين، بسبب دعم العملة الوطنية في سوق الصرف وارتفاع فاتورة الواردات الحيوية (القمح، والبنزين خصوصًا).

ومصر، التي تعد اكبر البلدان العربية لجهة عدد السكان، مع اكثر من 83 مليون نسمة، هي ايضًا احد افقر الدول مع نحو 40 بالمئة يعيشون باقل من دولارين في اليوم.

تضاف هذه الصعوبات الحالية الى تلك الموروثة عن عهد مبارك، مثل التفاوت الاجتماعي الكبير والفساد المزمن وثقل نظام الدعم للسلع الاساسية وضعف الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة. ويتوقع ان لا تزيد نسبة النمو هذا العام على 2 بالمئة قبل 3 بالمئة مؤملة في 2013، اي نصف ما كانت عليه في السنوات التي سبقت الاطاحة بمبارك، بحسب تقديرات صندوق النقد.