لم تظهر في البيان الختامي للقمة قرارات تنفيذية تعنى بالشأن الاقتصادي، بل تم الاكتفاء بتوصيات لاستمرار العمل والحث على إنهاء مشروع التكامل الاقتصادي الذي تم إقراره في الاجتماعات السابقة من خلال اتفاقية التعاون المشترك بين الدول الأعضاء.


الرياض: احتضنت العاصمة البحرينية المنامة اليومين الماضيين أعمال القمة الخليجية الـ 33 لدول مجلس التعاون، والتي تأتي استمراراً وتمهيدًا لتحول المجلس إلى تكتل جديد أكثر متانة اقتصاديًا وسياسيًا في ظل التطورات الراهنة على كافة الأصعدة.

ولم تظهر في البيان الختامي للقمة قرارات تنفيذية تعنى بالشأن الاقتصادي، بل تم الاكتفاء بتوصيات لاستمرار العمل والحث على إنهاء مشروع التكامل الاقتصادي الذي تم إقراره في الاجتماعات السابقة من خلال اتفاقية التعاون المشترك بين الدول الـ 6 الأعضاء، والذي لا يقل أهمية عن المواضيع السياسية التي يتم طرحها في المجلس.

وعلى الرغم من أن الهدف التاريخي لتأسيس مجلس التعاون قبل 31 عامًا هو هدف سياسي للوقوف كوجهة واحدة ضد الأخطار السياسية المحدقة في تلك الحقبة، وخاصة الثمانينيات، إلا أن التطورات الاقتصادية الكبيرة التي حدثت لدول المجلس، جعلت من ذلك أهمية اقتصادية سنة بعد أخرى، تطورت إلى أن وصلت إلى مشاريع جادة للتحول إلى اتحاد دول، شبيه بفكرة الاتحاد الأوروبي، والتحول إلى عملة خليجية موحدة، تم تأجيل إصدارها عدة سنوات لاختلافات اقتصادية نقدية، والأقل من ذلك سياسية.

يقول المحلل الاقتصادي سعود العامر لـquot;إيلافquot; حول مشروع التكامل الاقتصادي، إن دول الخليج تنتج ما يقارب 20% من الإنتاج النفطي اليومي العالمي، وبالتالي فإن العوائد النفطية لدول المجلس كبيرة جدًا وخاصة لدولة بحجم السعودية التي تعتبر القائد لهذا التكتل، لذا quot;حان الوقت لتحويل هذا التكتل إلى اتحاد اقتصادي يقف في وجه الأزمات الاقتصادية والمالية المختلفة التي نرى بوادرها يومًا بعد آخر على الرغم من الأزمة المالية العالمية بدأت في التلاشي نوعًا ما، إلا أنه من وجهة نظري ووجهة نظر عدد من الاقتصاديين قد حان الوقت لإصدار العملة الخليجية الموحدة، وبدء نشاط البنك المركزي الخليجي الذي من أهم أهدافه القضاء على التضخم الذي تعاني منه كافة شعوب الخليجquot;.

ويضيف العامر أن قرارات القمة تأتي عادة بشكل عام، وتتم إحالة التفاصيل إلى الاجتماعات الوزارية، كل فيما يخصه، لذا أرى أن الاتفاقية الاقتصادية تسير وفق الخطط المرسومة، وأنه تم تحقيق الكثير ولم يتبقَ إلا الأهم وهو إصدار العملة الموحدة.

ولم يتطرق الاجتماع الأخير إلى موعد محدد لإصدار العملة الموحدة، التي من الممكن أن تعود بالنفع على عدد من الدول الخليجية المتشابهة وبشكل كبير في دخلها المحلي، وحجم الأسواق، على الرغم من أنالسعودية والإمارات تمتلكان أكبر الأسواق في المنطقة، وتعتبران من اكبر الأسواق الجاذبة للاستثمارات الخليجية التي تغيب فيها التعقيدات والإجراءات التي تطبق على جنسيات أخرى غير الخليج.

ومع مرور الزمن تطورت العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس، حتى وصلت إلى فتح الأسواق للمواطنين الخليجيين والسماح بالتنقل بحرية، لفتح آفاق استثمارية في كافة المجالات ، سواء مالية أو تجارية أو حتى سياحية، وبالتالي فإن العقبات لم تعد تشكل حجر عثرة في طريق التكامل الاقتصادي الذي تتمخض منه قرارات فعلية نراها يومًا بعد آخر تصدر من الاجتماعات المصغرة للوزراء المعنيين في دول المجلس.

نص البيان الختامي المتعلق بالشأن الاقتصادي

ثمّن المجلس الأعلى الخطوات التي تم اتخاذها لتنفيذ قراراته بشأن العمل المشترك في ما يتعلق بالمجالات المنصوص عليها في المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية، وأكد على ضرورة العمل على تعزيز روح المواطنة الخليجية لدى مواطني دول مجلس التعاون في مختلف المجالات.

وتعميقاً للتكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وتفعيلاً لما أصدره المجلس الأعلى من قرارات بشأنه، تم بحث الأوضاع الاقتصادية في دول المجلس التي أعربت عن ارتياحها لما تشهده اقتصادياتها من نمو ملحوظ، وما تحقق فيها من تنمية شاملة في مختلف القطاعات.
ووجه المجلس الأعلى اللجان المعنية بسرعة تنفيذ ما ورد في الاتفاقية الاقتصادية بخصوص توحيد السياسات المالية والنقدية، وتكامل البنية الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاجية بما يضمن إتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين، وكلف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بتقديم برامج عملية وفق جداول زمنية للانتقال إلى آفاق أرحب للتكامل والاندماج الاقتصادي بين دول المجلس، تحقيقاً للهدف المنشود.

وحرصاً من المجلس الأعلى على تحقيق تطلعات الشباب في دول المجلس والعناية بهم، واستثمار طاقاتهم، وتنمية مواهبهم، فقد وجه المجلس بإجراء دراسة شاملة للتعرف على البرامج المنفذة في مختلف الأنشطة الشبابية في دول المجلس، وقضايا الأسرة والطفولة وعقد ندوة شاملة بهذا الشأن.

كما استعرض المجلس الأعلى مسيرة التعاون المشترك من خلال ما رفع إليه من تقارير وتوصيات من المجلس الوزاري واللجان الوزارية والأمانة العامة بهذا الشأن وقرر، الأخذ علماً بتقارير المتابعة المعروضة عليه، واعتماد كافة القوانين (النظم) في مختلف مجالات العمل المشترك.