بدأت الحكومة الأردنية بفتح ملفات الفساد المسكوت عنها، والتي تطال شخصيات رفيعة المستوى، لم يكن يتوقع مراقبون أن تقترب دوائر صنع القرار منها، خاصة وليد الكردي رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة الفوسفات الأردنية وصهر العائلة المالكة.


عمّان: أكد الملك عبدالله الثاني أخيرًا أن أحدًا لن يكون فوق المحاسبة. وتعتبر قضية شركة الفوسفات من الجرائم الاقتصادية التي تلحق الضرر بالمركز الاقتصادي للمملكة.

يبدو أن رأس الدولة حزم أمره، وأعطى الضوء الأخضر للنظر في عشرات القضايا التي شغل بعضها الرأي العام الوطني نظراً إلى حساسيتها وحجم الفساد فيها وأنواعه وصوره ومستويات الفاسدين الوظيفية والاجتماعية، باعتباره مطلباً أساسياً لجميع القوى السياسية المجتمعية، وجزءًا من برنامج الإصلاح والتصحيح الوطني.

يشار الى أن قضية خصخصة شركة الفوسفات، أُثيرت عقب تصريحات رئيس لجنة التحقق النيابية النائب السابق أحمد الشقران، شكّك فيها بشرعية عملية بيع 37% من أسهم شركة مناجم الفوسفات قبل 6 سنوات لمصلحة صندوق استثماري حكومي تابع لسلطنة بروناي، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية الأردنية.

ويتهم مراقبون اقتصاديون أن قضية الفوسفات صيغت لشخص واحد هو الكردي المسؤول المباشر عن كل ما يتصل بهذا الملف من خلال الوقائع التي وردت في لائحة هيئة مكافحة الفساد، والتي أوضحت بجلاء وصراحة وقائع انتفاع رئيس مجلس الإدارة المدير التنفيذي لشركة الفوسفات وليد الكردي منذ خصخصتها، وما أشير إليه من وجود قضايا أخرى عديدة تتعلق بالبيع والشراء والتعدين.

تتألف قضية الفوسفات من شقين، الأول موضوع الخصخصة كنهج وإجراءات، والثاني يتعلق بالملابسات التي رافقت خصخصة شركة الفوسفات، والتي تحولت عملياً إلى شركة باتت أقرب من كونها مشروعًا يملكه شخص واحد وينتفع به، وهو صاحب القرار الأول والأخير في أي شأن من شؤونها.

وبدأ الأردن، وبتوجيهات ملكية مباشرة، باتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات تهدف إلى لإعادة ثقة المواطن بالدولة وأجهزتها لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها وآليات التعاون في ما بينها لمعالجة مواطن الخلل في عملية التصدي بكل حزم وشفافية لكل شبهات وحالات الفساد، وتحويلها إلى القضاء العادل النزيه، ومواصلة دعم هيئة مكافحة الفساد وسائر الجهات الرقابية، بما يمكنها من القيام بواجباتها على أكمل وجه.

وتعاملت هيئة مكافحة الفساد، وفق تقريرها السنوي للعام 2011 مع 714 شكوى، تم تحويل 36 قضية منها إلى المدعي العام المنتدب لدى الهيئة، إضافة إلى الفصل في 43 قضية من أعوام سابقة، وإحالتها إلى الإدعاء العام المنتدب.

بلغ العدد الإجمالي للقضايا التي تم التعامل معها من قبل محققي الأمن العام المنتدبين لدى الهيئة 187 قضية، تم بمقتضاها اتخاذ الإجراءات التي شملت تحويل 28 قضية إلى المدعي العام المنتدب، وحفظ 49 قضية لعدم وجود شبهة فساد فيها، كما تمت مخاطبة الجهات صاحبة العلاقة لتصويب التجاوزات في 87 قضية.

ويبين التقرير أنه تمت إحالة 3 قضايا إلى مجلس النواب لكونها تتعلق بوزراء، وإحالة 7 قضايا quot;جرائم اقتصاديةquot; إلى مدعي عام أمن الدولة، إضافة إلى حفظ 267 قضية لعدم وجود شبهة فساد فيها أو لشمولها بقانون العفو العام، كما تمت مخاطبة الجهات صاحبة العلاقة لتصويب بعض التجاوزات التي تحتويها 17 قضية.

حول المتابعة لدى المحاكم، أشار التقرير إلى أن عدد القضايا التي صدرت فيها أحكام قضائية من المحاكم المختصة للعام 2011، بلغ ما مجموعه 28 قضية، لم يصدر بأي منها قرار بالإدانة أو البراءة أو عدم المسؤولية بسبب شمولها بقانون العفو العام، في حين بلغ عدد القضايا التي اكتسبت الدرجة القطعية في المحاكم خلال العام 2011 من قضايا سنوات سابقة 46 قضية، تمت إدانة 16 منها.

كما يوضح التقرير جهود الهيئة باسترداد مجموعة من قطع الأراضي، وفسخ بعض عقود تفويض قطع أراض، واسترداد مبالغ نقدية لمصلحة جهات حكومية.

وأكد عضو هيئة مكافحة الفساد المستقيل الدكتور عبد الرزاق بني هاني أن الفساد نخر هيكل الدولة والمجتمع، حتى إن كثيرًا من الأبرياء تمنوا إن كانوا فاسدين مثلهم. ورأى أن النفوس لن تهدأ إلا باجتثاث الفساد من جذوره، والاقتصاص من الذين نهبوا وأسرفوا وأفسدوا ومن يتستر عليهم.