بعد أربعة أشهر من نهاية النزاع، ما زال الوضع المالي في ليبيا quot;متداعيًاquot;، فيما لم ينتعش الاقتصاد مجددًا، رغم استئناف إنتاج النفط ورفع العقوبات الاقتصادية التي كان يفرضها المجتمع الدولي.


السلطات الجديدة ترث اقتصادًا تسوده الفوضى

طرابلس: ورثت السلطات الجديدة اقتصادًا تسوده الفوضى، ويستشري فيه الفساد، لأنه كان يخضع لنزوات الزعيم الراحل معمّر القذافي وعائلته وإدارة فوضوية لموارد النفط خلال أكثر من أربعين سنة. لكنها تمكنت من أن تعوّل على استئناف إنتاج المحروقات في quot;مهلة قياسيةquot; بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا في نهاية كانون الثاني/يناير مقابل بضعة آلاف في تموز/يوليو حسب شركة النفط الوطنية. وقد انخفض إجمالي الناتج الداخلي في 2011 بنحو 60% حسب بعض التقديرات.

ويتوقع صندوق النقد الدولي نموًا بنسبة 70% مع إنتاج من النفط الخام يناهز 1.35 مليون برميل يوميًا مقابل 1.77 مليون في 2010 و0.51 في 2011. وشكل رفع العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة والدول الغربية على نظام القذافي، انتعاشة بالنسبة إلى الحكومة الانتقالية التي استفادت من مليارات الدولارات من الأموال التي حظرت عن النظام السابق.

لكن قلة السيولة ما زالت تصعب حياة الليبيين، وتثير quot;أزمة ثقةquot; في المصارف، حيث إن القسم الأكبر من العملة الليبية بات متداولاً خارج القطاع المصرفي. غير أن الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي محمد الحريزي لاحظ أخيرًا ارتفاعًا في احتياطي الدينار في المصارف الليبية، التي قال إنها ارتفعت من 500 مليون عند سقوط النظام إلى 1.5 مليار حاليًا.

لكن quot;رغم رفع العقوبات الدولية على البنك المركزي الليبي ما زال الوضع المالي في القطاع العام هشًاquot;، كما أعلن صندوق النقد الدولي في نهاية كانون الثاني/يناير.

وأعرب الصندوق عن قلقه لأن quot;الدولة تتموّل بالاقتراض لدى البنك المركزي، وتسحب ودائعه، لكن في المقابل تتشكل حصيلة البنك المركزي أساسًا من زيادة الاوراق النقدية المتداولةquot;. ويتسبب طبع الأوراق النقدية في ارتفاع التضخم المرتفع أصلاً بنسبة 14% خلال 2011.

وأعلن الصندوق أنه quot;على المدى القصير تتمثل تحديات السلطات الأساسية في انضباط في الميزانية وإحياء النظام المصرفي مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكليquot;، متوقعًا quot;على الأرجح ارتفاع نسبة البطالة، التي كانت تقدر بنحو 26% قبل النزاع. وليبيا مدعوة على المديين الطويل والمتوسط إلى تنويع اقتصادها القائم في تسعين بالمئة على المحروقات، وكذلك وضع حد للفساد في إدارة تنخرها البيروقراطية.

وقال رضا حسني باي أحد ابرز رجال الأعمال في ليبيا، ومقره بنغازي (شرق)، إن quot;وضع الاقتصاد الليبي هو كما كان في عهد القذافي، وربما أسوأquot;، منتقدًا خصوصًا النظامين الجمركي والضرائبي. وأضاف إن quot;النظام الفاسد ما زال سائدًا كما كان، وفي غياب العدالة والمراقبة، يصعب وضع حد للممارسات القديمةquot;.

كما يقتضي على السلطات الجديدة أيضًا استعادة الأمن ونزع الأسلحة المنتشرة في البلاد، وتشجيع الشركات واليد العاملة الأجنبية على العودة إلى ليبيا، حيث ما زالت الورشات الكبرى متوقفة.

لكن المسؤولين الليبيين يكررون بأن الحكومة كانت واضحة quot;لا عقود جديدة قبل انتخابquot; المجلس التأسيسي في حزيران/يونيو المقبل، وذلك رغم نفاد صبر الشركات الأجنبية الراغبة في استخراج النفط، والتي تجهد من أجل الحصول على حصتها من العقود المربحة في إطار إعادة إعمار البلاد.

ويبدو أن باريس ولندن، اللتين كانتا في مقدمة العمليات العسكرية إلى جانب الثوار، في موقع جيد للفوز بعقود مهمة عدة. غير أن دبلوماسيًا غربيًا في طرابلس قال quot;لا شيء محسوم سلفًا في هذا البلدquot;.