منذ بدء التباطؤ الاقتصادي العالمي إبان الأزمة المالية في 2008 بدأ القلق يساور العديد من الاقتصاديين والمستثمرين السعوديين، من تكرار ذلك السيناريو خلال الأعوام القادمة، وتزداد الشكوك منذ تفاقم الأزمة بدءً من اليونان مرورا بعدد من البلدان الأوروبية.


الرياض: يعتقد بعض الاقتصاديين أن أزمة اليونان أخذت حيزا واهتماما اكبر مما تستحق، فالاقتصاد اليوناني من الممكن تهميشه واعتباره صغيرا جدا إلى جانب الاقتصاديات الأوروبية الأخرى كألمانيا وايطاليا وكذلك اسبانيا، على الرغم أن العديد من الدول الأوروبية تمتلك سندات حكومية لصالح اليونان، تم إعادة هيكلتها بمعرفة صندوق النقد الدولي مؤخرا؛ لتجنب الإفلاس وإعطاء الاقتصاد اليوناني الفرصة لالتقاط الأنفاس.

ولكن الأخبار الأكثر سوءا هو ازدياد القلق من تفاقم الخسائر والديون واستمرار العجز وتباطؤ النمو في اسبانيا وايطاليا، وخصوصا الأخيرتين، كونهما من أكثر الدول الأوروبية تأثيرا على الاقتصاديات الأخرى، وامتلاكهما لعدد من المقومات الاقتصادية المهمة، صناعيا وزراعيا وسياحيا، مما يشكل ذلك خطرا محدقا على الدول الشريكة لهما وخصوصا دول اليورو.

إيطاليا

ويشكل الاقتصاد الايطالي أهمية كبرى من بين اقتصاديات العالم، فايطاليا تعتبر سابع أكبر اقتصاد في العالم، والرابع في أوروبا وإحدى الدول الثمان الصناعية الكبرى، وبلغ الناتج المحلي لها في 2011 حوالي 2.4 تريليون دولار، بنصيب فرد عال جدا لتحتل مركزا متقدما من بين أفضل الدول في العالم في التنمية البشرية.

عانت ايطاليا مؤخرا من ركود اقتصادي ملحوظ ، وتفاوت متسع بين الدخول للأفراد خصوصا بين الشمال والجنوب، وضعف نسبي في البنية التحتية وعدم تطويرها، الأمر الذي أدى إلى ازدياد العجز في الموازنة الناتج عن زيادة الإنفاق الحكومي، في ظل بيروقراطية حكومية لا تحفز على الاستثمار، ما أدى إلى ازدياد معدلات البطالة وتباطؤ النمو، وازدياد معدلات الفساد لأسباب سياسية ، أدت إلى استقالة برلسكوني رئيس الوزراء السابق ، ليحل محله ماريو مونتي الذي يواجه تحديات كبيرة في قدرته لمعالجة اقتصاد الرجل المريض في أوروبا.

إسبانيا

أيضا من اكبر الاقتصاديات الأوروبية ، تحتل المركز السادس فيها ، تعتبر دولة استثمارية عقارية بامتياز ، نظرا لتميز موقعها الاستراتيجي وتطورها سياحيا ، إلا أن الاقتصاد عانى من فقاعة العقارات في بداية الألفية الجديدة ، تفاقمت الأزمة في 2008 إبان الأزمة المالية ، على الرغم من أن البنوك الاسبانية استطاعت تجاوز الأزمة ، إلا أن الاقتصاد عانى من أسوأ ركود اقتصادي له في الخمسين سنة الماضية ، وتتزايد النظرات التشاؤمية من ازدياد الأزمة الاسبانية وارتفاع معدلات البطالة إلى 20 % ، وانعكاس هذه الأزمة على الاقتصاديات الأوروبية الأخرى.

وتعتبر أوروبا من اكبر الدول في العالم في أحجام التبادل التجاري مع الصين، وذلك إلى جانب الولايات المتحدة ، كما أن العديد من الشركات الأوروبية الكبرى التي تمتلك صناعات تحتاج إلى عنصر العمل بشكل كبير ، قامت بنقل مصانعها إلى الصين والهند وذلك لتقليل التكاليف ، ولوفرة الأيدي العاملة في هذين البلدين.

وتشير توقعات الاقتصاديين إلى الانعكاسات الاقتصادية للازمة الأوروبية على الاقتصاد السعودي، فعند تفاقم الأزمة الأوروبية سيؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب العالمي على المنتجات الصينية وسيتم إغلاق العديد من المصانع الأوروبية في الصين والهند ، الأمر الذي يؤدي إلى تدني مستوى الإنتاج في هذين البلدين، وبالنظر إلى السنوات الماضية فإن الطلب على النفط لدول أوبك وخصوصا السعودية يأتي في المرتبة الأولى من قبل الصين والهند، نظرا لحجم الإنتاج الكبير الذي يحتاج إلى النفط بشكل أكبر خصوصا في السنوات الأخيرة.

في عام 2008 م وعند وصول أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها عند 143 دولارا للبرميل، انخفضت جراء الأزمة إلى مستوى الثلاثينيات من الدولارات ، ولكن وفي خلال شهرين ارتفع إلى مستويات عالية وصلت خلال الوقت الحالي إلى حاجز الـ(100) دولار وهو المستوى العادل في نظر وزراء نفط أوبك ، وكبار الشركاء التجاريين المستهلكين للنفط ، ويعود الفضل في استقرار الأسعار وعودتها بشكل كبير إلى ارتفاع الطلب عليه من قبل الصين والهند وذلك بشهادة عدد من الخبراء الاقتصاديين وعدد من التقارير الصادرة بهذا الشأن.