خفَّضت في وقت متأخر من مساء يوم أمس الاثنين وكالة موديز لخدمات المستثمرين توقعاتها لألمانيا، التي تعتبر القوة السياسية والاقتصادية الأبرز في منطقة اليورو، لتكشف بذلك عن مزيد من هشاشة عملة اليورو، في الوقت الذي شهدت فيه الأسواق أيضاً حالة من الانخفاض حول العالم نتيجة مخاوف بشأن القارة العجوز.

القاهرة: تحدثت وكالة موديز عن التكاليف الضخمة المحتملة التي قد تنجم عن انهيار منطقة اليورو، وأشارت، بدلاً من ذلك، إلى الفاتورة الحادة التي سيتم دفعها للإبقاء على وحدتها.
وجاءت التحذيرات التي وُجِّهَت لألمانيا بعد هجر المستثمرين على نطاق واسع للسندات الاسبانية يوم أمس، ومن ثم ترك رابع أكبر كيان اقتصادي في منطقة اليورو معرض بشكل كبير لخطر الاحتياج إلى خطة إنقاذ وبدء عمليات بيع في الأسواق العالمية.
وقد انخفضت البورصات بكافة أنحاء أوروبا بصورة حادة، حيث تراجعت البورصة اليونانية بنسبة 7.1%، والألمانية بنسبة 3.2%، والبرتغالية بنسبة 3.4%. وتراجع المؤشر في اسبانيا بنسبة تزيد عن 5%، قبل أن يتحرك المنظم السوق للبلاد ليحظر البيع قصير الأجل لكافة الأسهم على مدار ثلاثة أشهر. وأنهى المؤشر على انخفاض بنسبة 1.1%. وحظرت ايطاليا البيع قصير الأجل للأسهم المالية لمدة أسبوع.
كما تعرض مؤشر داو جونز الصناعي لانخفاض بمقدار حوالي 240 نقطة، قبل أن ينهي على تراجع بمقدار 101.11 نقطة، وانخفضت الأسواق الآسيوية في تعاملات الثلاثاء الصباحية.
وبخفضها توقعاتها بشأن ألمانيا، أشارت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الأميركية إلى أن وكالة موديز نبهت إلى المسؤوليات التي ستلقَى على كاهل ألمانيا إذا تم تقديم خطة إنقاذ لكل من اسبانيا وايطاليا، وكذلك تعرض نظامها المصرفي بشكل كبير لهما.
ومضت الصحيفة تقول إن التوقعات السلبية ( من موديز ) لا تعني بالضرورة أن يكون الانخفاض وشيكاً، لكنها توضح الطريقة التي قد يكون بها انهيار اسبانيا وايطاليا مدمراً. وتابعت بنقلها عن هيلين هوورث، رئيس إستراتيجية أسعار الفائدة الأوروبية لدى بنك كريدي سويس في لندن، قولها :quot; عليهم أن يحولوا دون وصول ذلك لايطالياquot;.
أما وكالتا فيتش وستاندرد آند بورز، البارزتين في مجال التصنيف الائتماني، فقد منحا ألمانيا تصنيفاً مستقراً. وأشارت quot;ستريت جورنالquot; إلى أن التخفيض الأخير من جانب موديز جاء ليثير التساؤلات بشأن قوة صناديق إنقاذ منطقة اليورو، التي وضعت للاستفادة من الائتمان الخاص بأقوى أعضاء المنطقة. وقال بنك اسبانيا يوم الاثنين إن الناتج المحلي الإجمالي قد تقلص خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 0.4 %، عن الربع الأول، نتيجة حدوث تقلص كبير في الإنفاق العام والخاص.
هذا وقد عبرت موديز عن ظهور مخاوف جديدة بشأن اليونان، قائلةً quot; يهدد الخطر الملموس بخروج اليونان من منطقة اليورو بتعريض دول كبرى مثل ألمانيا لخطر صدمة لا تتناسب مع نظرة مستقبلية مستقرةquot;. وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أن القلق الشامل بشأن الكلفة التي ستتكبدها دول منطقة اليورو الرئيسية يعد سبباً رئيسياً لخفض التوقعات.
بينما تحدثت موديز أيضاً عن احتمالية تعرض البنوك الألمانية بشكل كبير للبلدان الضعيفة وديون الأسر الهولندية المرتفعة واعتماد لوكسمبورغ غير المعتاد على صناعة الخدمات المالية.
ثم قالت الصحيفة إن من بين أبرز مخاوف المستثمرين حول منطقة اليورو هو أن اسبانيا لن تتمكن من إيجاد مشترين لعشرات المليارات في صورة ديون جديدة يجب أن تصدرها هذا العام لزيادة السيولة النقدية. وأضافت الصحيفة أن كثير من المستثمرين يخشون من أن تعلق اسبانيا في دوامة من الطلب المتباطئ. ومن الجدير ذكره أن اسبانيا تحتاج لبيع مبلغ إضافي يقدر بحوالي 28 مليار يورو ( 34 مليار دولار ) في صورة سندات هذا العام لتغطية أوجه القصور التي تعانيها وتسد الديون المستحقة، وكذلك أكثر من 50 مليار يورو في صورة أذون خزانة قصيرة الأجل.
وعاودت هوورث لتقول إن اسبانيا ستحتاج على الأرجح لخطة إنقاذ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. وقالت الصحيفة إن التغيرات التي طرأت على السوق أمس تشير إلى أن اسبانيا قد تعلق في دوامة تكون ذروتها خطة إنقاذ من جانب بلدان أخرى في منطقة اليورو.
وختمت الصحيفة بقولها إنه وفي ظل حالة القتامة التي يعيشها الاقتصاد العالمي، بدأ يلتزم كثيرون بالحيطة والحذر في تعاملاتهم حين يتطرق الأمر إلى أماكن تحفها المخاطر في أوروبا. وأوردت في هذا السياق عن هومايون شهريار، من مؤسسة quot;أوفيست لإدارة رأس المالquot; التي يوجد مقرها في قبرص، قوله :quot; لا نقترب من أي شيء في أوروبا خلال المرحلة الراهنة. ويتعين على الناس حقيقةً أن يديروا أموالهم لأن الأمر ليس مرتبط بالعائد على رأس المال، بل أنه مرتبط بعودة رأس المالquot;.