أكد اقتصاديون وخبراء أن القروض والتسهيلات الائتمانية تشكل خطراً على التوازن الاستهلاكي في إطار دوّامة تعثر السداد من قبل المقترضين مع تزايد التمويلات والمخصصات البنكية لتلك القروض.


المنافسة الحادة بين البنوك سببها ارتفاع مستوى السيولة وتعافي الاقتصاد

مروة كريدية من أبوظبي: دافع المصرفيون عن هذه الاتهامات، معتبرين أن المنافسة الحادة بين البنوك سببها ارتفاع مستوى السيولة وتعافي الاقتصاد وتحسن معدلات الرواتب. في وقت أعلن البنك المركزي الإماراتي عن وصول القروض الشخصية إلى مستوى قياسي، حيث ارتفعت إلى 259.2 مليار درهم بنهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، لتبلغ أعلى مستوى لها منذ أكثر من 4 سنوات؛ كما تجاوزت قروض البنوك الوطنية الودائع بـ 4.4 مليارات درهم.

دان سويال محلل نظم الخدمات المصرفية للأفراد قال في حديثه لـquot;إيلافquot; إن quot;السبب الرئيس الذي يدفع بالبنوك إلى تقديم تسهيلات هو توافر السيولة وارتفاع الودائع وانخفاض أسعار الفائدة على هذه الودائع، بحيث يعمل البنك على إقراض الأشخاص بفوائد مرتفعة، محققًا أرباحًا كبيرةquot;.

سويال أشار إلى quot;المنافسة المحمومة بين البنوك على منح القروض الشخصية، وتتركز في أسعار الفائدة ومعدلات الربحquot;. لافتًا إلى أن بعض المصارف تقدم القروض إلى الأشخاص المتعثرين في بنوك أخرى، فتعمل على إقراض الشخص ليسدّ به قرضًا آخر، مانحة إياه فائدة بسعر أقل.

وأضاف: quot;الأرقام الأخيرة التي بين أيدينا تؤكد أن مخصصات البنوك للقروض ارتفعت إلى 79.7 مليار درهم بنهاية يونيو، مقابل 78.7 مليار درهم بنهاية شهر مايو/أيار الماضي، و71.6 مليار درهم بنهاية شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، بزيادة مقدارها 8.9 مليارات درهم، ونمو 12.43 % في 6 أشهرquot;.

وأوضح سويال quot;أن ما يهمّ المصارف في نهاية المطاف هو تحقيق الربح، وإن كانت تأخذ تعهدات عملائها ووفائهم بالتزاماتهمفي الاعتبارquot;. وأكد أن quot;البنوك تلتزم بالتعليمات الصادرة من المصرف المركزي في ما يتعلق بمنح التمويلات والقروض الشخصيةquot;.

أما الخبير الاقتصادي محمد عبدالواحد عثمان فأكد لـquot;إيلافquot; ضرورة quot;عدم التوسع في الإقراض الشخصي quot;لأن ذلك قد يضرّ بالتوازن الاستهلاكي على المدى المتوسطquot;، مشيرًا إلى quot;أن البنوك اتجهت لفتح مجالات جديدة بهدف زيادة الربحية، مستهدفة الأفراد بعد تراجع مستوى التمويل والقروض الموجهة إلى الشركاتquot;.

وقال quot;إن البنوك الوطنية بالكاد تستطيع أن توفق بين إجمالي حجم القروض إلى إجمالي حجم الودائع خلال النصف الأول من العام الجاري 2012، حيث تجاوز حجم القروض (854.7 مليار درهم) حجم الودائع (850.3 مليار درهم)، أي بمقدار 4.4 مليارات درهم، وبنسبة 0.5% فقط، وبلغت نسبة القروض إلى الودائع 100.5%، وبزيادة 4.4 مليارات درهمquot;.

عثمان أكد ضرورة فرض شروط على quot;المقترضquot; للتأكد من مقدرته الفعلية على السداد، مضيفًا: quot;إن المحور الأهم يكمن في توحيد مركزية المعلومات الائتمانية لتجنب الدخول في دوامة التعثر وعدم السداد؛ بحيث لا يتم إقراض شخص قبل التأكد من أنه غير ملتزم بقروض لبنوك أخرىquot;.

مشيرًا: quot;إلى أن معظم المتعثرين يعمدون إلى quot;الاقتراض بأشكال متنوعة من بنوك عدة في وقت واحدquot;، فنجد الشخص الواحد يستدين عبر quot;البطاقة الائتمانيةquot; من أحد المصارف، ويعمل على quot;تقسيط سيارتهquot; عبر التمويل من بنك آخر، ثم يحصل على قرض quot;شخصيquot; من بنك ثالث، ويستفيد من عروض quot;تمويل الإسكانquot; من بنك رابع، في وقت لا يملك هذا الشخص شيئًا من quot;الأصول الثابتةquot;، التي تسمح له بالسداد، وإجمالي راتبه لا يكفي quot;دفع أقساط ديونهquot;. عثمان شدد على quot;أهمية نشر الوعي وترشيد الاستهلاك ورفع مستوى التوعية المجتمعية بأهمية الإدخار أو أقله عدم الوقوع في فخ الاقتراض الدائمquot;.

من جانبه فقد أشار محمد زقوت نائب الرئيس التنفيذي لمصرف الهلال في جلسة رمضانية نظمتها دائرة التنمية الاقتصادية إلى أن الإقراض يشكل عامل دعم أساسي للمؤسسات والأفرادquot;، معتبرًا أن quot;إفراط البنوك في تقديم التسهيلات والقروض للأفراد ووقوع العديد من هؤلاء بمشكلات عدم السداد بعدما اتضح حصولهم على قروض من بنوك أخرى لم يكن للبنوك دور فيه، مع عدم وجود وسيلة للتحقق من التزامات العميل الأخرىquot;. زقوت حمّل المسؤولية للطرفين، مؤكدًا أن على المقترض قراءة شروط العقد بالكامل.

وتشير أحدث الإحصاءات الصادرة من البنك المركزي الإماراتي إلى أن المصارف العاملة في الدولة واصلت توسعها بشكل كبير في منح القروض الشخصية خلال العام الحالي 2012، مسجلة أعلى سقف لها، حيث بلغ حجم القروض التي منحتها البنوك خلال شهر يونيو فقط 2.9 مليار درهم، بمعدل شهري قياسي هو الأعلى منذ سنوات عدة، حيث كان إجمالي القروض الشخصية 252.1 مليار درهم بنهاية ديسمبر الماضي، فبلغ حجم القروض التي منحتها البنوك خلال الأشهر الستة الأولى من 2012 نحو 7.1 مليارات درهم، بنمو شهري بلغ 1.1%، وفي 6 أشهر بلغ 2.8%.

وقد ارتفعت القروض الشخصية إلى 259.2 مليار درهم في نهاية شهر يونيو الماضي، وبلغت أعلى مستوى لها منذ أكثر من 4 سنوات، مقابل 256.3 مليار درهم بنهاية مايو الماضي.