شركات النفط الغربية مستعدة للذهاب إلى أي مكان بحثًا عن مكامن المصدر الأول للطاقة في العالم اليوم. لكن ايران استثناء كبير لهذه القاعدة، بسبب العقوبات الاميركية والاوروبية التي وضعتها بعيدًا عن متناول هذه الشركات العملاقة. فهل يتغير الأمر مع روحاني؟
عبدالإله مجيد من لندن: يرى مراقبون أن بوادر التقارب الاميركي مع نظام الملالي في إيران قد تغيِّر هذا الوضع في وقت قريب، إذ انعش الغزل الدائر بين واشنطن وطهران، في أعقاب حملة العلاقات العامة التي قادها الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمل الشركات الغربية بتخفيف العقوبات والسماح لها بالعودة إلى صناعة النفط الايرانية الحبلى بفرص الربح، كما أشارت إيران نفسها بالاعلان عن إعداد عقود مغرية لاستدراج هذه الشركات.
بصيص أمل
وفي مقابلة مع صحيفة فايننشيال تايمز، قال مستشار وزارة النفط الايرانية مهدي حسيني إن حكومته تعمل على إلغاء نظام إعادة الشراء، الذي أثبت أنه نظام إشكالي للغاية في صناعة النفط، والاستعاضة منه بصيغة تعاقدية جديدة. ويأتي اعلان حسيني في اطار حملة بدأتها إيران لاستدراج استثمارات لا تقل عن 100 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وهذه مؤشرات يسيل لها لعاب شركات النفط، فإن ايران تمتلك رابع اكبر احتياطات نفطية في العالم، وأكبر احتياطاته الغازية.وقال اليكس منتون، من شركة وود ماكنزي الاستشارية:quot;ما زالت إيران تمتلك فرصًا جذابة للغايةquot;، مشيرًا إلى حقل جنوب بارس الغازي العملاق، وإلى المكاسب الهائلة التي يمكن تحقيقها من استخدام التكنولوجيا الغربية الحديثة لتطوير حقول الغاز الايرانية، التي بلغت ذروة انتاجها في عقد السبعينات، وتشهد الآن تدهورًا حادًا.
لا شيء مضمون
لكن ما زالت لدى شركات النفط الكبرى مخاوفها من العودة إلى ايران، رغم كل المغريات التي تلوح بها طهران.فهي ترى أن اشياء كثيرة يجب أن تتغير قبل أن تُقدم على الاستثمار في ايران.وحتى إذا استجابت إيران، فإن النجاح ليس مضمونًا.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مسؤول كبير في احدى شركات النفط الكبرى قوله: quot;لدى شركات النفط فرص أكثر بكثير الآن منها قبل 10 سنوات، فالعالم تغير وهناك افريقيا واميركا اللاتينية والصخور النفطية في الولايات المتحدة، وسيتعين على ايران أن تقدم شروطًا أشد تنافسية إذا كانت تريد استدراج شركات مثل شركتناquot;.
وما يشجع شركات النفط على التفاؤل بأفق الاستثمار في إيران تعيين بيجان نمدار زنكنة وزيرًا للنفط. فزنكنة تكنوقراطي تولى حقيبة النفط بين 1997 و2005 في عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، وقام بدور حاسم في استدراج مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع النفط. لكن على الرغم من هذه المؤهلات، فإن زنكنة يواجه تحديات كبيرة في إحياء اهتمام الشركات العالمية بنفط ايران من جديد، أكبرها نظام اعادة الشراء الذي بدأ العمل به أوائل التسعينات.
فبموجب هذا النظام يتعين على شركات النفط أن تتحمل جميع التكاليف الأولية لتطوير الحقل النفطي، ويجوز لها أن تستعيد ما أنفقته خلال عدد محدَّد من السنين مع تحقيق قدر صغير من الربح، لكن بنسبة مردود معينة.
كانت العقود مغرية في بدايتها، وحققت توتال وبتروناس معدلات معقولة من الربح، لكن البرلمان الايراني تدخل لخفض معدلات الربح على الاستثمار.ثم جاءت العقوبات الاميركية لتجبر توتال على الانسحاب من إيران.
ملكية نفطية أجنبية
تريد شركات النفط الغربية الاستعاضة من نظام اعادة الشراء بعقود مشارَكة في الانتاج، ومشاريع مشتركة وامتيازات كتلك المعمول بها في بلدان نفطية أخرى.لكن مثل هذا التغيير سيصطدم بالدستور الايراني، الذي يمنع الملكية الأجنبية لثروات ايران النفطية والغازية.
وتوقعت مريم الشمة، المحللة في شركة بي أف سي انيرجي الاستشارية، أن تختار ايران حلًا وسطًا هو نوع من عقود الخدمة، مع نسبة مردود عالية بما فيه الكفاية لاستدراج شركات النفط العالمية.
وقالت الشمة: quot;هناك احتمال، وإن كانت فرصه اصدار قانون يسمح لشركات النفط بأن تحجز احتياطات نفطية فرصة ضئيلةquot;.
ويتفق الخبراء على أن أي أمل بانعاش صناعة النفط الايرانية مرهون بقدرتها على استدراج الاستثمارات الأجنبية.
وقال المحلل شابور سابا، من شركة وود ماكنزي الاستشارية، لصحيفة فايننشيال تايمز: quot;إذا لم تكن هناك مشاركة أجنبية في صناعة ايران الاستخراجية، فإن انتاجها من النفط والغاز سيبقى راكدًا، ويمكن أن يبدأ بالهبوط على المدى المتوسط والقريبquot;.
وأكد سالار مرادي، المحلل المختص بالسوق النفطية في شركة أف جي إي، أن على ايران أن تقدم عقودًا مغرية إذا ارادت التنافس على استدراج الاستثمارات النفطية.
التعليقات