وافقت المفوضية الاوروبية والمصرف المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي على إنقاذ جزيرة قبرص المشرفة على الافلاس بحزمة إنقاذية قيمتها 10 مليارات دولار، ضمن اتفاق يقضي بإعادة هيكلة النظام المصرفي القبرصي، من دون فرض ضريبة على صغار المودعين.

لندن: فجر اليوم الاثنين، تنفست قبرص الصعداء، أو نصف الصعداء حتى الآن، بعدما توصلت إلى اتفاق نهائي مع ترويكا الجهات الدائنة، أي المفوضية الاوروبية والمصرف المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي، على خطة لإنقاذها من إفلاس تقف على شفيره، إثر مفاوضات شاقة كان مسرحها مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
فقد اتفق الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس والترويكا الدائنة على خطة إنقاذ جديدة لحل الأزمة المالية التي تشهدها قبرص، كلفتها عشرة مليارات يورو.
لا تزال تفاصيل الاتفاق غير معلنة بعد، إلا أن البنود العريضة التي شكلت هذا الاتفاق سربت لطمأنة القبارصة إلى أن أوروبا لم تخذلهم بعد، وأن الاتحاد الأوروبي لا يزال متمسكًا بها وبخطط إنعاشها المكلفة.
هيكلة ولا ضرائب
تقول مصادر الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق نص على إغلاق بنك لايكي، ثاني أكبر مصارف قبرص، مع تجنيب من تقل ودائعهم عن 100 ألف يورو أي خسارة، وتحميلها للودائع التي تزيد عن هذا الحد.
أما البند الثاني من الاتفاق فينص على فرض ضريبة ضخمة لمرة واحدة تصل نسبتها إلى 40 بالمئة على كل ودائع بنك قبرص التي تزيد عن 100 ألف يورو، مع حماية صغار المودعين من الخسارة.
وبنك قبرص هو الاكبر في البلاد، يختزن تقريبًا ثلث اجمالي الودائع في قبرص، وبينها كثير لمودعين روس.
وبموجب هذا الاتفاق، فإن بنك قبرص لن يتم اغلاقه كما كانت تطالب الترويكا، ولكن سيتكبد كبار المودعين فيه خسائر فادحة.
وهكذا، تعاد هيكلة النظام المصرفي القبرصي، بإغلاق بنك لايكي ونقل ودائعه ما دون مئة ألف يورو إلى بنك قبرص المركزي لحمايتها.
وأفادت مصادر أوروبية أخرى أن الطرفين القبرصي والأوروبي تخليا عن فكرة فرض ضريبة استثنائية على كل الودائع المصرفية في البلاد، كان نص عليها اتفاق سابق بين اناستاسيادس والترويكا الاسبوع الماضي، ورفضها البرلمان القبرصي.
أعاد الثقة
في مؤتمر صحافي تبع ختام المباحثات بين القبارصة والاوروبيين، أعلن إروين ديسلبلويم، رئيس مجموعة وزراء مالية دول منطقة اليورو، أن اتفاق فجر الاثنين بين قبرص والاتحاد الأوروبي بدد الشكوك حول مستقبل قبرص ومنطقة اليورو.
أضاف: quot;تصل قيمة المساعدة المالية التي ستحصل عليها قبرص من الترويكا الدائنة لإنقاذها من الافلاس إلى 10 مليارات يوروquot;.
ورأى ديسلبلويم، وهو في الوقت نفسه وزير المالية الهولندي، أن الاتفاق الجديد أفضل كثيرًا من الاتفاق السابق الذي أبرمته الترويكا مع الرئيس القبرصي في الاسبوع الماضي، ونص على فرض ضريبة على كل الودائع المصرفية في كل المصارف القبرصية، لكنه لم يجد طريقه إلى التنفيذ بسبب رفض البرلمان القبرصي إقراره.
قال: quot;تم تحسين الادوات المنصوص عليها في الاتفاق الجديد لإنقاذ قبرصquot;.
من جانب آخر، قال نور الدين مفيد الحموري، كبير محللي الاسواق في أمانة كابيتال، إن اتفاق قبرص مع الدول الدائنة قد يخفف حدة عدم اليقين في الاسواق ويريحها لفترة قصيرة، في ظل غياب المعلومات الكاملة عن تفاصيل الاتفاق.
واضاف في حديث صحافي: quot;هذا الاتفاق يعني أن الالمان اقتنعوا بأن عليهم التنازل أمام مشكلة أخرى، فإن لم تكن هناك مساعدات ألمانية ستأتي المساعدات من أطراف أخرى كروسيا، لكن هل ستعود الثقة من جديد في قبرص وفي كل اوروبا؟quot;.
تراجع التصنيف
لا بد أن هذا الاتفاق أتى في وقته تمامًا. فقد كان الرئيس القبرصي يفاوض الترويكا الدائنة وفي ظهره خنجر تصنيف الجزيرة الائتماني السيادي طويل الأجل، الذي خفضته وكالة ستاندارد أند بورز مساء الخميس الماضي إلىCCC من CCC+.
وفي بيان مقتضب، قالت ستاندرد أند بورز إنها تعتقد أن مخاطر التعثر السيادي القبرصي تتصاعد بسبب مخاطر تتعلق بالودائع، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في الجزيرة المتوسطية، وإلى خلق الحاجة إلى ضوابط لرأس المال.
وأكدت الوكالة أن المخاطر المذكورة لا تنجلي قريبًا، حتى لو تم الاتفاق بين السلطات المالية القبرصية والترويكا الدائنة، وحتى لو تبنت الحكومة خطة تقشف جديدة يقبلها المقرضون الدوليون.
وكانت ستاندارد أند بورز خفضت توقعاتها لجزيرة قبرص في العام 2013 إلى نسبة انكماش ستة بالمئة، وقالت إن توقعها للتصنيف الجديد سلبي.