بسبب شتاء قاس وطويل هذا العام، اضطرت بريطانيا للمرة الأولى خلال أكثر من عقد لاستيراد كميات من القمح أكثر مما تصدّره عادة. وقدرت خسائر المزارعين نتيجة الحصادات الكاسدة بـ800 مليون دولار.


صلاح أحمد: بلغ من قسوة الشتاء الأخير في بريطانيا أن الشهر الماضي، وهو بوابة الربيع، صار الأبرد على مدى السنوات الخمسين الماضية. والبرد القارس يصيب الناس في أكثر من موضع، مثل غذائهم اليومي، ولهذا ركنت البلاد إلى إجراءات غير معتادة.

وتشهد بريطانيا حاليًا أحد أطول مواسم الشتاء وأشدها برودة على مدى عقود. ومن الآثار العديدة، التي تأتت مع هذه الحال، أن المزارع دخلت في شبه شلل، ترك آثاره الواضحة على الاستهلاك الغذائي، ورفع الأسعار إلى أرقام قياسية.

فللمرة الأولى خلال أكثر من عقد، اضطرت بريطانيا لاستيراد كميات من القمح أكثر مما تصدّره عادة. وتقدر خسائر المزارعين، نتيجة الحصادات الكاسدة حتى الآن، بما لا يقلّ عن 500 مليون جنيه (800 مليون دولار). ويعني هذا الوضع أن البلاد بحاجة إلى استيراد أكثر من 1.5 طن إضافية من القمح لسدّ النقص في مختلف منتجاته.

تدمير الحبوب
ولأن البرد القارس لا يزال هو سيد الموقف إلى اليوم، فإن المزارعين يشكون من أنه دمّر الحبوب، التي زرعت حتى في الأسابيع القليلة الماضية. وما يعنيه هذا هو أن محصول الحصاد المقبل سيبتلى بالشيء نفسه، وأن أزمة القمح لن تنفك فقط مع ارتفاع درجات الحرارة في أواخر الربيع هذا وحلول الصيف المقبل.

ونقلت صحف بريطانية الجمعة عن مايك توماس، من laquo;نقابة المزارعين القوميةraquo;، قوله: laquo;الأشهر الاثني عشر الماضية كانت شيئًا أشبه بسيناريو سوريالي بالنسبة إلى المزارعين. ففي أبريل / نيسان 2012 شهدنا موجة قاسية من الجفاف. وتبعت هذه الموجة أمطار غير معتادة وفيضانات تالية دمّرت المزارع والمساكن في مختلف المدن والأرياف. ولم تتغير هذه الحال إلا على يد شتاء قارس، لا يزال يغطى الأراضي البريطانية كافة بالصقيع والجليدraquo;.

البطاطا نالت نصيبها
بالطبع، فإن القمح ليس الوحيد المتأثر بهذا الشتاء الاستثنائي. فهناك، على سبيل المثال، محاصيل البطاطا، التي قاست شر البرد أيضًا، ويتوقع للبلاد أن تستورد كميات إضافية هائلة منها، للسنة الزراعية يوليو/تموز 2013 ndash; يونيو/حزيران 2014، وكل هذا بسبب laquo;تطرّفraquo; الطقس خلال السنة الماضية منذ أبريل/نيسان 2012.

ربيع متأخر
وتبعًا للأرقام الواردة من laquo;مجلس التنمية الزراعيةraquo;، فقد ظلت نسبة 90 في المائة من الأراضي الزراعية المخصصة لزراعة البطاطا (30 ألف هكتار) مشلولة، بسبب الظروف المناخية القاسية خلال العام الماضي، ثم تبعها شتاء مبكر وطويل، لا يبدي ميلًا نحو الارتخاء حتى الآن، رغم أن التقويم الرسمي يشير إلى حلول موسم الربيع.

وكانت نقابة المزارعين قد أشارت قبل يومين إلى خسائر أخرى فادحة، تمثلت في نفوق أكثر من 25 ألف رأس من الضأن والبقر كنتيجة مباشرة للبرد خلال شهر مارس/آذار الماضي، الذي يعتبر رسميًا الآن الأكثر بردًا على مدى 50 عامًا في بريطانيا. وبحساب تلك التي نفقت منذ مطلع العام الجديد إلى الآن، يرتفع هذا العدد إلى قرابة 150 ألف رأس.