تسعى تونس إلى استعادة سائحيها الذين هجروا البلاد بسبب حالة اللا استقرار التي تعيشها البلاد منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي. وأعلنت السلطات قرارات مهمة استعدادًا للموسم الجديد، بأمل وتفاؤل، من أجل استقطاب السائح الخليجي والعربي عمومًا.


محمد بن رجب من تونس: نظرت جلسة وزارية في تونس أخيرًا في الاستعدادات للموسم السياحي 2013، وتم اتخاذ جملة من القرارات انطلاقًا من أنّ تونس تراهن على عودة السيّاح، وأنها باتت تعي أهمية السائح الخليجي عمومًا والسعودي خصوصًا.
ووضعت أمام ذلك خططها نحو استقطاب المزيد من السيّاح من دول الخليج العربي، سعيًا إلى اقتطاع حصة من كعكة السياحة العربية.

تحسين الخدمات
اتخذت جلسة وزارية برئاسة رضا السعيدي الوزير لدى رئيس الجمهورية المكلف في الشؤون الاقتصادية للنظر في الاستعدادات للموسم السياحي للعام 2013 عددًا من القرارات المهمة، المتمثلة أساسًا في استحداث خلية مشتركة لمتابعة الوضع البيئي المتردي في بعض الجهات السياحية، ومتابعة البرامج الجهوية للنظافة والمحيط البيئي واتخاذ الإجراءات الضرورية لحلّ الإشكاليات العالقة عند الضرورة، إلى جانب تفعيل المجالس الجهوية للسياحة بإشراف المحافظين (الولاة) وتحديد دورية أسبوعية لاجتماعاتها والتزام الوزراء المعنيين بعدم تخلّف أيّ طرف عن اجتماعاتها، مع التّأكيد على المتابعة اللّصيقة والدورية لمآل تلك الاجتماعات من قبل وزارة السياحة، من أجل إيجاد حلّ جذري للقضاء على مشكلة النفايات بصفة نهائية في جزيرة جربة السياحية في غضون سنتين، والإذن بانطلاق حملة تنظيف الشواطئ ابتداء من 15 مايو/أيار 2013، مع توفير العدد الكافي من الحاويات للمحافظة على نظافة الشواطئ.

حال السياحة مقترن بتطورات الأحداث
أكد رئيس الحكومة علي العريض لدى إشرافه على ندوة quot;التحديات والإشكاليات الراهنة أمام السياحة في أفريقياquot;، أنّ quot;السياحة التونسية حالها مقترن بتطورات الأحداث في البلاد، وأنها باتت وجهة مرغوب فيها جدًا من قبل جميع الشعوب، التي تتطلع إلى معاينة تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، والإطلاع عن كثب على نقاشات ومداولات الشعب الجارية في هذا الشأنquot;.

وبيّن العريض أنّ quot;مجمل المؤشرات المسجلة في القطاع السياحي الوطني تكشف إقلاعًا نوعيًا في الاتجاه الإيجابي مقارنة بسنة 2011 والتوجه نحو تحقيق المعدلات العادية المحققة في سنة 2010quot;.

أشار العريض كذلك إلى الإشكاليات والتحديات الماثلة أمام السياحة التونسية، مشددًا على مسائل الأمن وتحقيق الوئام الاجتماعي وتهيئة المناخ السياسي الملائم. وأكد أن quot;الظرف الراهن يؤشر إلى التحسن التدريجي للمناخ العام في البلاد، لاسيما في ضوء الجهود المبذولة للترويج السياحي وتنويع المنتوج القطاعي وتوفير مجمل المرافق الضروريةquot;.

بعد الغريبة.. أحداث الشعانبي
من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي أنّ زيارة اليهود إلى معبد الغريبة في جزيرة جربة السياحية، في أواخر شهر أبريل/نيسان الماضي، والظروف الطيبة التي تمت فيها، بعثت إشارات إيجابية جدًا إلى إمكانية تحقيق موسم سياحي متميز، وقد يصل عدد السيّاح إلى 7 ملايين، مثلما جاء على لسان وزير السياحة أخيرًا، ولكن هذه البشرى لم تدم طويلًا، حيث انعكست الأحداث الجارية حاليًا في جبل الشعانبي سلبًا، والتي من المتوقع أن يكون لها تأثير مباشر على كمية الحجوزات، وبالتالي على تحقيق موسم سياحي متميز.

وتكافح قوات الأمن التونسية منذ أكثر منذ أسبوع من أجل القضاء على إرهابيين متحصنين في منطقة جبلية وعرة بالقرب من الحدود مع الجزائر، وتمكنت مجموعة إرهابية مدرّبة من إحداث خسائر في صفوف الأمن التونسي، باستعمال ألغام أرضية، تم زرعها في المنطقة.

أضاف البدوي في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ أحداث الشعانبي، التي أسفرت عن وقوع انفجارات وخسائر بشرية، قد تطيل أمد quot;هذه الحربquot; مع خلية عقبة بن نافع لتنظيم القاعدة، وأنّ إطالتها لا تخدم السياحة التونسية، وسيكون التأثير في هذه الحالة كبيرًا، وخاصة على مستوى السوق الجزائرية.

أكد البدوي أنّ أحداث الشعانبي تتزامن مع الحملة الكبيرة، التي أطلقتها وزارة السياحة، وبلغت تكاليفها 65 مليون دينار (45 مليون دولار)، والتي قد تذهب في مهبّ الريح، خاصة إذا تواصلت هذه الأحداث الإرهابية، على حدّ تعبيره.

وكان ديوان السياحة قد أعلن أخيرًا عن حملة ترويجية كبيرة للسياحة التونسية، تهدف إلى تحقيق نسب 2010 من حيث العائدات وعدد السياح، بل لتجاوز ذلك من خلال عودة السائح الفرنسي وفتح أسواق جديدة وبناء الثقة من جديد في جعل تونس وجهة سياحية فضلى.

لا تأثير لأحداث معزولة
واعتبر وزير السياحة جمال قمرة في تصريح لإحدى الإذاعات الخاصة أنّ قطاع السياحة يشهد تطورًا إيجابيًا، مؤكدًا ارتفاع نسبة الحجوزات للسيّاح الفرنسيين، كما تم تنظيم حملات ترويجية للسياحة التونسية في عدد من الدول العربية والخليجية، إلى جانب تركيا.

أضاف وزير السياحة أنه سيتمّ العمل على تعزيز الأمن، إلى جانب تحسين الخدمات وجودتها، حتى يحسّ السائح بالراحة والطمأنينة، إضافة إلى التركيز على الجانب البيئي وتهيئة المسالك السياحية والنزل، وهو ما يبشّر بموسم سياحي متميز، مؤكدًا أنّ القطاع السياحي لن يتأثر بالأحداث الجارية في جبل الشعانبي، لأنها محدودة ومعزولة.

وأشار الوزير إلى الجهود المبذولة من أجل إنجاح الموسم السياحي وتحقيق أرقام متميزة، بعد بلوغ نحو 6 ملايين سائح خلال 2012 برغم التراجع الحاصل بنسبة 35 %، وينتظر أن يرتفع عدد السيّاح ليبلغ 7 ملايين مع نهاية 2013 ويتصاعد ليبلغ 10 ملايين في غضون 2016.

وتراهن تونس على عودة السياح من دول الخليج العربي، وفق خطة تؤكد على أهمية السائح الخليجي، برغم ما يبث في وسائل الإعلام من تهويل في تصوير الحالة الأمنية لتونس.

الاستقرار ضروري
أكد المدير العام للديوان الوطني للسياحة الحبيب عمار أنّ الأحداث الجارية في جبل الشعانبي لن يكون لها تأثير على الموسم السياحي، لأنها تبقى محدودة المكان، ونتمنى أن لا تطول، فكل المؤشرات تدل على أنّ الموسم سيكون متميزًا، على حدّ تعبيره.

وقال الحبيب عمار في تصريح لـquot;إيلافquot; إنّ المجهودات المبذولة من جميع الأطراف تشير إلى نجاح الموسم، مؤكدًا على الجانب الأمني، الذي يعتبر محددًا لهذا النجاح، ولبلوغ 7 ملايين سائح.

وأوضح أنّ كل ممهدات النجاح للحملة الترويجية قد توافرت، وquot;ننتظر عودة السوق الفرنسية من جديد، بعد النقص الذي حصل في السنتين الماضيتين، إلى جانب السياح الخليجيين والأتراك والجزائريينquot;.

وتوقع الأمين العام للمنظمة العالمية للسياحة طالب الرفاعي أن يزور تونس نحو 7 ملايين سائح خلال السنة الجارية 2013، وشدد على أنّ السياحة، تعتبر المحرك الأساسي للتنمية، نتيجة توافر كل المقومات الطبيعية والثقافية والبشرية، مؤكدًا خلال فعاليات الاجتماع الدوري الـ 54 للمنظمة العالمية للسياحة في أواخر الشهر الماضي على أهمية الموقع الذي تحتله تونس عربيًا وأفريقيًا ومتوسطيًا، وخاصة في القطاع السياحي.