عقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله اجتماعها الأول بمدينة رام الله للتباحث بخطط ومسار العمل خلال الفترة القادمة، وذلك بعد تسلمها مهامها وسط أزمة مالية خانقة قدرت بمديونية بلغت 4.2 مليارات دولار.

رام الله: تتواصل الاحتجاجات التي ينفذها نشطاء ضد غلاء الأسعار في فلسطين، حيث تنظم اعتصامات ومسيرات بشكل دوري في مدن الضفة الغربية احتجاجًا على سلسلة القرارات التي اتخذتها الحكومة المستقيلة برئاسة الدكتور سلام فياض، ومن بينها رفع قيمة الضريبة المضافة ورفع أسعار الكهرباء ورفع قيمة البضائع المستوردة وغيرها من القرارات ذات الصلة.
إلى ذلك أوضح نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد محمد مصطفى خلال مؤتمر صحافي قبيل جلسة مجلس الوزراء الأولى أن الملف الاقتصادي والعمل على التأثير الايجابي على حياة المواطنين تعد من أولويات الحكومة.
وأكد مصطفى، أن الحكومة ستعمل على تخفيض نسب البطالة والفقر من خلال التركيز على الاستثمار والإنتاج الصناعي والزراعي والسياحي.
وبيّن أن الحكومة باشرت عملية تخطيط وتحضير مرحلية لمئة يوم وخطة وبرامج للفترة القادمة.
وبخصوص الديون المتراكمة، أوضح أنها بلغت حوالي 4.2 مليارات دولار، وقال إنها كالآتي: quot; 1.2 مليار دولار لصالح القطاع المصرفي، ومليار دولار ديون مؤسسات خارجية، وهناك تعثر في السداد، وهو ما يفرض علينا غرامات تأخير بقيمة 100 مليون دولار، ومتأخرات للقطاع الخاص والموردين بقيمة 260 مليون دولار، وهناك توافق بين الحكومة والقطاع الخاص بشأنها ومبلغ بذات القيمة لم يتم نقاشه بعد وأيضًا مليار دولار لصالح صندوق التقاعدquot;.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية quot;وفاquot; فقد عبر مصطفى، عن تفهم الحكومة لمعاناة المواطنين نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب وتآكل رواتب الموظفين، منوّهًا إلى كونها قضية وضعت على رأس أولويات الحكومة للتخفيف منها من خلال تطوير الجهود الاستثمارية والبحث عن مشاريع مستدامة في مجال السياحة والصناعة والزراعة.
أزمة خانقة
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور باسم مكحول، في تصريح لـquot;إيلافquot; أن الاقتصاد الفلسطيني ومنذ العام 2008 ما زال يمر بأزمة اقتصادية خانقة تتمثل أحيانًا بتأخر دفع الرواتب للموظفين وتأخر دفع المستحقات المطلوبة للقطاع الخاص.
وبحسب مكحول، فإن قضية الأزمة المالية ربما تتفاقم خاصة وأن إسرائيل تتحكم بنحو 60% من موارد السلطة، وهي العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية.
وبيّن أن نحو 140 مليون دولار تأتي من إسرائيل شهريًا ولا يوجد مصدر بديل لها وخاصة أن السلطة فقدت القدرة على الاقتراض من البنوك بسبب حجم المديونية الكبيرة وعدم التزام الجهات المانحة بدفع المستحقات المطلوبة للسلطة.
وقال مكحول: quot;إن الخيارات محدودة جدًا أمام الحكومة في ظل وجود سقف كبير من التوقعات بين صفوف المواطنينquot;.
وبالنسبة للعقبات المحتملة أمام الحكومة والأوضاع الاقتصادية، أكد أنها تتمثل بمدى التزام إسرائيل بتحويل العائدات الضريبية الشهرية ومدى التزام المانحين وخاصة شبكة الأمان العربية ومطالبة النقابات بتحسين الدخل والرواتب ووضع البنوك الراهن.
وقال مكحول: quot;إن الحكومة السابقة كانت قد قدمت تنازلات في عمرها الأخير بالتوقيع على مطالب نقابة الأطباء، وهي سياسة غير موفقة كونها ستفتح شهية مختلف القطاعات والنقابات للمطالبة بتحسين أوضاعهاquot;.
ولفت إلى أنه وفي ظل عدم القدرة على التحكم بـ70% من الموارد، فإن موضوع التخطيط يكون غاية في التعقيد خاصة وأن إسرائيل تتحكم بستين في المائة من هذه الموارد والجهات المانحة تتحكم بعشرة في المائة، وهذا يتطلب ضرورة التزام المانحين وشبكة الأمان العربية بالالتزام بوعودها.
وحول الخيارات المتاحة، بيّن وجود بعض السياسات التي تحتاج الى وقت ويمكنها تحسين وضع الاقتصاد الفلسطيني لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تراكمت لسياسات مالية خاطئة منذ العام 1994.
ومن بين الخيارات التي استعرضها الخبير الاقتصادي تشجيع المشاريع الصغيرة والعمل على تعديل قانون الاستثمار الذي يستثني المشاريع الصغيرة ومتابعة سياسة الاستيراد المفتوحة بلا قيود، والتي أثرت على القاعدة الانتاجية والعمل على متابعة موازنة الحكومة وأوجه النفقات والصرف وبنود الانفاق.
وشدد على أهمية الاستثمار بالقطاع الزراعي خاصة بعد تحقيق نجاحات في زراعة البطيخ والتوت الأرضي، الأمر الذي سيوفر العديد من فرص العمل وتعزيز الاقتصاد.
وبخصوص رفع قيمة ضريبة القيمة المضافة، أوضح أن هذا الأمر سينعكس سلبًا على كافة السلع لأنها تدفع هذه الضريبة.
وكانت وزارة المالية قررت رفع قيمة الضريبة المضافة من 15% إلى 16%، وأكد مكحول أن مصدر دخل السلطة الأساسي يأتي من العوائد الضريبية.
وأوضح أن 94% من إيرادات السلطة تدفع من دخل المواطن وجيوبه، منوّهًا إلى أن نسبة ما تتم جبايته من ضرائب من المواطن تعادل زهاء 33% من دخله وهي نسب قريبة من دول أوروبية.
وبيّن أن نسبة الضرائب في فلسطين مرتفعة جداً فيما تعد الخدمات متواضعة، لافتًا إلى أن ارتفاع الضرائب والرسوم سيؤدي ذلك الى ارتفاع في أسعار السلع.
وأشار إلى أن فلسطين وتبعًا لتصنيفات البنك الدولي تعد من الدول الفقيرة لكن دخل المواطن فيها متوسط ويتراوح المعدل قرابة ثلاثة آلاف دولار سنويًا، فيما أن الأسعار فيها مرتفعة كإسرائيل ذات الدخل المرتفع.
حملة ضد قرار رفع أسعار الكهرباء
وفي سياق متصل، وفي خطوة لرفض الارتفاعات المتتالية في الأسعار فقد أعلن، مؤخرًا، في رام الله عن حملة quot;الكهرباء حق إنساني..لا يجوز رفع أسعار استهلاكهاquot;، وتأتي هذه الحملة تبعًا للقائمين عليها لرفض الرفع الحاصل بأسعار الكهرباء ونسبة الضريبة المضافة وأسعار المحروقات والسلع الأساسية المتأثرة بالضريبة.
وأطلقت هذه الحملة المنبثقة عن جمعية حماية المستهلك والغرفة التجارية والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والحراك الشبابي الوطني، عدة رسائل خلال التجمعات التي نظمتها وسط رام الله أهمها ضرورة التراجع عن كافة إجراءات رفع أسعار الكهرباء ونسبة الضريبة المضافة والمحروقات وأسعار السلع الأساسية.
ونادى ممثلو الحملة بضرورة تشكيل لجنة مختصة تكون مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية ضمن سقف زمني محدد وبمرجعيات واضحة لمراجعة جدية وواضحة لإتفاق باريس الاقتصادي، مطالبين بضرورة تعزيز صمود المواطنين على أرضهم.