أثينا: رحّب وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله الخميس بالتقدم الذي أحرزته حتى الآن اليونان، حيث أقرّ البرلمان عند الفجر خطة لإعادة هيكلة الوظيفة العامة والضرائب طلبها المانحون الدوليون للإفراج عن قسط جديد من القروض.

وقال شويبله أثناء لقاء مع رجال أعمال ونظيره اليوناني يانيس ستورناراس في أثينا quot;إني مرتاح جدًا لما أنجزته اليونان في مجال إعادة التوازن المالي وتحديث الاقتصادquot;. وأضاف الوزير الألماني، الذي يزور أثينا للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، إن quot;ألمانيا على استعداد للاستثمارquot; في صندوق يرمي إلى توفير السيولة للشركات اليونانية quot;فور جهوزهquot;.

من جهته أوضح وزير التنمية اليوناني أن هذا الصندوق، الذي سيطلق عليه quot;مؤسسة النموquot;، سيتعاون quot;مع مصارف دولية كبرى، وسيحظى بدعم مساهمين من القطاع الخاصquot;. واتخذت إجراءات أمنية استثنائية لهذه الزيارة، إذ إن اليونانيين يعتبرون ألمانيا مسؤولة عن سياسة التقشف، التي فرضت على اليونان مقابل حصولها على دعم مالي دولي.

هذه السياسة أدت بالتأكيد إلى تنظيف الحسابات العامة في البلد، لكنها خفضت بقوة أيضًا مستوى حياة السكان، ووسعت الانكماش المستمر منذ ستة أعوام، كما دفعت إلى بروز أحزاب متطرفة في البلد، مثل حزب النازية الجديد.

وبعد أسبوع من التظاهرات، تبنى البرلمان اليوناني فجر الخميس بغالبية ضئيلة بلغت 153 نائبًا من نواب البرلمان الـ300، إصلاحات مطلوبة لتسليم أثينا شريحة جديدة من المساعدة الدولية، تبلغ قيمتها 6.8 مليارات يورو، وافقت عليها أخيرًا منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي. ويطالب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة بخفض تكلفة الوظيفة العامة في اليونان.

وتنص الإصلاحات، التي تم اعتمادها، خصوصًا على قبول آلاف الموظفين، وبينهم مدرسون وشرطيون بلديون، ونقلهم إلى وظائف أخرى، بدءًا من هذا الصيف، وإلا فقدوا وظائفهم.

ومشروع القانون، الذي يتألف من حوالى مئة مادة، يشمل إلغاء أو تعديل وإعادة توزيع آلاف الوظائف. وطالب المانحون الدوليون باعتماد القانون لتقديم شريحة جديدة من المساعدة بقيمة 6.8 مليارات يورو إلى هذا البلد الذي يشهد أزمة. وتطال الخطة المطروحة للوظائف الحكومية الشرطة البلدية ومدرسين وحراس مدارس، سيكون عليهم العمل ثمانية أشهر برواتب مخفضة، قبل القبول باقتراح جديد أو مغادرة الوظيفة الحكومية إذا رفضوا نقلهم. ويفترض أن تتم إعادة توزيع 4200 منهم بحلول نهاية تموز/يوليو.

يتضمن مشروع القانون أيضًا قواعد ضريبية جديدة، تصفها المعارضة quot;بالهجوم الضريبيquot;، وتبسط الترتيبات الحالية، التي تستند إلى قانون صدر قبل ستين عامًا، كما قال سكرتير الدولة للشؤون المالية جورج مافراغانيس. ولا تملك الحكومة الائتلافية، المكونة من اشتراكيين ومحافظين، سوى غالبية خمسة مقاعد منذ الأزمة السياسية، التي حصلت في حزيران/يونيو، وخرج خلالها حزب يساري معتدل من الحكومة.

وبينما كان النواب يصوّتون على الإصلاحات، كان آلاف المدرسين وحراس المدارس والشرطيين البلديين المعارضين للإصلاحات يواصلون في الخارج اعتصامهم، الذي بدأوه مساء الثلاثاء، وسط هتافات وخطب مناهضة لمشروع الإصلاحات. وبقيت محطات مترو عدة مقفلة طيلة النهار.

وحظرت التجمعات العامة في منطقة واسعة في وسط أثينا حول مبنى البرلمان والسفارات الأجنبية. ويتوقع مع ذلك تنظيم تظاهرة بعد ظهر اليوم بعيدًا عن وسط العاصمة اليونانية.

وبعد الزيارة، التي تخللتها تظاهرات حاشدة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في 2012، يتوقع ألا يأتي شويبله خالي اليدين. وذكرت صحيفة هانلسبلات أنه سيعلن عن وضع مئة مليون يورو بتصرف صندوق جديد لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وبعد الصدمة التي أصابت الرأي العام في بداية حزيران/يونيو جراء إقفال هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة (أي آر تي)، التي تعتبر من الرموز الوطنية من دون إنذار مسبق ولا مفاوضات، جاء التطبيق شبه الإلزامي لجدول التبديل الوظيفي بعد سنوات من التوظيف على أساس المحسوبيات والتهاون، ليثير الكثير من الاستياء، وخصوصًا في قطاع التعليم.