بعد ثلاث سنوات على انقاذ اليونان من الافلاس، ينصبّ اهتمام الصينيين على الاستثمار في المطارات والموانئ والسكك الحديدية اليونانية، فيما عقد المستثمرون الروس العزم على اختراق سوق الطاقة، وأوضح المستثمرون القطريون أنهم يركزون اهتمامهم على السوق العقارية اليونانية.


لندن: ومنذ أنأصبحت اليونان أول بلد في منطقة اليورو يتضافر الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي على انقاذه من الافلاس قبل نحو ثلاث سنوات، لم تنطلق حملة خصخصة حقيقية لترشيد القطاع العام إلا أخيرًا. وتسبب برنامج الخصخصة في تحول اليونان المثقلة بالديون إلى ساحة معركة بين الدول التي تريد اختراق الكتلة التجارية للاتحاد الاوروبي.
وقال كوستيس هادزيداكيس، وزير التنمية اليوناني، إن حكومته حرصت على إيصال رسالة مؤداها أن هذه يونان مختلفة. واضاف: quot;أن عمليات الخصخصة ستوجه رسالة تقول إننا بلد صديق للاستثمارquot;.
وحمّل رئيس الوزراء اليوناني انتونيس سامارس هذه الرسالة إلى بكين اخيرًا، ليدعو الصين إلى المشاركة في ما سماه قصة نجاح اثينا. وكان سامارس يتحدث بثقة المتفائل بعدما وافقت المؤسسات المالية الدولية على منح اليونان 8.8 مليارات يورو اضافية لانقاذ اقتصادها، ورفعت وكالة فيتش درجة تصنيف اليونان الائتماني، في حين أن تكاليف الاقتراض على سندات أجلها 10 سنوات انخفضت في ايار (مايو) إلى ادنى مستوياتها منذ بداية الأزمة المالية.
وأعلن سامارس أن اليونان يمكن أن تصبح بوابة حقيقية للاستثمار والتجارة بين الصين واوروبا.

استثمارات دولية
وكان ميناء برايوس، اكبر ميناء لسفن نقل المسافرين في اوروبا ومن بين اكبر عشرة موانئ للحاويات، اصبح قاعدة للمستثمرين الصينيين منذ أن دفعت شركة كوسكو الصينية للنقل البحري 500 مليون يورو مقابل استئجار نصف الميناء في العام 2010. كما نقل المسؤولون الصينيون لرئيس الوزراء اليوناني رغبتهم في استملاك مطار اثينا الدولي، بعد التوقيع على 11 اتفاقية ثنائية خلال زيارته بكين.
ثم جاء دور موسكو قبل ايام، عندما حطت طائرة اليكسي ميلر، رئيس شركة غازبروم العملاقة في اثينا للمرة الثالثة خلال ثلاثة اشهر، لبحث استملاك شركة ديبا Depa اليونانية للغاز الطبيعي. وعرضت غازبروم 900 مليون يورو لشراء ديبا العام الماضي، لكن صحيفة غارديان نقلت عن مصادر مطلعة أن صفقة الشراء ستُبرم مقابل 750 مليون يورو. وتمد غازبروم اليونان بنحو 90 في المئة من الغاز الطبيعي الذي تستهلكه، بأنبوب يمر عبر الأراضي البلغارية.
وأوضح ميلر في محادثات أجراها مع ساماراس وراء ابواب مغلقة أن موسكو لا تريد استملاك شركة ديبا فحسب، بل ترفض أي شكل من اشكال التدخل في الصفقة، في اشارة إلى الاعتراضات التي اثارتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على توسيع روسيا نفوذها في قطاع الطاقة. ومُدد الموعد النهائي للتنافس على استملاك شركة ديبا من 29 ايار (مايو) الحالي إلى اوائل حزيران(يونيو) القادم.
في غضون ذلك، استثمرت قطر القابضة 1.2 مليار يورو في مشروع لاستخراج الذهب في شمال اليونان. ودخلت شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري لاعبًا كبيرًا في سوق العقارات اليونانية، وخاصة الفنادق والمنتجعات السياحية.
ومن الصفقات العقارية القطرية التي نالت اهتمامًا واسعًا في حينه شراء امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ست جزر يونانية مقابل 8.5 ملايين يورو، منها جزيرة اوكسيا غير المأهولة التي استملكها الشيخ حمد العام الماضي مقابل 5 ملايين يورو، بعد أن رسا يخته في مياه الجزر الست التي تُسمى اكيناديس.

الخصخصة ليست حلًا
كانت اليونان تلقت مساعدات بلغت 240 مليار دولار، تمثل اكبر حزمة انقاذ في تاريخ الغرب. ولكنها تواجه ضغوطًا شديدة في العام السادس من الركود للمضي قدمًا ببرنامج الخصخصة من اجل خفض ديونها التي يُقدر انها ستبلغ 185 في المئة من اجمالي الناتج المحلي هذا العام. فاعلنت حكومة ساماراس الائتلافية خططًا لخصخصة أكبر شركة كهرباء في البلاد.
وبعد أن تعرضت اليونان لانتقادات من الاتحاد الاوروبي لتباطؤها في بيع مؤسسات القطاع العام، اقدمت على تسريع العملية لتشمل المطارات المحلية والعقارات الصناعية والمنشآت الرياضية والفنادق المملوكة للدولة وحتى الحمامات الحرارية، التي سُلمت أخيرًا إلى صندوق الخصخصة.
وكان البرنامج يهدف في البداية إلى جمع 50 مليار يورو، لكن الحكومة خفضت هذا الهدف إلى 11.1 مليار يورو بحلول العام 2016، و25 مليار يورو بحلول العام 2020. وحُدد هدف جمع 2.6 مليار يورو في العام 2013.
وقال البروفيسور ثيودور بيلاغيديس، رئيس قسم التحليل الاقتصادي في جامعة برايوس، إن الخصخصة لن تحل مشاكل اليونان المالية، quot;ولكن المؤمل أنها ستقضي على الفساد المرتبط بجهاز الدولة وترفع كفاءة الانتاجquot;.
وتسعى الحكومة اليونانية إلى استدراج المستثمرين بحوافز شتى، حتى أن البرلمان اصدر قانونًا يمنح اقامة 5 سنوات لمواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الاوروبي الذين يشترون ممتلكات تزيد قيمتها على 250 الف يورو.
واعتُبر القانون ايماءة موجهة إلى الصينيين الذين يريدون السفر بحرية في بلدان الاتحاد الاوروبي. ورغم أن القطريين ابدوا رغبة في تطوير مطار اثينا السابق في هلينيكون، مساهمين بـ 100 مليار يورو في صندوق استثماري مشترك، فإن قلة من دول الاتحاد الاوروبي ابدت رغبة بالاستثمار في اليونان، بحسب صحيفة غارديان، مشيرة إلى أن عمليات الخصخصة تعرضت لانتقادات واسعة. ويلاحظ المنتقدون على سبيل المثال أن شركة اوباب الحكومية للقمار كانت أنجح مؤسسات الدولة اقتصاديًا ولكن خصخصتها لم تستدرج إلا عرضين لشراء 33 في المئة من الشركة.
وستدفع شركة ايما دلتا التي اشترت هذه الحصة زائد حقوق في ادارة الشركة 652 مليون يورو. ويقل هذا الرقم 100 مليون يورو عن القيمة السوقية استنادًا إلى سعر سهم الشركة يوم تقديم العرض. لكن اجمالي ايرادات الحكومة من بيع الشركة سترتفع إلى 712 مليون يورو.