استقر سعر برميل النفط الخميس في سوق التداول في لندن على ما دون 80 دولارًا في أدنى مستوى منذ أربعة إعوام إثر دخوله في حلقة تراجع منذ أشهر بسبب عرض غزير وطلب ضعيف قبل أسبوعين من اجتماع لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).


لندن: بعدما تدهور الاربعاء الى ما دون عتبة الثمانين دولارا للمرة الاولى منذ 2010، سجل سعر برميل النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) 79,35 دولارا الخميس في لندن، في ادنى مستوى له منذ 29 ايلول/سبتمبر 2010. وهذا التدهور الكبير في سعر النفط الخام يشكل للوهلة الاولى نبأ سارا للدول المستهلكة، ولا سيما تلك التي تعاني في النهوض فعليا منذ الازمة المالية في 2008.

ولفت كريستوفر دمبيك الخبير الاقتصادي لدى بنك ساكسو قائلا "اذا استمر هذا المستوى (من الاسعار) لفترة طويلة، فقد يكون نبأ ممتازا للمستهلكين في العالم اجمع، بما ان انخفاض سعر البرميل سينسحب عندئذ على الاسعار في محطات الوقود". واضاف "لكننا ننسى ذلك في غالب الاحيان، ورغم ان السعر الضعيف للبرميل ايجابي بالنسبة الى المستهلك، لكنه يسرع مخاطر الانكماش في منطقة اليورو المرتبطة، كما تشير ارقام التضخم كل شهر، بتراجع اسعار الطاقة. وسنكون مخطئين بالتالي ان عبّرنا عن ترحيبنا بسرعة بنفط اقل غلاء".

ومنذ تسجيل اعلى سعر في منتصف حزيران/يونيو (115,71 دولارا)، تدهور سعر برميل النفط الخام المرجعي الاوروبي اكثر من 30 في المئة بسبب عوامل تستدعي التراجع وبينها عرض كثير وطلب خجول وسعر صرف قوي للدولار.

وفي الاونة الاخيرة، تسارعت وتيرة ضغوط التراجع، لانه لا يبدو ان منظمة اوبك عازمة خفض انتاجها اثناء الاجتماع المقبل لها المتوقع في 27 تشرين الثاني/نوفمبر في فيينا رغم الفائض من العرض في السوق. وكما يقول المحللون في كومرزبنك، فان التعليقات الاخيرة الاربعاء لوزير النفط السعودي علي النعيمي لم تسمح بتوضيح موقف اكبر الدول المنتجة في اوبك.

واعتبر المحللون ان "كل ما قاله هو انه يريد سوقا مستقرة واسعارا متينة وعدم الانخراط في حرب اسعار. وبتعبير اخر، كل شيء سيكون مقبولا في نظر النعيمي اذا استقرت الاسعار عند المستوى الحالي". وفي الاشهر الاخيرة، خفضت المملكة العربية السعودية مرارا اسعار مبيعاتها في اوروبا واسيا وفي الاونة الاخيرة في الولايات المتحدة - ما فسره المراقبون بالرغبة في الحفاظ على حصصها في السوق بدلا من محاولة عرقلة انزلاق اسعار الذهب الاسود.

لكن دولا اعضاء عدة في اوبك اعربت عن معارضتها للمستوى الحالي للاسعار لانه يهدد ماليتها العامة. واوضح كريستوفر دمبيك ان "الدول الخاسرة كثيرة. نفكر في روسيا وكل اعضاء اوبك خارج شبه الجزيرة العربية، مثل فنزويلا والجزائر ونيجيريا. فهذه الدول بحاجة الى سعر نفطي اعلى بكثير، حوالى 100 دولار للبرميل، لتغذية النمو وتفادي انحراف كبير في عجز" الموازنات. وكما قال هذا المحلل، فان السوق النفطية دخلت في "نموذج جديد" منذ بروز النفط الصخري في الولايات المتحدة.

وانتقل اول اقتصاد في العالم من انتاج ما معدله خمسة ملايين برميل في اليوم في 2008 الى قرابة 8,4 ملايين برميل في اليوم في الاشهر الثمانية الاولى من هذه السنة، بفضل استغلال موارد غير تقليدية من المحروقات. ورغم ان الولايات المتحدة لا تصدر النفط الخام، فان هذه الزيادة القوية في الانتاج الاميركي تنسحب على السوق العالمية بما انها تسمح للبلد بخفض وارداته ما يجبر مزوديه السابقين على ايجاد منافذ اخرى.

وحالة نيجيريا في هذا الاطار تحمل اشكالية كبيرة، لانها زودت الولايات المتحدة بحوالى 1500 برميل في اليوم في شهر اب/اغسطس مقابل 30 الف برميل في اليوم في اب/اغسطس 2010.