تونس: اعتبر محمد الصادق جبنون، الخبير الاستشاري التونسي في الاستثمار، أنّ الوعود التي قدمّها المرشحون للانتخابات الرئاسية، والتي تعد بإحداث طفرة كبيرة في الاقتصاد التونسي «لن تجد طريقها للتطبيق في الواقع الاقتصادي التونسي» لعدة أسباب.وتابع جبنون في مقابلة أمس الأول أنّه في الأصل، ووفقا للدستور الجديد، ليس لرئيس الجمهورية صلاحيات اقتصادية واسعة، وإن كانت توجد لديه بعض العناصر المؤثرة في السياسة الاقتصادية للبلاد - بحسب وكالة أنباء الأناضول-.

وبحسب جبنون تتمثل هذه العناصر في تطوير العلاقات الديبلوماسية، وذلك في إطار ما يعرف بالديبلوماسية الاقتصادية الخارجية، مشيرا إلى أنّ هذا المعطى يرتبط بمدى علاقات رئيس الجمهورية بالبلدان الأجنبية، وخاصّة تلك الفاعلة في المجال الاقتصادي، ومدى قدرته على الربط معها وتقديم صورة جاذبة للاستثمار، إلى جانب علاقاته مع المؤسسات المالية العالمية ومنها أساسا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها.

يذكر أنّ الاستثمارات الخارجية في تونس تراجعت بنسبة 12.5 في المئة في العشرة أشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب أرقام رسمية.ومن العناصر الأخرى التي تعتبر من صلاحيات رئيس الجمهورية «حق المبادرة التشريعية»، أي حقه في طرح قوانين، قد تكون اقتصادية، على البرلمان لبحثها.
وفي هذا السياق، أوضح محمد الصادق جبنون أنّ هذا المعطى يمكن أن يلاحظ حين يحين تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي فيها نوع من الصعوبة والتي يمكن أن توجد فيها نوع من التضحيات التي تتحمّلها الطبقات الصغرى والمتوسطة. وفي هذا الإطار يمكن لرئيس الجمهورية تقديم مشاريع قوانين لتعديل هذه الإصلاحات أو آثارها.
&
وبالنسبة إلى البرامج الاقتصادية التي قدمها مختلف المرشحين للرئاسة، أكدّ الخبير محمد الصادق جبنون أنها تبقى «مجرّد وعود خيالية وخاصّة فيما يتعلّق بمسألة التنمية الجهوية باعتبارها مقسمّة بين الحكومة المركزية في العاصمة تونس وبين مختلف السلط الجهوية (الجماعات العمومية المحلية) التي أحدثها الدستور (الجهات، الأقاليم، البلديات)، مشيرا إلى أنّه بمقتضى اللامركزية على الصعيد المالي فأنّها هذه السلط سوف تتحمّل جزء كبير من تنفيذ مشاريع التنمية في الجهات المحرومة.»&وتطرّق جبنون إلى أنّ الإشكال الرئيسي في تونس هو إشكال الفقر والتهميش الجهوي والذي يلعب عليه كل المرشجين بدرجات مختلفة، من خلال تكثيف الوعود في هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن لرئيس الجمهورية دور الرقابة وحق النقض «الفيتو».
&
يذكر ان المرشحين سعوا إلى تقديم مشاريع اقتصادية تهدف إلى تجاوز الأزمة الحالية والوصول بتونس إلى برّ الأمان.وقد ركّز أغلبهم على تحقيق التوازن الجهوي، والحدّ من البطالة والفقر. وقد تضمنت معظم البرامج الاقتصادية التي طرحوها حلولا يرونها مناسبة لتجاوز الأزمة الاقتصادية، ومنها أساسا العمل على جلب الاستثمارات باعتبارها المحرّك الأساسي لتوفير مواطن الشغل وخلق الثروة وذلك بإعادة الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب.ومن الحلول الأخرى التي قدمّها المرشحون العمل على ضمان التقسيم العادل للثروات بين مختلف مناطق البلاد وتحقيق التوازن الجهوي، وتحقيق الهدنة الاجتماعية في إطار العقد الاجتماعي بين مختلف الأطراف الاجتماعية، والقيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية. &
&
وفي هذا الإطار، تعهد الباجي قائد السبسي، المرشح عن حركة نداء تونس، بتوفير ما يعادل 70 مليار دولار للنهوض بالاقتصاد التونسي في فترة ولايته (5 سنوات) والعمل على تحقيق الأمن والاطمئنان باعتبارهما المحرّك الأساسي لدفع عجلة الاستثمار، إلى جانب العمل مع الحكومة لدفع التنمية وتوفير الشغل وفك العزلة عن الجهات المهمشة، ورفع مستوى التعليم والخدمات الصحية والإدارة والنقل.يشار في هذا السياق ان السبسي، في حال انتخابه رئيسا سيتعامل مع حكومة ينتظر ان يشكلها حزب نداء تونس الذي يرئسه وصاحب الأكثرية البرلمانية، ما يعني أنه ستكون له ميزة يتفرد بها عن باقي المرشحين تتمثل في التناغم بين الرئاسة والحكومة بما يمكنه أكثر من تنفيذ رؤيته الاقتصادية.
&
من جهته وعد المرشح المستقل ورئيس الجمهورية الحالي محمد المنصف المرزوقي بمواصلة الإجراءات التي اتخذها خلال الثلاث سنوات الماضية وذلك من خلال العمل أكثر على «الديبلوماسية الاقتصادية» بهدف استقطاب المستثمرين الأجانب وتنويع الأسواق الخارجية.أما المرشح عن حزب الاتحاد الوطني الحرّ، سليم الرياحي، فيرى أنّ رئيس الجمهورية سيكون راعي التنمية في الجهات وسندا لمجهودات الحكومة، إلى جانب العمل على استثمار العلاقات الخارجية من أجل جلب الاستثمارات الضخمة إلى تونس.ووعد حمّة الهمامي، مرشح عن الجبهة الشعبية (يسار)، بالعمل على تحسين ظروف عيش الشعب التونسي، وتوفير مواطن الشغل والحدّ من البطالة، وتحسين المقدرة الشرائية وحمايتها، وتحسين البنية الأساسية وتوفير مرافق العيش الكريم، وتوفير خدمات الصحة والسكن اللائق والنقل والثقافة والترفيه والبيئة السليمة.