بكين: في اوضح مؤشر من الصين الى ان اقتصادها، ثاني اقتصاد في العالم، سيخفض اهدافه للنمو، اعلن الرئيس شي جينبينغ ان نمو الاقتصاد بنسبة 6,5% فقط سنويا سيكون كافيا لتحقيق اهداف البلاد.
وتاتي تصريحات شي فيما اصدر الحزب الشيوعي الحاكم ارشادات لخطته الخمسية المقبلة التي ترقبها المستثمرون في انحاء العالم بسبب مخاوفهم من تباطؤ الاقتصاد في ذلك البلد.
ولم تشتمل الوثائق التي اصدرها الحزب اثناء اجتماع القيادة في بكين في الاسبوع الماضي، على اية ارقام لاهداف النمو الاقتصادي. ولكن وبحسب وكالة الصين الجديدة للانباء، قال الرئيس الصيني ان النمو الاقتصادي السنوي يجب ان لا يقل عن 6,5% في الفترة من 2016-2020 اذا ارادت البلاد مضاعفة اجمالي ناتجها المحلي وعائداتها مقارنة مع مستويات 2010 بنهاية العقد الحالي.
وقال ان هذا الهدف هو جزء من تحقيق ما يطلق عليه الحزب الشيوعي ب"المجتمع المزدهر باعتدال" بحلول الذكرى المئة لتاسيسه. ونقلت الوكالة عن الرئيس قوله "خلال السنوات الخمس المقبلة، يجب ان لا يتركز تطور الصين على وتيرة النمو فقط بل كذلك على حجم التطور والاهم، نوعية التطور".& ووصفت الوكالة نسبة الـ6,5% بانها "اقل نسبة" للنمو في تلك الفترة.
وتعتبر هذه التصريحات اوضح مؤشر حتى الان على ان بكين ستخفض هدفها للنمو من "نحو 7%" الحالية بعد تباطؤ النمو في الربع الاخير باقل وتيرة منذ ست سنوات.& ويقول بعض خبراء لاقتصاد ان الرقم الحالي لا يمكن تحقيقه مستقبلا، وان محاولة تحقيقه يمكن ان تتسبب في تعثر اصلاحات السوق المؤلمة ولكن الضرورية.
وتواجه الصين اضطرابات اقتصادية منذ عدة اشهر وسط مساعيها لنقل اقتصادها من سنوات النمو الهائل الى النمو الاكثر اعتدالا والذي تصفه بانه "النمو العادي الجديد". وادت التدخلات الفاشلة في البورصة والخفض المفاجئ لسعر العملة الى اهتزاز الثقة في قيادة البلاد التي ربطت شرعيتها بالحفاظ على اقتصاد متين.
وردا على سؤال بشان تحديد هدف النمو بنسبة 6,5%، قال شو شاوشي رئيس مجلس ادارة اللجنة الوطنية للتنمية والاصلاح، اكبر جهاز تخطيط في البلاد، ان الحزب الحاكم قرر "الحفاظ على نمو اقتصادي بسرعة متوسطة الى مرتفعة خلال الخطة الخمسية" لتلبية الهدف المحدد. الا انه اضاف "بالطبع فان السرعة ليست الشيء الوحيد الذي نهتم به. في الواقع نحن اكثر قلقا بشان مؤشرات من بينها مكافحة البطالة، ودخل السكان والاسعار".
وحددت بكين رسميا نسبة "تقارب" 7,5% للنمو في العام الماضي. وكان الهدف يحدد تقليديا عند مستوى عادة ما كان يتم تجاوزه، ويتم تقريبه حاليا بشكل معتاد لافساح مجال لاحتمال تحقيق نمو اكبر. وقد دأبت الصين على تحقيق هدفها منذ 1998، اثناء الازمة الاقتصادية الاسيوية، الا ان رئيس الوزراء لي كي تشيانغ الذي يشرف على الاقتصاد وثاني اكبر مسؤول في البلاد، رفض مرارا المخاوف بشان عدم تحقيق النسبة المحددة.
واكد لي على اهمية مؤشرات من بينها خلق الوظائف الذي يعد عاملا مهما في دعم ثقة المستهلكين. وادى اصرار بكين على تحقيق اهداف نمو اجمالي الناتج المحلي الى تركيزها على النمو باي ثمن، ما دفع بالبلاد الى تاجيل اصلاحات هيكلية رئيسية وتجاهل تبعات اعتماد البلاد على الصناعات الثقيلة القائمة على الفحم الرخيص والملوث، بحسب خبراء.
وتزايد غضب سكان الصين (1,37 مليار نسمة) بسبب التلوث الشديد المتزايد، كما احبطت اهداف النمو الصارمة جهود القائمين على شؤون البلاد لاصلاح قضايا هيكلية في الاقتصاد.& وصرح ليو ليغانغ كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة "ايه ان زي" المصرفية لوكالة فرانس برس ان "هدف النمو بنسبة 6,5% ممكن التحقيق لان الدخل لكل مواطن لا يزال منخفضا في الصين، كما توجد امكانيات كبيرة للنمو".
- قيود صارمة -
وتدعو ارشادات الحزب الحاكم للخطة الخمسية الى جعل اليوان قابلا للتعامل بشكل تام مع العملات الاخرى بشكل "منظم" في الفترة من 2016-2020، رغم ان الوثيقة لم توضح صراحة ما اذا كان ذلك سيتحقق خلال تلك الفترة.
والخطة الخمسية الحالية هي الخطة الـ13 التي تصدرها الصين منذ تاسيسها في 1949، وتطرح مؤشرات مهمة لارشاد البيروقراطية الهائلة في البلاد.& وضمن توصياته قال الحزب الحاكم الاسبوع الماضي انه سيتم التخلي عن سياسة الطفل الواحد بحيث يسمح للعائلة بطفلين. وياتي ذلك قبل القرار المرتقب لصندوق النقد الدولي حول ضم اليوان في "حقوق السحب الخاصة" لسلتها من العملات الاحتياطية.
وقال الحزب الشيوعي ان البلاد ستشجع انضمام اليوان الى "حقوق السحب الخاصة" حتى يصبح "عملة قابلة للتحويل وتستخدم بحرية". ترغب الصين في الترويج لاستخدام اليوان كعملة احتياطية عالمية الى جانب الدولار، ولكن ذلك يعتمد على استعدادها وقدرتها على تخفيف القيود على تجارتها. وتعهدت الخطة الخمسية بفتح القطاعات التي كانت تحتكرها الدولة بما فيها قطاع الطاقة والاتصالات، الا انها لم تكشف عن تفاصيل. كما تعهد الحزب الحاكم بالسماح للسوق بلعب دور في الاقتصاد، الا ان الخطة الاخيرة حول اصلاح المؤسسات الحكومية لم تدع الى الخصخصة.
التعليقات