تسيطر حالة من الغضب على عمال المغرب، حيث يتوعدون بشهر احتجاجي ساخن للمطالبة بحقوقهم. وغاب اليوم العمال عن الاحتفالات التي تقام لهذه المناسبة في مختلف المدن، وبدت الشوارع فارغة.
&
الدار البيضاء: يصادف اليوم في الأول من أيار (مايو) عيد العمال، ولكن مع حسرة في قلب العمال المغاربة. وذلك بسبب قرار المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، التي قررت مقاطعة الاحتفالات احتجاجا على طريقة تدبير الحكومة لملف الحوار الاجتماعي وعدم استجابتها لمطالب النقابات.
&
صمت رهيب
صمت رهيب، خيّم صباح اليوم الجمعة، على شوارع المدن المغربية، منصات احتفال فارغة، وسكون لا تكسره إلا منبهات سيارات خاصة، بعد أن اختفت أصوات الشغيلة، التي كانت تصدح في مثل هذا اليوم من كل سنة، داعية إلى تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة، على حد تعبيرها، وفي مقدمها الزيادة في الأجور.
ويرجع السبب في ذلك إلى امتثال العمال إلى قرار قيادات النقابات المنتمية لها (الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل ـ تيار عبد الرحمان العزوزي، والاتحاد العام للشغالين في المغرب، والفيدرالية الديمقراطية للشغل ـ تيار عبد الحميد فاتيحي)، والقاضي بمقاطعة الاحتفالات، وجعل أيار (مايو)، شهر الاحتجاج.
وفي تعليق على هذه الخطوة الأولى من نوعها في تاريخ الحركة النقابية في المغرب، قال عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، "هذا القرار جاء كاحتجاج على تجاهل الحكومة لملف المركزيات، وعدم احترام مؤسسة الحوار"، مشيرا إلى أنه "لم يعد هناك احترام لا لمواعيد اللقاءات التي يجب أن تنظم ولا لنتائج الحوار".
وأضاف عبد الرحمان العزوزي، في تصريح لـ"إيلاف": "الحكومة لم تعر اهتماما لا لنداءاتنا المتكررة ولا للاحتجاجات والمسيرات التي نظمناها. لذا كان لا بد من اتخاذ قرار من هذا النوع، وهو بمثابة صرخة لنا بمناسبة الأول من أيار (مايو)". وأكد القيادي النقابي أن "هذا القرار يعد سابقة في الحياة النقابية في بلادنا".
&
برنامج نضالي
وبخصوص إعلان رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في اجتماع المجلس الحكومي، عن استئناف الحوار الاجتماعي مع النقابات بعد اول أيار (مايو)، قال العزوزي "لكل مقام مقال، وعندما يتخذون القرار سنرى ما سنفعله".
وأكد أن لجنة ثلاثية للنقابات (الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل)، تحضر برنامجا نضاليا وستقترح على الأجهزة التنفيذية بعض الصيغ والمقترحات التي ينتظر اعتمادها في الشهر الجاري.
وأضاف "في الوقت الذي نحاول ما أمكن، ونقدم تنازلات، هناك تجاهل تام من طرف الحكومة، لهذا لم يعد أمامنا سوى التعبير عن عدم رضانا عن هذا الموقف.

الحكومة... متفهمة
وكان عبد الإله بنكيران، أشار، في كلمه له في المجلس الحكومي، أمس الخميس، إلى أنه على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق حول بعض القضايا مع النقابات، إلا أن الحكومة تتفهم مواقف المركزية المتعلقة بعدد من القضايا الاجتماعية، مؤكدا أنها ستواصل الحوار مع النقابات بعد الأول من ايار (مايو).
وأضاف رئيس الحكومة "رغم أنه من الصعب الاستجابة إلى كافة طلباتها، فإننا سنحاول الاستجابة ما أمكن"، مع مباشرة الإصلاحات الأساسية والكبرى، كإصلاح أنظمة التقاعد، الذي تؤكد المركزيات النقابية على أنه لا يجب أن يكون على حساب العمال، كما أنه لا يجب فصله عن الملف المطلبي للنقابات.
&
غضب نقابي
وكانت النقابات الثلاث كشفت، في تصريح صحافي مشترك لها، وزعته على الصحافيين، خلال الندوة التي نظمتها أول أمس الأربعاء، في الدار البيضاء، أن "ما يميز التجربة الحكومية، وما طبع أسلوب تعاطيها مع المطالب المادية والاجتماعية للطبقة العاملة وعموم الأجراء، هو اللامسؤولية السياسية والاجتماعية والأخلاقية تجاه الملف المطلبي العمالي المشروع، وتجاه الحركة النقابية"، مشيرة إلى أنه "على امتداد 4 سنوات، أي منذ تنصيبها، ظلت هذه الحكومة متجاهلة وغير مبالية بنداءات ومراسلات ومذكرات المركزيات العمالية الثلاث، المطالبة بضرورة فتح تفاوض جماعي ثلاثي التركيبة بغاية التداول في كل قضايا عالم الشغل ومطالب العمال برؤية وطنية وبروح عالية من المسؤولية".
وأوضحت أنها أمهلت الحكومة "الزمن الكافي لمراجعة ذاتها، وإعادة النظر في مقاربتها المبنية على اتخاذ القرارات الانفرادية، بضرب صندوق المقاصة والزيادة المهولة في المحروقات، وإغراق البلاد في المديونية والإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وفي مقدمها التقاعد وتجميد الأجور والتعويضات، والترقيات، وعدم الالتزام بما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011، خاصة إحداث درجة والتعويض عن الإقامة في المناطق النائية، وضرب الحريات النقابية، وفبركة المحاكمات الصورية، ومتابعات المسؤولين النقابيين، وتجميد التشريعات والقوانين، لكن مع الأسف ظلت متمسكة ومصرة على عدم اتخاذ أي مبادرة إيجابية منصفة للطبقة العاملة".
وأبدت إصرارها "على خوض كل الأشكال النضالية خلال شهر أيار (مايو) 2015، دفاعا عن الحريات والحقوق العمالية، ودفاعا عن الكرامة، وردا على الاستهتار الحكومي بالحركة النقابية، وعلى تجاهلها الإرادي لصوت الطبقة العاملة المغربية".

مطالب النقابات
وتشترط النقابات الموافقة على مطلب الزيادة في الأجور بنسبة 20 في المائة للعودة إلى طاولة الحوار، وتخفيض الضغط الضريبي على الأجور وتحسين الدخل، والزيادة في المعاشات، وسن مقاربة تشاركية في إصلاح منظومة التقاعد، وخلق خلية وزارية لتنقية الأجواء الاجتماعية في الوحدات الإنتاجية لإيجاد الحلول لها.
يشار إلى أن نقابتي الاتحاد الوطني للشغل، التابعة لحزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحاكم)، والمنظمة الديمقراطية للشغل شاركتا في احتفالات عيد العمال.
&
&