إيلاف من القاهرة: يرى خبراء الاقتصاد أن سياسة التقشف هي الحل الوحيد أمام أي دولة تعاني من مشكلة اقتصادية مثل: عجز الموازنة، وانخفاض الإيرادات مقارنة بالنفقات العامة للدولة إلى أن تقوم بزيادة الإنتاج، وبالتالي زيادة إيراداتها حتى تخرج من تلك الأزمة. 

وأشاد الخبراء بقرارات اللجنة الوزارية الاقتصادية برئاسة شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بخفض التمثيل الخارجي في البعثات الدبلوماسية التابعة للوزارات بنسبة 50%، والاعتماد على كوادر وزارة الخارجية في تنفيذ ومتابعة الأعمال، وضغط الإنفاق في الوزارات والهيئات والجهاز الإداري للدولة بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% دون المساس بالأجور والرواتب والاستثمارات، وأكدوا أن الخطوات التي تتخذها الحكومة تأتي في إطار سياسات التقشف وترشيد الإنفاق، في ظل العجز الكبير في ميزانية الدولة، ومواجهة التحديات والضغوط الاقتصادية الكبيرة، مشيرين إلى أن القرار سيصب في صالح الموازنة العامة للدولة.

تجارب دولية 

منذ ثورة 23 يوليو فإن مصر انتهجت سياسة التقشف خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي قرر أن يتخذ قرارات للتقشف وتوجيه الجزء الأكبر من ميزانية الدولة إلى بناء الجيش في أواخر الستينيات، ولقد اتبعت العديد من الدول سياسة التقشف ومن أبرزهم: أسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والمغرب، والجزائر، والسودان، واليونان. 

فقد اتخذت الحكومة اليونانية حزمة إجراءات تقشفية في 9 فبراير 2010 لمواجهة عجز الميزانية، منها خفض إجمالي النفقات العامة على الأجور والرواتب بنسب تتراوح من 1% إلى 5.5% عبر تجميد رواتب الموظفين الحكوميين، وتقليص مكافآت العمل الإضافي وبدلات السفر، ورفع الضرائب على القيمة المضافة وعلى السيارات المستوردة وعلى المحروقات، أيضا السعودية وتونس أعلنتا البدء في اتخاذ إجراءات تقشفية، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية خفض مرتبات الوزراء بنسبة 20%، ووضع حد أقصى على العطلات والخدمات الأخرى للموظفين، بالإضافة إلى تخفيض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (160 شخصًا) والإعانات المخصصة لهم لأغراض السكن، أما رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد فقرر خفض رواتب كل وزرائه بنسبة 30% في خطوة رمزية تهدف إلى تقليص الإنفاق العام في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، وقال بيان الحكومة إنه تم خفض رواتب 40 وزيرًا وكاتب دولة بحوالي 500 دولار شهريًا.

إجراءات هامة 

من جانبه أكد محمد حمروش، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة مضطرة لاتخاذ العديد من إجراءات التقشف، من أجل الخروج مؤقتًا من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، والتقشف هو مصطلح يشير في علم الاقتصاد إلى خفض الإنفاق، وغالبًا ما يكون ذلك من خلال تقليص الخدمات العامة، وفي كثير من الأحيان تلجأ الحكومات إلى الإجراءات التقشفية بهدف خفض العجز في الموازنة، وغالبًا ما تترافق خطط التقشف مع زيادة الضرائب.

وقال حمروش ﻠـ"إيلاف": "إن نجاح سياسة التقشف يتطلب اتخاذ إجراءات هامة أخرى من بينها ضرورة تخفيض عدد الحقائب الوزارية والتي يصل عددها إلى نحو 33 وزارة، حيث يجب خفضها إلى 22 وزارة، كما يجب تقليل حجم سيارات الوزراء وأفراد الحرس ورواتب الوزراء ورؤساء شركات القطاع العام".

 كما أضاف أن الحكومة مطالبة أيضًا لنجاح سياسة التقشف، إعادة النظر في أجور ومكافآت كبار موظفي الدولة، وإلغاء أي تجديدات داخل المكاتب والهيئات الحكومية، وإعادة النظر في البدلات والمكافآت الخاصة بكبار المسئولين، والتي تصل إلى نحو 8 ملايين جنيه أنفقت على البدلات.

وتوقع في حال نجاح سياسة التقشف داخل الجهاز الإداري بالدولة توفير ما لا يقل عن 200 مليار جنيه سنويًا، يمكن الاستفاده منها في مشروعات أخرى تعود بالنفع على توفير فرص للشباب العاطل.

وطالب الخبير الاقتصادي، رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، أن تكون وزارة الخارجية أولى الوزارات التي يجب عليها تنفيذ سياسة التقشف في مصر، حيث كشفت بيانات وزارة المالية ارتفاع موازنة الشؤون الخارجية في موازنة العام المالي الجاري لتصل إلى 6 مليارات جنيه، مقابل 5 مليارات العام الماضي 2015-2016، كما تبلغ موازنة الهيئة العامة لصندوق تمويل مباني وزارة الخارجية في الخارج نحو 2.3 مليار جنيه مقابل نحو 1.8 مليارًا العام المالي الماضي، وهذه نفقات مبالغ فيها بشكل كبير.

تقاريردورية

من جانبه أشاد النائب محمود عباس الصعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، بقرار اللجنة الوزارية الاقتصادية بمجلس الوزراء، بخفض التمثيل الخارجي في البعثات الدبلوماسية التابعة للوزارات بنسبة 50%، وضغط الإنفاق في الوزارات والهيئات والجهاز الإداري للدولة بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20% دون المساس بالأجور والرواتب والاستثمارات، مؤكد ًا أن ذلك يصب كثيرًا في صالح تحسن الاقتصاد المصري ومواجهة العجز الكبير في موازنه الدولة.

وطالب عضو مجلس النواب، الحكومة بالإعلان عن الإجراءات التي اتخذت لتنفيذ قرارات التقشف في الوزرات، وحجم الأموال التي سيتم توفيرها من تلك الإجراءات، كما يجب سرعة تفعيل هذه الخطوة سريعًا، حتى يثق المواطن في قرارات الحكومة.

وأكد الصعيدي، أن مجلس النواب سوف يتابع قرارات الحكومة بشأن تنفيذ سياسة التقشف أولًا بأول، من خلال إلزام رئيس الوزراء بتقارير دورية عن تنفيذ سياسة التقشف في الجهاز الإداري بالدولة.