حذر خبراء اقتصاديون من تراجع خطير في الاقتصاد المصري في سابقة لم تحدث من قبل، حيث بلغ العجز في الموازنة العامة للدولة ٣١٩ مليار جنيه، ومن المتوقع زيادة العجز في 2016 إلى 13%.

إيلاف من القاهرة: وصلت فوائد الديون في الموازنة المصرية لعام ٢016/2017 إلى نحو 300 مليار جنيه، ما يعني أن العجز كليًا وصل إلى 600 مليار جنيه، وأن الدين العام قفز لـ 100 % ، وهو ما يضع الاقتصاد المصري على حافة الهاوية.

وفي إقرار رسمي من قبل الحكومة المصرية بالمأزق الاقتصادي للدولة أعلن عمرو الجارحي، وزير المالية، أن العجز في الموازنة العامة للدولة بلغ ٣١٩ مليار جنيه، وهي لا تحتمل أي زيادة إنفاق لأي وزارة أو هيئة؛ بسبب التحديات الصعبة التي تواجه الاقتصاد المصري.

 محذرًا من زيادة العجز هذا العام إلى 13% ما يشكل عبئًا على الموازنة العامة للدولة، قائلًا: "العجز موجود معنا في كل الموازنات ، ولكنه لم يصل إلى هذا الحد"، وقال: "إن فوائد الديون بلغت في موازنة العام ٢٠١٥/٢٠١٦ نحو ٢٤٤ مليار جنيه تم تسديدها قبل انتهاء العام المالي للميزانية في ٣٠ يونيو الماضي"، مؤكدًا أن فوائد الديون ستزيد في الموازنة العامة للدولة ٢٠١٦/٢٠١٧، بنحو ٦٠ مليار جنيه على العام السابق، لتبلغ ٣٠٠ مليار جنيه.

تقرير خطير

وفي تقرير خطير صادر عن لجنة الخطة والموازنة والخاص بالموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016- 2017، كشف أن عجز الموازنة يبلغ 305 مليارات جنيه، ويمثل العجز النقدي والفجوة بين حجم المصروفات البالغ 936,1 مليار جنيه، والمتاح من الإيرادات البالغ نحو 631,1 مليار جنيه.

وتمثل نسبة العجز 9,4% من الناتج المحلي الإجمالي المستهدف لتلك السنة، وهو عجز يعكس قصور الإيرادات العامة للدولة عن تغطية نفقاتها العامة المرتبطة بعمليات التشغيل خاصة متطلبات الأجور والدعم ونفقات التعليم والصحة وفقًا لما أقره الدستور.

وأضافت اللجنة في تقريرها: "إن المنح التي حصلت عليها الدولة العام الحالي بلغت 2 مليار و200 مليون جنيه، ولا تغطي سوى 0,4% من إجمالي الإيرادات العامة البالغة 631,1 مليار جنيه، كما أنها لا تغطي سوى 0,2% من إجمالي المصروفات العامة البالغة 936.1 مليار جنيه ،وقد بلغت المنح من الحكومات الأجنبية نحو مليار و300 مليون جنيه، ومن منظمات دولية 600 مليون جنيه، ومن جهات حكومية 300 مليون جنيه".

وأوضح التقرير، تشكيل فوائد القروض نسبة 31,2%من إجمالي الاعتمادات المخصصة للمصروفات في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2016 – 2017 والبالغة 936,1 مليار جنيه وعليه تقدر الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية بمبلغ 292,5 مليار جنيه مقابل 244,0 مليار في موازنة العام الماضي بزيادة قدرها 48,5 مليار جنيه وبنسبة زيادة 19,9% ، وتمثل هذه الفوائد خدمة إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي والذي يبلغ رصيده، حتى 31 ديسمبر 2015، نحو 2301,8 مليار جنيه الفوائد.

انعكاسات سلبية

من جانبه أرجع الدكتور أحمد الحفناوي ، الخبير الاقتصادي ،سبب ارتفاع العجز في الموازنة إلى الإفراط في الاقتراض الداخلي والخارجي، ما أدى إلى تصدير أكبر مشكلة اقتصادية للبلاد خلال السنوات المقبلة.

وأوضح أن تراجع معدلات السياحة بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة كان له أثر على حجم النمو الاقتصادي، وعلى الموارد العامة أيضًا، مضيفًا أن حجم الاستثمارات المتوقع تحقيقها لم تصل إلى الحد المطلوب، ما يشكل عبئًا أيضًا على الموازنة العامة للدولة.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن دعم بعض السلع وعلى رأسها الطاقة تسبب بخسائر على مدار السنوات السابقة بأكثر من 500 مليار جنيه على الرغم من أنه دعم غير واقعي يصل غالبًا إلى الأغنياء فقط، موضحًا أن هذا الأمر شديد الخطورة يجب على الحكومة والبرلمان اتخاذ قرارات قوية تجاه رفع الدعم التدريجي عن بعض السلع .

وقال الحفناوي: "إن القروض الخارجية تم توجيهها لتمويل العجز في الموازنة للدولة وشراء السلع الغذائية، في حين كان من الواجب على الحكومة أن توجه القروض نحو مشروعات استثمارية ذات جدوى اقتصادية وقومية، ذات عوائد تغطي الأصل والفوائد، خاصة وأن القروض الخارجية تجبر الحكومة على تنفيذ سياسة اقتصادية معينة".

وأكد الخبير الاقتصادي أن ارتفاع الديون المحلية خلال الفترة الأخيرة بوتيرة غير مسبوقة في تاريخ مصر له انعكاسات سلبية خطيرة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وأداء الموازنة العامة للدولة، خاصة في ظل التوقعات بارتفاع الديون إلى 3 تريليونات بنهاية العام الجاري 2016، نتيجة لارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة، والانخفاض المستمر في قيمة الجنيه المصري ،ويزداد الأمر سوءًا بإضافة قيمة سداد صفقات السلاح التي وقعتها مصر مع دول فرنسا وروسيا ودول أخرى وقدرها 5 مليارات دولار.

قرارات حاسمة

من جهته قال الدكتور إبراهيم نصار، خبير التخطيط والتنمية الاقتصادية في المعهد القومي للتخطيط: "إن الاقتصاد المصري يواجه أزمة اقتصادية حادة قد تطول لسنوات، مرجع ذلك إلى تراجع موارد النقد الأجنبي الأساسية، وتراجع تحويلات المصريين بالخارج، وتراجع الاستثمارات الأجنبية وكذلك عائدات قناة السويس، كما وفقدت الصادرات المصرية العام الماضي خمسة مليارات دولار".

مشيرًا إلى أن الحكومة لجأت إلى خطوات للحد من الأزمة بقرارات خاطئة مثل: طباعة العملات النقدية "البنكنوت" دون غطاء من العملة الأجنبية واحتياطات الذهب، ما كان سببًا مباشرًا بزيادة مستويات التضخم، وهو ما يضع مصر على حافة أزمة حقيقية لم تصل إليها من قبل.

ويرى الدكتور إبراهيم نصار أن الحل يكون بالاعتماد على الاقتصاد المصري الذي يشتمل على موارد حقيقية ضخمة وإعادة إنعاش الصادرات وتحويلات المصريين بالخارج، كما يجب ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة، وتطبيق عمل الضرائب التصاعدية مثل كل دول العالم، وترشيد النفقات الحكومية مثل السفريات وبنزين السيارات وغيرها من النفقات،كما يجب على الحكومة تحديد الواردات القادمة لمصر على أن تكون المهمة فقط، إضافة إلى وضع ضرائب تصاعدية على الدخل، إضافة إلى التحكم في سعر السوق سواء سعر صرف العملات أو المنتجات وإعادة تشغيل المصانع المغلقة والمصانع التي عادت بحكم محكمة.