يجتمع كبار منتجي النفط الاحد في الدوحة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق على تجميد الانتاج لخفض الفائض المعروض في الاسواق وانعاش الاسعار المتهاوية، وسط شكوك حول تجاوب إيران مع هذا الطرح.

الكويت: على الرغم من ابداء قطر "اجواء من التفاؤل" الخميس، بشأن الاجتماع النفطي المقرر في الدوحة يوم الأحد، ينقسم محللون حول النتائج المتوقعة من الاجتماع الذي سيضم اعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ابرزها السعودية، ودولاً من خارج المنظمة ابرزها روسيا، ومدى تأثيره السلبي أو الايجابي على الاسعار واسواق النفط.

ويأتي الاجتماع بعد اتفاق اربع دول نفطية، ابرزها السعودية وروسيا في شباط (فبراير) على تجميد الانتاج عند مستويات كانون الثاني/يناير، بشرط التزام المنتجين الكبار الآخرين بذلك.

ويقول فؤاد رزاق زادة، المحلل في مؤسسة "سيتي اندكس" المالية، "الانطباع العام انه سيتم الاتفاق في الدوحة على تجميد الانتاج عند مستوى كانون الثاني/يناير"، مرجحًا أن "يمنح ذلك الاسعار دفعًا اضافيًا على المدى القصير".

وسجلت أسعار النفط بعض التحسن خلال الفترة الماضية، بعد تراجع بدأ منذ منتصف العام 2014 وأفقد برميل النفط زهاء 70 بالمئة من سعره. وواصلت الاسعار الارتفاع في الايام الماضية مع ترقب اجتماع الدوحة.

الا ان التوصل إلى اتفاق خلال الاجتماع ليس مضمونًا، نظرًا لتباينات بين المنتجين الكبار، خصوصًا الخصمين اللدودين السعودية وإيران.

فالمملكة تصر على انها لن تلتزم باتفاق تجميد الانتاج ما لم تقدم إيران على الخطوة نفسها. اما الجمهورية الاسلامية العائدة حديثًا إلى سوق النفط العالمية فلا ترغب بتجميد انتاجها عند مستوى كانون الثاني/يناير، الشهر الذي بدأ فيه رفع العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وقالت أوبك في تقرير الاربعاء، إن انتاج إيران بلغ 3.3 ملايين برميل يوميًا في آذار (مارس)، في مقابل 2.9 ملايين في كانون الثاني (يناير).

ويستبعد فهد التركي، رئيس ادارة الابحاث في شركة "جدوى للاستثمار"، ومقرها الرياض، "قيام المملكة العربية السعودية بخفض انتاجها (...) وقبولها بزيادات كبيرة في الانتاج من منتجين آخرين".

ويرى التركي أن اتفاقًا شاملاً بين المشاركين في اجتماع الدوحة قد يساهم في بناء الثقة بين منتجي النفط والتمهيد لخفض الانتاج مستقبلاً.

ولم تعلن قطر رسميًا أسماء الدول المشاركة في الاجتماع، علمًا انه سبق لها تأكيد دعوة كل دول أوبك، بما فيها إيران، إلى الاجتماع. وبقي تأثير الاتفاق الذي تم التوصل إليه في شباط (فبراير)، والذي شمل السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر، محدودًا على الاسواق.

تحذير من استمرار الفائض

وحذرت أوبك في تقريرها الشهري الاربعاء من استمرار الفائض في إمدادات النفط، مخفضة كذلك بشكل طفيف توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذه السنة، ومشيرة إلى أنّها قد تخفضها بشكل اضافي.

ويعود تراجع اسعار النفط عالميًا لاسباب عدة، منها الفائض في الكميات المعروضة لا سيما بعد زيادة انتاج النفط الصخري الاميركي، في مقابل تراجع الطلب لا سيما من جانب الصين. وكبّد هذا الانخفاض الدول النفطية مليارات الدولارات من الايرادات.

وبعد تسجيله ادنى مستوى له خلال 13 عامًا في شباط (فبراير) (27 دولارًا للبرميل)، استعاد النفط بعضًا من عافيته خلال الاسابيع الماضية، وتم تداوله هذا الاسبوع بأعلى بقليل من اربعين دولارًا للبرميل.

إيران لن تشارك

أعلن ناطق باسم وزارة النفط الايرانية الجمعة ان الوزير بيجان نمدار زنكنه لن يشارك في اجتماع الدوحة لكبار منتجي النفط الاحد والهادف لبحث تجميد الانتاج.

وقال اكبر نعمة الله "سبق ان اعلنت ايران انه ليس بامكانها الانضمام الى خطة لاستقرار اسعار النفط طالما لم تستعد مستوى الانتاج والتصدير الذي كان قائما قبل العقوبات" كما اوردت وكالة شانا التابعة للوزارة.

واوضح ان ممثل ايران في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) حسن كاظم بور اردبيلي سيكون حاضرا في الدوحة.

واضاف "لكن ايران تدعم جهود دول اوبك وغير الاعضاء في المنظمة لتامين استقرار السوق ودعم الاسعار" موضحا ان "ممثل ايران سيزور الدوحة لشرح موقف طهران ودعم الجهود الهادفة لتحسين وضع السوق".

ويجتمع كبار منتجي النفط الاحد في قطر لبحث تجميد الانتاج من اجل دعم الاسعار. وياتي ذلك بعد توصل اربع دول نفطية ابرزها السعودية (اكبر منتجي النفط الخام عالميا)، وروسيا (احد ابرز المنتجين من خارج اوبك)، الى اتفاق في شباط/فبراير لتجميد انتاج النفط عند مستويات كانون الثاني/يناير، بشرط التزام كبار المنتجين الآخرين بالامر نفسه.

ومنذ دخول الاتفاق النووي الموقع بين ايران والقوى الكبرى حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير ورفع قسم من العقوبات الدولية، زادت طهران صادراتها بمقدار مليون برميل في اليوم في كانون الاول/ديسمبر لتصبح حوالى مليوني برميل في مطلع نيسان/ابريل بحسب وزير النفط الايراني.

ترقب للموقف الروسي

وحذرت المنظمة الدولية للطاقة الخميس من الافراط في بناء انتظارات على الاجتماع.

ويرى الخبير في شؤون النفط في جامعة جورج تاون جان - فرنسوا سيزنك أن الموقف الإيراني لن يكون المشكلة الوحيدة في الاجتماع، لان قدرة إيران على زيادة انتاجها في 2016 تقتصر على نحو 300 الف برميل يوميًا.

ويوضح "اعتقد أن مصدر القلق الاساسي بالنسبة للمنتجين لن يكون ما اذا جمدت إيران انتاجها أم لا، بل ما اذا كانت روسيا ستقوم بذلك"، علمًا أن موسكو هي من ابرز المنتجين خارج أوبك.

وسبق للمنظمة أن رفضت خفض انتاجها على الرغم من الانحدار التدريجي للاسعار. ويعود القرار الذي دفعت باتجاهه دول عدة أبرزها السعودية، إلى الخشية من فقدان دول أوبك حصتها من الاسواق في حال خفضت هي انتاجها، ولم تقم الدول المنتجة الاخرى (من خارج أوبك) بذلك.

وكانت أوبك تأمل من خلال عدم خفض الانتاج، إخراج انواع من النفط ذات كلفة انتاج مرتفعة من المنافسة، كالنفط الصخري الاميركي، كون الاسعار المنخفضة ستجعل الطلب عليه ضعيفًا.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أنّ الدول الاعضاء انتجت 32.25 مليون برميل يوميًا في آذار (مارس)، ثلثها تقريبًا من السعودية، بارتفاع عن معدل الانتاج في 2015 الذي كان يبلغ 31.85 مليون برميل يوميًا.

ويقول المحلل في المؤسسة المالية "ناتيكيس" ديشبندي ابيشيك لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "مباحثات التجميد بين أوبك والدول خارجها ستحدد السرعة التي يمكن من خلالها اعادة التوازن للاسواق، وإلى أي حد يمكن لاسعار النفط ان ترتفع".

ويضيف أنّ اتفاق التجميد في حال شمل إيران، سيجعل "الاسواق متوازنة تمامًا" في الربع الثالث من هذه السنة.

وبحسب التقديرات، بلغ الفائض خلال الربع الاول من 2016، 2.3 مليون برميل يوميًا. وفي حال استمرار هذا الاتجاه، يقدر ان تبلغ المخزونات الاستراتيجية والتجارية 1.5 مليار برميل بحلول الصيف.

ويرى المحلل الاقتصادي في "ساكسو بنك" كريستوفر دمبيك أنه "ايًا تكن نتيجة الاجتماع، سعر النفط لن يتعافى قريبًا إلى مستوى يؤدي إلى توازن المالية العامة لغالبية المنتجين".

ويحذر من أنّ الفشل في الاتفاق قد يعيد سعر البرميل إلى مستويات تتراوح بين 30 و33 دولارًا.