بعد أسبوعين من القرار التاريخي للبريطانيين بالخروج من الاتحاد الاوروبي، بدأت المخاوف من تأثيره الاقتصادي تتحول واقعًا من قطاع العقارات الى التجارة والوظائف والجنيه الاسترليني.

لندن: لم يتأخر قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي في ان يضرب بقوة سوق العقارات، هذا القطاع الاساسي في الاقتصاد البريطاني الذي شهد ازدهارا كبيرا في السنوات الاخيرة.

واضطرت ست مجموعات مالية تدير ما مجموعه نحو 15 مليار جنيه من الموجودات في القطاع العقاري التجاري (مكاتب، محلات تجارية...)، لإغلاق أبوابها موقتا منذ بداية الاسبوع بسبب عجزها عن تلبية طلب مستثمرين يريدون استعادة حصصهم. وما يثير القلق هو ان هذه الظاهرة لم تتكرر منذ 2008.

والنتيجة هي ان اسهم العقارات والمجموعات المالية التي تعامل مع هذا القطاع شهدت هبوطا حادا في بورصة لندن.

تراجع

واعلنت مجموعتان تديران صناديق عقارية ان قيمة ممتلكاتهما العقارية في بريطانيا تراجعت 15 بالمئة على الاقل.

ونشرت مجموعة "ابردين فاند ماناجيرز" بيانا مساء الاربعاء اوضحت فيه ان المستثمرين الذين يريدون سحب اموالهم ظهر الخميس عليهم ان يقبلوا بخسارة 17 بالمئة من قيمة المبلغ الذي اودع، بالمقارنة مع قيمته ظهر الاربعاء.

وصرح ناطق باسم هذه الشركة المالية في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان قيمة 79 عقارا تجاريا لصندوقيها تراجعت بهذه النسبة حسب تقديرات للتقلبات الكبيرة في السوق منذ الاستفتاء. وكانت هذه العقارات تساوي 3,2 مليارات في نهاية مايو (3,7 مليارات يورو بسعر الصرف الحالي).

اما المجموعة الثانية "ليغال اند جنرال اينفستمنت مانيجمنت" فاوضحت انها فرضت خفضا نسبته 15 بالمئة ايضا بسبب انخفاض اسعار العقارات. وتدير صناديق هذه المجموعة اكثر من مئة عقار تجاري (محلات تجارية، مصانع، مكاتب) كانت قيمتها الاجمالية تبلغ حوالى 2,3 مليار جنيه في 30 يونيو.

لكن بمعزل عن البورصة وتقلباتها المالية المعقدة، اثرت الخطوة البريطانية على قطاع البناء باكمله. وتراجع مؤشر البناء ليونيو، الشهر الذي اجري فيه الاستفتاء، للمرة الاولى منذ منتصف 2013 وبوتيرة لم تسجل منذ 2009 خلال انهيار قطاع العقارات الذي نجم عن الازمة المالية.

امتناع عن التسوق

في أوج موسم التنزيلات، عزف بعض البريطانيين عن التسوق. وأفادت أرقام نشرها مكتب "سبرينغبورد" الاستشاري ان التردد على الشوارع التجارية الكبرى (هاي ستريتس) انخفض بنسبة 11 بالمئة في 28 و29 يونيو بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وقالت ديان ويرل التي تعمل في هذه المجموعة "لم ينشغل الناس بالتسوق وهم يشعرون ربما بالقلق حيال المستقبل وما سيحصل لنا".

والمؤشرات الاولى سلبية في مجمل قطاع الخدمات الذي يحتل حيزا كبيرا في الاقتصاد البريطاني. وكشف مؤشر هذا القطاع الثلاثاء عن تباطؤ كبير في يونيو لان عددا كبيرا من الشركات ارجأت او الغت طلبياتها بسبب الغموض المحيط بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

الفترة التي درست تغطي خصوصا الايام التي سبقت الاستفتاء، لكن هذا التباطؤ يمكن ان يؤدي الى ابطاء النمو ليصل الى 0,2 بالمئة في الربع الثاني مقابل 0,4 بالمئة في الفصل الاول من السنة، حسب مكتب "ماركيت" الاستشاري.

التوظيف يتراجع

بدأ سوق الوظائف يتراجع بعد ان كان بخير في السنوات الاخيرة اذ تفيد آخر الاحصاءات الرسمية ان نسبة البطالة بلغت 5 بالمئة في ابريل اي ادنى مستوى منذ احد عشر عاما. في قطاع الخدمات سجل معدل التوظيف في يونيو ادنى مستوى له منذ حوالى ثلاث سنوات، حسب مجموعة "ماركيت".

وما يثير القلق اكثر من ذلك برأي مجموعة "سي اي بي تالنت نيورون" هو ان عدد الوظائف المعروضة التي نشرت بعد التصويت (من 23 يونيو الى 04 يوليو) تراجع بمقدار النصف الى 817 الفا و376 مقابل 1,466 مليونًا في الاسبوع الي سبقه.

تراجع الجنيه

هبط سعر الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الى ادنى مستوى منذ 31 عاما، بنسبة حوالى 15 بالمئة مقابل الدولار واليورو منذ الاستفتاء. وقبل ان تتأكد المؤشرات الاولى التي تتوقع حدوث تضخم كبير بسبب ارتفاع منتجات عدة يتم شراؤها في الخارج، سيؤثر انخفاض سعر العملة البريطانية على البريطانيين الذين سيتوجهون الى اسبانيا وفرنسا لقضاء الاجازة اذ انهم سيلمسون تراجع القدرة الشرائية للجنيه. والنتيجة نفسها للعديد من المتقاعدين المقيمين في جنوب اوروبا.

لكن الشركات المصدرة تستفيد من هذا الانخفاض في العملة البريطانية مع زيادة القدرة التنافسية لبضائعها. لكن الغموض المحيط بالبقاء في السوق الاوروبية المشتركة يثير قلقا، وخصوصا في قطاع السيارات الذي ينتج في المملكة المتحدة 1,5 مليون سيارة يتم تصدير الجزء الاكبر منها الى اوروبا.

وقد بدأ هذا القطاع يدفع ثمن هذا الغموض اذ سجل في يونيو انخفاضا في تسجيل السيارات نسبته 0,8 بالمئة على مدى عام، وهو اول تراجع منذ اكتوبر.

خفض التصنيف 

ادى قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الى خفض التصنيف الائتماني لبريطانيا من قبل اثنتين من الوكالات العالمية الثلاث "ستاندارد اند بورز" (من الدرجة الممتازة AAA الى AA) و"فيتش" (من AA+ الى AA). اما موديز فهددت بخفض الدرجة.