يؤكد محللون ان بريطانيا لن تخرج من الاتحاد الاوروبي قريبًا، موضحين أن آلية الانسحاب تستلزم جملة واسعة من الإجراءات التي لا بد أن تبدأ باستحضار بريطانيا للمادة 50 من معاهدة لشبونة.

لندن:&في حال&اطلقت الحكومة البريطانية آلية الخروج بموجب المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تمنح الدول الاعضاء حق الانسحاب، فإن عامين على الأقل من المفاوضات ستعقب ذلك بشأن الاتفاق على بنود العلاقة الجديدة مع اوروبا، فيما يرجح المحللون تأخر استحضار هذه المادة لزمن طويل. &

وبقرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الاستقالة في الخريف، توقف هذا الزمن الى حين انتخاب من يخلفه على زعامة حزب المحافظين، ولن يحدث هذا قبل شهر سبتمبر، وحتى إذا انتُخب عمدة لندن السابق بوريس جونسون الذي قاد حملة الخروج زعيماً للمحافظين، فإن من غير المعروف متى يطلق آلية الخروج باستحضار المادة 50. &

واشار جونسون في صحيفة الديلي تلغراف بعد اربعة ايام على الاستفتاء الى ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي "لن يحدث بعجالة"، بل بدا ان همه هو تبديد الذعر الذي اثاره الانسحاب في اسواق المال وعواصم الغرب، قائلا ان بريطانيا "جزء من اوروبا وستبقى دائماً كذلك". &

شك

في ضوء هذه الوقائع يرى محللون ان هناك من الاسباب ما يدعو الى الشك في تنفيذ نتيجة الاستفتاء. فلو بادر كاميرون الى تفعيل المادة 50 لكانت بريطانيا الآن في طريقها الى الخروج بلا رجعة ولكن مناورته بإعلان الاستقالة وبقاء السفينة بلا قبطان أعطى البريطانيين بعض الوقت للتفكير في عواقب الخروج التي اتضح انها أوخم مما كان يعتقد مؤيدو الخروج بعد ان رأوا بأم أعينهم انزلاق النظام السياسي الى الفوضى وهبوط الأسهم بحدة في الأسواق المالية وفقدان الجنيه الاسترليني نسبة كبيرة من قيمته وخفض تصنيف بريطانيا الائتماني، كل بذلك بسبب تصويتهم لصالح الخروج. ويشعر البريطانيون عموماً بالقلق لأن تكاليف الاجازة الصيفية التي تعتبر طقساً يمارسه الجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم الطبقية، ارتفعت بنسبة 12 في المئة. &&

وبذلك يكون معسكر الخروج مسؤولا عن تكبيد البريطانيين واقتصاد بلدهم خسائر حذر منها معسكر البقاء قبل الاستفتاء. ولا شك في ان وظائف ستنتقل من لندن بوصفها اكبر مركز مالي في العالم الى مدن مثل دبلن وفرانكفورت وباريس.&

ويتوقع لفيف من الاقتصاديين الكبار الآن حدوث ركود في عموم الاقتصاد البريطاني، وهناك ايضاً مستقبل المملكة المتحدة. فاذا كان الحديث عن استقلال اسكتلندا مبالغاً فيه فان هناك اتفاقاً بين المحللين على ان خروج بريطانيا ينذر بأكبر ازمة في العلاقة بين انكلترا واسكتلندا منذ اتحادهما في عام 1707، وسيضع موضع تساؤل ايضاً مستقبل ايرلندا الشمالية التي تتلقى دعماً مالياً كبيراً من بروكسل وصوتت لصالح البقاء مثلما صوتت اسكتلندا.&

ومن الجائز ان يشمت قادة الاتحاد الاوروبي بحال البريطانيين وهم يكتوون بنار الخروج التي اشعلوها بأنفسهم لبعض الوقت، فالحديث عن الشروع فورا بعملية الخروج خَفَت وارتفعت بدلا منه دعوات الى الصبر والتأني. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن بيتر آلتماير مدير مكتب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قوله "ان السياسيين في بريطانيا يجب ان تتاح لهم امكانية التفكير مجددا في تداعيات الخروج". واضاف ان الخروج الآن ستكون له "عواقب بالغة الأثر". &والأرجح ان غالبية السياسيين البريطانيين يتفقون معه وينظرون الآن في سبل وقف المسيرة نحو باب الخروج. &

اضطرابات أهلية

من الامكانات التي يطرحها مؤيدو البقاء التصويت في مجلس العموم ضد تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، واشار خبراء دستوريون الى ان السيادة في النظام البريطاني للبرلمان، وان التصويت لصالح الخروج في الاستفتاء هو رأي استشاري محض. ولكن نقض نتيجة الاستفتاء قد لا يكون خياراً واقعياً، لأن تجاهل ارادة أكثر من 17 مليون شخص صوتوا مع الخروج يمكن ان يفجر اضطرابات أهلية. &

الاحتمالات الأرجح هي إجراء انتخابات جديدة أو استفتاء جديد أو كليهما. فيما&ارتفعت اصوات داخل مجلس العموم تدعو الى انتخابات مبكرة، في حين أن كاميرون لم يرفض الفكرة وقال ان القرار متروك لمن يأتي بعده في زعامة المحافظين. &

وذكرت مجلة نيويوركر ان غالبية السياسيين والمعلقين البريطانيين الذين التقتهم خلال الايام الماضية يعتقدون ان جونسون سيكون رئيس الوزراء المقبل ولكن ما هو ليس مؤكدا ان يتمكن جونسون من تنفيذ وعده بالخروج من الاتحاد الاوروبي مع إبقاء السوق الاوروبية الموحدة مفتوحة لبريطانيا بالكامل. وإذا لم يتمكن جونسون من ضمان بقاء السوق الاوروبية الواسعة مفتوحة للشركات البريطانية فان حماسته للخروج ستفتر. وثمة مؤشرات الى ان استقالة كاميرون جاءت دون ان يكون جونسون مستعدا لدخول 10 داوننغ ستريت بدلا منه. &وهو إذا تسلم رئاسة الحكومة فانه سيواجه نواباً معارضين من داخل حزبه ودعوات الى انتخابات مبكرة سيجد من الصعب مقاومتها. &

ومن الجائز ان يخوض الديمقراطيون الأحرار وحزب العمال بقيادة جديدة ذات مصداقية غير قيادة جريمي كوربن، الحملة الانتخابية ببرنامج &يعد بإجراء استفتاء جديد. وستلقى احزاب المعارضة الحالية تأييداً كبيراً من قطاع المال والاعمال ومن محافظين منشقين الى جانب قواعدها الانتخابية الكبيرة. &&

ولكن من المتعذر التهكن في هذه المرحلة بالسيناريو الذي ستكون له الأرجحية نظرا لكثرة المتغيرات. &

أعدت "إيلاف" هذه المادة عن مجلة نيويوركر على الرابط ادناه:

http://www.newyorker.com/news/john-cassidy/why-brexit-might-not-happen-at-all