رغم تفاقم أزمة الدولار في مصر، إلا أن الاقتصاد حقق نسبة نمو 4.2 في المائة في العام المالي الماضي، ومن المتوقع أن يحقق نموًا مشابهًا في العام الحالي.

إيلاف من القاهرة: أثمر برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي تنفذه الحكومة المصرية تحسنًا في المؤشرات الاستثمارية والاقتصادية، فاستطاع الاقتصاد تحقيق نسبة نمو مرتفعة، على الرغم من توقع المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري بتحقيق معدل نمو 3.2 في المئة فقط، لا سيما أن الحكومة تعمل على دفع عجلة النمو لتحقيق معدل يصل إلى 5 في المئة. وهذه النسبة، بحسب وزارة التخطيط المصرية، هي الأعلى منذ عام 2010.

ووفقاً لتصريحات نائب رئيس صندوق النقد الدولي السابق، الدكتور فخري الفقي، فإن التقديرات الأولية لمعدلات النمو بالاقتصاد المصري كانت تتوقع نمواً يتراوح ما بين 4.5% و5% مع بداية السنة المالية 2015 و2016، موضحًا أن البنك الدولي بعد 6 أشهر من السنة المالية يراجع معدلات النمو في الدول الأعضاء ومنها مصر، وأعلن أن معدلات النمو الاقتصادي ستصل إلى 4.2% فقط.

وأضاف الفقي لـ"إيلاف" أن المشروعات القومية والكبرى التي دشنها الرئيس السيسي، ساعدت في تحسن النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى أن معدلات النمو يتم قياسها عن طريق معدلات إنتاج السلع والخدمات. ونوه بأن مشروعات السيسي لم تنتج سلعًا، ولكنها تقدم خدمات وكل هذا لعب دورا في تحسن معدل النمو الاقتصادي.

المشاريع الكبري

وقال الخبير الاقتصادي، شريف دولار، إن تقارير المؤسسات الدولية التي تؤشر إلى أن المعدل في الاقتصاد المصري، وصل إلى 2.5% غير دقيقة، مضيفًا أن هذا معدل النمو وصل إلى 4.2%.

وأضاف دولار لـ"إيلاف" أن السبب الرئيس في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في مصر، ترجع تنفيذ الحكومة سلسلة من المشروعات الكبرى، مثل إنشاء مصانع الأسمنت والحديد وشق قناة السويس الجديدة، مشيرا إلى أن المشروعات الكبرى التي قام بها الرئيس السيسي لعبت دورا كبيرًا في تحسن النمو الاقتصادي المصري.

وتعاني الموازنة المصرية عجزًا في حسابها الجاري، على خلفية تدهور الفائض في ميزان الخدمات والتحويلات. انخفضت الصادرات بنسبة 25.0 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، على الرغم من خفض قيمة العملة بنسبة 8.8 في المئة، ويرجع ذلك في الأساس إلى انخفاض في قيمة صادرات النفط. في موازاة ذلك، انخفضت الواردات بنسبة 10.4 في المئة على اساس سنوي. وفي وقت لاحق، عجز الحساب الجاري في مصر أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 11.9 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، ارتفاعًا من 3.3 مليارات دولار في الفترة نفسها من عام 2014.

وحسب تصريحات الخبير الاقتصادي شريف دولار لـ"إيلاف"، فإن السياحة العربية لعبت دورًا كبيرًا في تحسن النمو بعد تحول سائحي الدول العربية إلى قضاء عطلاتهم في مصر، ما ساعد على انتعاش السياحة بعد توقفها وتعرضها للعديد من المشكلات، مضيفاً أن غلاء الأسعار في تركيا، والمشاكل الأمنية التي تعاني منها تونس، ساهما أيضاً في انتعاش حركة السياحة إلى حد كبير.

ولفت دولار إلى أنه "من المهم أن يشعر المواطن العادي بعائدات النمو الاقتصادي، موضحاً أن مصر حققت معدلات نمو وصلت إلى 8%، قبل اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وعلى الرغم من ذلك قامت ثورة، لأن النمو لم يكن يوزع بطريقة عادلة".

ونبه إلى أن ارتفاع معدلات النمو ليست دليلاً دامغاً على تحسن الوضع الاقتصادي للبلاد والعباد، منوهاً بأن التحسن مرتبط بخطط تنمية قصيرة وطويلة الأجل، تضمن توزيع الناتج على أغلبية الشعب المصري.

تعزيز التقشف

وتراجع العجز الكلي للموازنة تدريجًا من 13.0 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2013 حتى 12.2 في المئة في العام المالي 2014 وحتى 11.5 في المئة في العام المالي 2015، ما ساعد على دعم الطاقة المنخفضة وفرض حدود صارمة على الأجور والعمالة.

وثمة أدلة على أن الحكومة ستعمل على تعزيز حملتها التقشفية في السنة المالية الحالية، وأن تسجل ميزانية 2016 أهدافها الطموحة. ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الاجمالي رقمًا ونسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016، وأن يتراجع إلى 8.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016.

وشهد ما انصرم من العام المالي 2016 إنجازات مهمة، منها التحول من سياسة نقدية متكيفة إلى سياسة ضيقة وسط ارتفاع التضخم، وتخفيف ضوابط رأس المال، والشروع في قواعد استيراد جديدة تهدف إلى حل مسألة نقص النقد الأجنبي المزمنة في مصر. جاء ذلك لموازاة الضغط على البنك المركزي من الاحتياطيات الرسمية الإجمالية على الرغم من ودائع مجلس التعاون الخليجي. فالتضخم لا يزال مرتفعًا إلى حد كبير بسبب اختناقات العرض وانخفاض قيمة الجنيه المصري. ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في المناطق الحضرية بنسبة 11.0 في المائة على المتوسط في السنة المالية 2015، وبنسبة 9.6 في المئة في المتوسط خلال النصف الأول من عام 2016 المالي. 

وعلى الرغم من ضغوط العملة، تمكنت البنوك المصرية من تسجيل معدلات نمو ناشط في عام 2015. وبدعم من بيئة الاقتصاد الكلي، تحسن الاقتصاد الكلي غير عابئ بانخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار والظروف الإقليمية الصعبة في البلدان المجاورة.

ودعا دولار الحكومة إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات السريعة لإحداث نمو اقتصادي يصل إلى 5%، موضحاً أن أهم تلك الإجراءات هي: إصلاح المنظومة الاقتصادية وإصلاح الجهاز الإداري للدولة، والقضاء على الفساد، وإدخال التكنولوجيا في الصناعات المصرية، وزيادة الإنتاجية، واستغلال جميع الموارد الموجودة في مصر، والاعتماد على المنتجات المحلية أكثر من المستوردة.

النمو الشامل 

لكن دولار يحذر في الوقت نفسه، من تحقيق نمو اقتصادي على طريقة الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي استفاد منه الأثرياء فقط، بينما ازداد الفقراء فقراً، ما أدى في النهاية إلى اندلاع ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام حكمه.

وكانت وزارة التعاون الدولي أكدت أن النمو الشامل الذي يخدم جميع قطاعات المجتمع شرط مسبق جوهريًا لتحقيق أي تنمية مستديمة في مصر، "فمصر اعتمدت برنامجًا اقتصاديًا شاملًا، يهدف إلى تحقيق النمو الشامل والمستديم والتخلص من الفقر، أهم محاوره الاستثمار في الثروة البشرية، الأمر الذي تم التركيز عليه في الدستور الجديد، علاوة على الإصلاحات المالية من خلال الدعم الموجه لتحقيق المساواة"، كما قالت.

وأشارت الوزارة في بيان إلى ضرورة التركيز على الاستفادة من قدرات الشباب والمرأة وتلبية احتياجات المناطق المهمشة، موضحة أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد أن عام 2016 هو عام الشباب، ما يؤكد أهمية الاستفادة من ارتفاع نسبة الشباب في سن العمل في مصر، والذي يستطيع أن يسهم بفاعلية في زيادة الإنتاج والدخل.

كذلك شدد بيان الوزارة على أن الحكومة المصرية تولي تعزيز مشاركة المرأة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أهمية قصوى، الأمر الذي تعكسه العديد من بنود الدستور، والذي منح المرأة حقوقًا دستورية غير مسبوقة، إضافة إلى القفزة التاريخية في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، والتي أصبحت تمثل 15 في المائة من نوابه.